وافق مجلس الوزراء اللبناني، في جلسة عقدها بعد ظهر اليوم الأربعاء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، على قانون الكابيتال كونترول بعد إضافة بعض التعديلات عليه، رامياً من جديد الكرة في ملعب مجلس النواب تمهيداً لإقراره ووضعه على سكّة التنفيذ مع تسجيل تحفظات لعددٍ من الوزراء، خصوصاً المحسوبين على "حزب الله"، الذين اعتبروا أن الصيغة المطروحة لا تلحظ كيفية حماية حقوق المودعين.
وكانت اللجان النيابية المشتركة قد أوصت، في جلستها يوم الاثنين، الحكومة بصوغ مشروع قانون كابيتال كونترول متماسك يؤتى به إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره يأخذ بعين الاعتبار المصلحة العليا للمودعين.
وأعلن نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، صاحب الصيغة التي وصفها المعارضون بـ"المسخ"، بعد الجلسة التي لم يحضرها حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أن التعديلات التي طاولت المقترح بسيطة لا جوهرية وقد شملت اللجنة التي أصبحت تتألف من مصرف لبنان ووزارة المال وخبيرَيْن اقتصاديَّيْن وقاضٍ من درجة 18 وما فوق، وذلك بعدما كان يترأسها رئيس مجلس الوزراء أو وزير ينتدبه، وتضمّ وزير المال، وزير الاقتصاد والتجارة، حاكم مصرف لبنان.
ومن أبرز التعديلات التي لحظتها الصيغة بشقيها القانوني والتقني، مدة القانون الذي يرمي إلى وضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية والسحوبات النقدية بسنتين قابلة للتجديد مرة واحدة بعدما كانت محددة بخمس سنوات، كذلك يحيل المجلس المركزي لمصرف لبنان إلى النائب العام لدى محكمة التمييز جميع مخالفات أحكام القانون الذي يعود له تحريك الادعاء وفقاً لما يراه مناسباً بحسب الصلاحيات الممنوحة له.
وعقد مجلس الوزراء جلسته برئاسة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا الجمهوري، الذي شهد الطريق المؤدي له تضارباً بين القوى الأمنية والأساتذة المتعاقدين مع الجامعة اللبنانية خلال اعتصام للمطالبة بالبت بملف تفرّغهم.
واستعر الخلاف السياسي في لبنان من بوابة الصيغة الجديدة المقدمة من قبل نائب رئيس الوزراء سعادة الشامي لمشروع قانون الكابيتال كونترول فكانت المواجهة النيابية الحكومية التي دفعت برئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي إلى طلب طرح الثقة بالحكومة في جلسة مجلس النواب، أمس الثلاثاء، إلّا أن الرفض السريع أتاه من رئيس البرلمان نبيه بري، في حين لوّح ميقاتي بالاستقالة للضغط باتجاه تمرير القانون الذي يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية حاكم مصرف لبنان ومنظومة المصارف والذي يحوي، بحسب خبراء اقتصاديين، مخالفات قانونية ودستورية فاضحة، رغم أنه يعود في كل مرة ليؤكد أن استقالته غير واردة لعدم إطاحة الانتخابات النيابية.
وفي معرض رده على أسئلة الصحافيين حول ما إذا كان صندوق النقد وافق على هذه التركيبة، قال الشامي إن الصندوق لا يدخل بهذه التفاصيل، موضحاً أن مجلس النواب اعترض على الشكل بحيث أنه يجب إحالة المشروع من مجلس الوزراء إلى المجلس النيابي وهذا ما حصل اليوم ولم نناقش أمس بالمضمون في البرلمان.
ولفت الشامي إلى أن تعديلاً حصل على الشق القانون من قبل وزير العدل وتم أخذه في الاعتبار، ويمكن لأي كان أن يعترض وفق مسار قانوني، ويمكن للمصرف التوجه إلى الهيئة المصرفية العليا أو يمكن للأفراد التوجه إلى المحكمة.
وفي حال لم يمر القانون، هل سيشكل ذلك عقبة أمام المفاوضات مع صندوق النقد، يقول الشامي، "المفاوضات تسير على الطريق الصحيح والتقدم الذي يحصل لم نتحدث عنه نحن، بل الصندوق الدولي نفسه وتغريدة مديرة الصندوق بعد لقائها رئيس مجلس الوزراء، مشجعة جداً وهناك جولات من المفاوضات وليس جولة واحدة. نحن نتمنى الوصول إلى اتفاق في أسرع وقت ممكن، وكما قال الرئيس ميقاتي خلال الأسابيع القليلة التي تسبق الانتخابات".
وأشار رئيس الجمهورية ميشال عون في مستهل الجلسة إلى أنه لا يجوز الحديث عن التفرّد عند طرح أي قضية طالما أن كل مبادرة ستكون في النتيجة أمام مجلس الوزراء لمناقشتها ثم مجلس النواب إذا اقتضى الأمر، لذلك لا يمكن لأحد أن يتفرّد بشيء.
وقال ميقاتي في مستهلّ الجلسة إن "أمامنا مسؤوليات جسام في وقف الانهيار الحاصل في البلد ومعالجة ما أمكن من ملفات ووضع الملفات الأخرى على سكة الحلّ".
وشدد على أن المجتمع الدولي كلّه "مساند لنا ويدعم الحكومة بكل معنى الكلمة، وهذا الأمر لمسته أيضاً خلال زيارتي إلى قطر ولقاءاتي مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس الحكومة ووزراء خارجية قطر وسلطنة عمان والكويت والأردن".
وأضاف ميقاتي "هدفنا حماية الناس وإنهاض الاقتصاد، في الوقت الذي يصوّب فيه البعض حملاته على الحكومة لأهداف انتخابية، فيما الوطن هو الذي يدفع الثمن، من هنا ندائي إلى الجميع بتحمّل المسؤولية، ونحن في انتظار إنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي".
ورداً على سؤال حول استقالته، أكد ميقاتي لقناة "أو تي في" التابعة للرئيس عون، أنه يستقيل عند انتهاء واجبه الدستوري في 21 مايو/أيار المقبل.
هذا وفي عرض وزارة المالية مشروع عقد الاستقراض بين الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان، تقرر طلب رأي هيئة التشريع والاستشارات حول مدى قانونية الاجازة بتوقيع العقد استناداً إلى موافقة صادرة عن مجلس الوزراء أو انها تحتاج إلى إجازة وموافقة مجلس النواب.
وضمن مواقف الوزراء بعد الجلسة، تحدث وزير الزراعة عباس الحاج حسن، فأشار إلى أن مجلس الوزراء وافق اليوم على خطة وزارة الزراعة للنهوض بقطاع القمح، التي تبدأ اليوم بالموسم الموجود حيث هناك قرابة الـ50 الف هكتار من القمح الصلب والشعير مزروعة، وهو رقم جيد، كما أن الحكومة تتعهد باستلام كل محاصيل القمح والشعير على أنواعه عبر وزارة الاقتصاد.
وأضاف "كما نحتاج إلى مساعدة المزارعين هذا الموسم من خلال التسميد، ورش المبيدات، وتأمين البذور المؤصلة التي سنتعاون فيها مع مؤسسات دولية متخصصة وهناك إمكانات مالية يجب ان توضع، وقد تواصلنا مع الهيئات المانحة والدول التي تقوم ان أولوية الأولويات في العالم هي القمح".