حذر خبراء اقتصاد من الإنفاق العشوائي والموازي الذي يضر بسلامة المالية العامة في ليبيا وخاصة مع ضعف الدينار، وزيادة الدين العام إلى 260% من حجم الناتج المحلي الإجمالي.
يأتي ذلك متزامناً مع تحذيرات البنك الدولي في تقرير حديث من ارتفاع معدلات التضخم وتراجع المستوى المعيشي، نتيجة الانقسام السياسي في البلاد وسوء الإجراءات الحكومية في التعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية على مختلف القطاعات المحلية.
ولفت البنك الدولي إلى فرصة مؤاتية لتعافي الاقتصاد الليبي إذا استفادت مؤسسات الدولة من انتعاش أسعار النفط في الفترة الحالية، شرط المحافظة على المستويات الحالية للإنتاج التي تقترب من المعدلات الطبيعية.
وحصلت الحكومة المعيّنة من مجلس النواب برئاسة فتحي باشاغا على سلفة مالية بقيمة ملياري دينار من البنك المركزي في البيضاء (شرق)، كما أوقفت تحويل الإيرادات المالية من الضرائب والجمارك للمنطقة الشرقية إلى العاصمة طرابلس.
وردت حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دولياً بإخلاء مسؤوليتها من أيّ التزامات مالية ترتبها الحكومة المكلفة من مجلس النواب (شرق).
ويبلغ الدين العام نحو 137 مليار دينار منها 84 مليارا للمنطقة الغربية و53 مليار دينار للمنطقة الشرقية (الدولار = نحو 5 دنانير)، وسط تصاعد المخاوف في الأوساط الاقتصادية من تداعيات كارثية للانقسام المالي على مختلف القطاعات.
وقال المحلل الاقتصادي محمد الشيباني، لـ"العربي الجديد" إنّ عودة الانقسام تعني مزيداً من الدين العام وطباعة النقود، ما يؤثر سلباً على المالية العامة، وبالتالي ستكون للانقسام تأثيرات سلبية على سعر الصرف.
ودعا الشيباني إلى ضرورة إجراء الانتخابات في الأجل القريب، لأن المشكلة في ليبيا تتمثل في حكومة تقوم بالإنفاق العشوائي، وحكومة أخرى تبحث عن الأموال، دون الاهتمام بمعيشة المواطنين ومحاربة الغلاء والفساد.
من جهة أخرى، رأى المحلل المالي علي ميلاد، أنّ السلفة المالية لحكومة باشاغا تُعتبر قليلة وهي تيسيرية ولا يستطيع البنك المركزي في البيضاء طباعة النقود أو منح سلف مالية أخرى، لأنّ المصارف بالمنطقة الشرقية تعاني من تعسر مالي بسبب السلف المالية لسنوات سابقة وكذلك قفل المقاصة بين الشرق والغرب.
وقال ميلاد لـ"العربي الجديد" إنّ القدرة الشرائية للدينار تراجعت والمطلوب التقشف، لكنّ الحكومتين التي ابتليت بهما ليبيا لا خيار لهما إلّا استنزاف موارد الدولة في الإنفاق الاستهلاكي. وأكد أنّ الرواتب والدعم تصرف من الحكومة الموجودة في العاصمة طرابلس.
يبلغ الدين العام نحو 137 مليار دينار منها 84 مليارا للمنطقة الغربية و53 مليار دينار للمنطقة الشرقية
وفي سياق متصل، حذر وزير التخطيط والمالية في الحكومة المكلفة من مجلس النواب أسامة حماد، مؤسسات الدولة من مغبة التعاون مع حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، باعتبارها "منتهية الولاية".
وقال: "أصدرت مراراً بيانات طالبت فيها الجهات العامة بعدم اتباع تعليمات الدبيبة، مخليا مسؤولية وزارته من أي التزامات مالية أو قانونية تترتب على التعامل مع حكومة طرابلس محليا ودولياً".
وتشهد ليبيا منذ مارس/ آذار الماضي صراعاً بين حكومة باشاغا التي كلفها مجلس النواب، وحكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة جديدة يكلفها برلمان جديد منتخب.
وتعثرت جهود ترعاها الأمم المتحدة لتحقيق توافق ليبي حول قاعدة دستورية تُجرى وفقها الانتخابات، في حين وصل إلى طرابلس، أخيراً، المبعوث الأممي الجديد عبد الله باتيلي، لاستئناف جهود الوساطة بين أطراف النزاع الليبي للوصول إلى تلك الانتخابات.
وكُلفت حكومة الدبيبة تحت رعاية دولية بمهمة أساسية هي تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية كانت مقررة في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، غير أنّ الخلافات بين الفرقاء السياسيين، لا سيما على القانون الانتخابي، أدت إلى تأجيلها إلى أجل غير مسمّى، علماً أنّ المجتمع الدولي كان يعلّق عليها آمالاً كبيرة لتحقيق الاستقرار في البلاد.