المصريون يريدون أولاً أن يعرفوا حجم المساعدات الخليجية التي تلقتها مصر منذ انقلاب 3 يوليو، وأين ذهبت، وكيف استفاد منها الاقتصاد إن استفاد، حتى يشاركوا في توجيه الشكر والعرفان للدول الخليجية الثلاث الداعمة للانقلاب، فطالما هناك منح ومعونات قيل إنها وصلت جيوب المصريين فيجب أن يشارك الجميع في توجيه الثناء والشكر لأصحابها.
في حواره المنشور أمس مع صحيفة الشرق الأوسط الصادرة من لندن قال السيسي نصاً "بصراحة لولا وقوف الأشقاء معنا وإلى جوارنا باستمرار، ولهم كل التقدير في المملكة العربية السعودية ودولتي الإمارات والكويت، ما كان لنا أن نصمد إلا بوقوفهم مع الشعب المصري".
هذا كلام صحيح ودقيق 100% وأنا أتفق معه، فلولا المساعدات الخليجية لمصر والتي فاقت 30 مليار دولار، حسب ما جاء في التسريبات الأخيرة لمكتب السيسي، لانهار الانقلاب العسكري بشكل سريع لم يتوقعه حتى صانعوه ولما صمد أسابيع وليس شهور.
لكن قبل توجيه الشكر والثناء والحديث عن الدور الكبير والتاريخي الذي لعبه المال الخليجي في إنقاذ الاقتصاد المصري المتردي، وقبلها مساندة الانقلاب العسكري في الانقلاب على الشرعية، يجب الإجابة عن سؤال مهم هو: من الذي أوصل الاقتصاد المصري إلى مرحلة التسول للغير والاعتماد على المعونات الخليجية المقدمة في شكل مساعدات نقدية أو نفطية؟ ومن الذي أوصل اقتصاد مصر، الذي يصنف على أنه ثاني أكبر اقتصاد في المنطقة بعد
الاقتصاد السعودي حيث يمتلك إمكانات متنوعة قلما تتوفر في اقتصاد الدول المحيطة، لهذه المرحلة من التدهور؟
إنه الانقلاب لا غيره، الانقلاب الذي أدى إلى زيادة المخاطر بالبلاد وهروب الاستثمارات
الأجنبية وتهاوى إيرادات مصر من النقد الأجنبي، خاصة من قطاع السياحة، كما أدى إلى حدوث ركود وكساد شديد في الأسواق، وارتفاعات قياسية في الأسعار خاصة للسلع الرئيسية، وزيادة في معدلات الفقر والبطالة والفساد، وتراجع الاحتياطيات الدولية لدي البنك المركزي.
الانقلاب الذي تسبب فى حدوث انخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار لمستويات قياسية، وإلحاق خسائر فادحة للاستثمارات المحلية، وإغلاق المزيد من المصانع بسبب حظر التجوال، إضافة لتراجع فرص العمالة المصرية في الخارج خاصة في ليبيا والعراق بسبب المواقف الداعمة لعض الأطراف السياسية، وهو ما أثر سلبا على التحويلات الخارجية للبلاد.
المساعدات الخليجية لمصر جاءت كطوق نجاه لتثبيت أركان الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، وفرت له الغطاء النقدي خاصة على مستوى تمويل حملته الأمنية القمعية ضد معارضيه، ودعم الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي، وتوفير احتياجات البلاد من المشتقات البترولية كالبنزين والسولار وبالتالي ضمان عدم الثورة عليه، ودعم الموازنة العامة عبر سداد الزيادات في أجور ومرتبات القضاة وضباط الشرطة والجيش التي شهدت قفزات خلال العامين الماضيين.
اقرأ أيضاً: تاهت ولقينا الـ 10 مليار
اقرأ أيضاً: المساعدات الخارجية لمصر تتهاوى
اقرأ أيضاً: شدّ الحزام