انشغل الليبيون في مطاردة رواتبهم من منطقة إلى أخرى، بحثاً عن مصارف تمتلك السيولة، حيث قال المواطن الليبي المبارك المهدي بن يوسف، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة وضعت في الحساب المصرفي منحة الأبناء والرواتب لشهرين، لكن المشكلة في عدم توافر "الكاش" في الصرافات الآلية التابعة للمصارف.
وأوضح المواطن الليبي أنه سافر من منطقة إلى أخرى بغرض سحب ألف دينار (ما يعادل 208 دولارات)، ولكن دون جدوى.
وأكد بن يوسف: "لا توجد سيولة نقدية في مدينة مزدة النائية التي تبعد 186 كيلومتراً عن العاصمة، لذلك ذهبت إلى المدن القريبة التي تبعد 80 كيلومتراً مثل غريان والأصابعة ويقرن، ولكنني لم أجد سيولة" وسط ازدحام شديد للمواطنين أمام الفروع المصرفية بالتزامن مع نفاد السيولة بالمصرف.
وشرح علي البوسيفي من قرية نسمة النائية أنه قطع مسافة 210 كيلومترات للوصول إلى طرابلس أملاً بالحصول على ألف دينار من مصرف شمال أفريقيا، ثم عرج إلى مدينة مصراتة بغرض سحب ألف دينار أخرى. ولفت إلى أنه بحاجة إلى النقود لمجاراة الغلاء في الأسواق.
ومن جهة أخرى، قال عماد الشعالي: "انتظرت ثلاثة أيام من أجل سحب مبلغ ألف دينار من مصرف التجاري الوطني في طرابلس، وأما بالنسبة لماكينة الصراف الآلي في الشوارع فهي تعمل في الصباح فقط، والسحب لا يتعدى 200 دينار".
وصرفت حكومة عبد الحميد الدبيبة مرتبات شهري مارس/ آذار وإبريل / نيسان، ونفذت وعدها بدفع منحة الأبناء لتسعة شهور.
وخلال عيد الفطر كان هناك ازدحام واكتظاظ في الأسواق بسبب ارتفاع في الطلب (الموسمي) لشراء الملابس الجديدة والهدايا والحلويات، حيث تكثر الزيارات ما بين الأهالي والأقارب.
ويتكرّر مشهد النّاس المصطفين يوميّا أمام المصارف بانتظار الحصول على بضع مئات من الدّينارات، التي هي جزء ممّا يملكونه فعلا في حساباتهم البنكيّة.
ومنذ عشر سنوات، يعاني الجهاز المصرفيّ اللّيبيّ من أزمة سيولة نقديّة، خاصة بعد لجوء المواطن لاكتناز الأموال في البيوت، بسبب فقدان الثّقة في الجهاز المصرفيّ نتيجة التّخوّف من عدم استقرار الظّروف الأمنيّة في البلاد.
وأكد المحلل المالي علي سالم أن مشكلة السيولة مستمرة، ولكن توقف بطاقات الصرف الآلي في بعض المناطق مشكلة يعاني منها المواطنون.
وأوضح سالم، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن مصرف ليبيا المركزي منح عطلة لمدة أسبوع للمصارف التجارية، وأن الأزمة تتكرر في كل عيد مع سقف السحب المسموح به ألف دينار لكل صك مصرفي.
ومن جهة أخرى، رأى المحلل الاقتصادي محمد الشيباني أن هناك طلبا متزايدا على السيولة، ويرجع إلى أمرين: أولا تخفيض قيمة الدينار الليبي مطلع عام 2021 مما زاد الطلب على العملة، والأمر الثاني أنه لا توجد آلية من قبل المصرف المركزي بشأن العملة المتداولة خارج القطاع المصرفي، وكذلك المطبوعة في البنك المركزي الموازي.
وأضاف أنّ مصدر السّيولة بالنّسبة للمصارف هو مبيعات الدّولار وإيداعات الزّبائن، فيما مبيعات الدّولار هي من سيولة المصارف حاليّا، بينما إيداعات الزّبائن محدودة لارتباطها بالثّقة في الجهاز المصرفيّ.
وتتوزع العملة المتداولة لدى الجمهور ما بين التّداول في السّوق والاكتناز في البيوت، وعرض النّقود يتكوّن من العملة خارج المصارف، بالإضافة إلى الودائع تحت الطّلب.