ليبيا: إعفاءات ضريبيّة لمواجهة الغلاء

19 نوفمبر 2021
الحكومة تسعى إلى الحد من ارتفاع أسعار السلع (محمود تركيا/فرانس برس)
+ الخط -

أعفت ليبيا السّلع المستوردة من الخارج، من الرسوم الجمركية والضرائب في مسعى لتخفيض الأسعار بالأسواق، فيما يرى خبراء اقتصاد أنّ الأسعار ستواصل ارتفاعها لأسباب عديدة منها الاحتكار الذي يمارسه بعض التجار والمستوردين للسلع الأساسية.
وتوقع صندوق النقد الدولي في تقريره عن الاقتصاد العالميّ المنشور في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، أن يصل التّضخّم في ليبيا في سنة 2021 إلى 20.11%، في حين تشير مصلحة التّعداد والإحصاء الحكومية إلى بلوغ التّضخّم 1.9% في يونيو/ حزيران 2021.
وقال الخبير الاقتصادي، عطيّة الفيتوري، لـ"العربي الجديد" إنّ هناك فوضى في الأسعار بليبيا، لأنّ مورّدي السّلع الغذائيّة والدّوائيّة لا توجد بينهم منافسة، لأنّهم بمعظمهم محتكرون. وأضاف أن الاقتصاد مصاب "باحتكار القلّة"، إذ يحدّدون الأسعار سلفا في ما بينهم ولا يوجد منافسون لهم في السّوق.
وتابع أنّ الأسعار في الأسواق لبعض السلع زادت خلال الفترة الأخيرة، بنسب تتراوح ما بين 50 و100%، مشيراً إلى أنّ هناك ارتفاعاً في حدود من 5% إلى 7% لدى بعض الدّول الصّناعيّة وهي ذريعة يتخذها بعض التّجّار لغرض رفع الأسعار بشكل كبير. وأوضح أنّ ليبيا تعتمد بشكل أساسيّ على الاستيراد من الخارج في تلبية معظم احتياجاتها.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحوّل الإجراءات الأخيرة من قبل الحكومة لخفض الأسعار، قال: "هناك غياب لوزارة الاقتصاد بشأن متابعة حركة الأسعار في الأسواق".
وقال مورد سلع غذائية، علي الشّتيوي، في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنّ إعفاء السّلع من الرّسوم الجمركيّة والضّرائب سيؤدي إلى انخفاض في الأسعار بنسب تتراوح ما بين 7% و10%، ونتائج القرار تحتاج في أقلّ تقدير إلى 30 يوما لكي يشعر بها المواطنون حيث ينتظر نتائج تخفيض الرسوم على الواردات التي ستدخل البلاد بعد القرار.
وفي سياقٍ متصل، أكد تاجر جملة بسوقِ الكريمية، الطاهر المناعي، لـ"العربي الجديد" أن المنتجاتِ المحليةَ الغذائية رُفعت أسعارها بنسبة 10%، بينما رُفعت أسعار السلع المستوردة من الخارجِ ما بينَ 10 إلى 15% باستثناء السلعِ التونسيةِ والتركيةِ التي شهدت انخفاضا طفيفا.
وانتقد الخبير الجمركي، عبد الرحمن البحيري، قرارات الحكومة الأخيرة بشأن إعفاء كافّة الموادّ الغذائيّة من الرّسوم الجمركيّة والضّرائب. وقال لـ"العربي الجديد" إنّ السلع التّموينيّة أغلبها معفاة من الضّرائب الجمركيّة بقرارات سابقة.
وأشار إلى أنّ جميع السّلع قد أدرجت بالتّعريفة الجمركيّة وفق حركة التّجارة الدّوليّة. و"لا نعلم بالطّريقة الّتي سوف تتعامل بها الجمارك مع هذا القرار"، حسب البحيري، الذي أكد أن الضّرائب الجمركيّة سياديّة وليس الغرض منها الجباية فقط، بل قد تُفرض لأغراض التّرشيد في الاستهلاك أو لحماية الاقتصاد وتستخدم كذلك كضريبة مانعة.
كما دعا المحلّل الاقتصادي، محمّد الشّحاتي، إلى ضرورة التّحكّم في التّضخّم بآليّات السّياسة النّقديّة في الاقتصاد الحرّ والّتي هي معطّلة تماما في ليبيا.
وقال في تصريحات لـ"العربي الجديد" إنّ تحكم الأجهزة الحكوميّة نسبيّا في التّضخّم، دون المساس بمستوى معيشة المواطن، يكون عبر الدعم المباشر على الأقل للسّلع الضّروريّة أو تسهيل توريد السّلع.
وبشأن إجراءات خفض أسعار السلع، رأى ضرورة تخفيض سعر الصرف الرّسميّ للدّينار اللّيبيّ، الّذي سيدفع الأسعار إلى الهبوط بمعدّل 35 - 40% نتيجة لانخفاض قيمة الدولار المتوقع في السّوق السّوداء.

وتابع: "نستورد كل السّلع من الخارج تقريبا، حتّى السّلع محلّيّة الصّنع نصفها مصنع بالخارج ونصفها موادّ خام مستوردة وكل السّلع المستوردة تحتاج إلى الدّولار ومصدره الوحيد في الاقتصاد اللّيبيّ من صادرات النّفط والغاز".
وتشهد أسعار المنتجات ارتفاعا عالميّا في الآونة الأخيرة متأثّرة بعوامل عدّة، أبرزها أزمة الطّاقة في أوروبّا والتّغيّرات المناخيّة، فضلا عن أزمة الشّحن، الأمر الّذي زاد من نسبة التّضخّم عالميّا وأثّر على مختلف الدّول ومنها ليبيا.
وكان صندوق النّقد الدّوليّ قد حذّر في وقت سابق من ارتفاع أسعار السّلع والموادّ الغذائيّة خلال الفترة المقبلة.
ومن المتوقّع أن يواجه المستهلكون على مستوى العالم موجات متتالية من ارتفاعات الأسعار مثلما حدث خلال العام الماضي.
وتراجعت وزارة الاقتصاد بحكومة الوحدة الوطنيّة عن قرارها بشأن التّسعيرة الجبريّة، وذلك بعد إعفاء جميع السّلع الغذائية والدّوائيّة من الضّرائب والرّسوم الجمركيّة، وفقا لقرار رئيس الحكومة رقم 537 لسنة 2021.

المساهمون