أعلنت الحكومة اللبنانية، اليوم الاثنين، بدء دفع المساعدات النقدية ضمن البرنامج الطارئ لشبكة الأمان الاجتماعية "أمان" الممول من البنك الدولي، والتي تطاول بداية 150 ألف أسرة لبنانية من الأسر الأكثر فقراً، على أن يوفر البرنامج لحوالي 680 ألف فرد تحويلات نقدية شهرية بقيمة 20 دولاراً أميركياً لكل فرد من أفراد الأسرة (6 لكل أسرة بحد أقصى)، ومبلغ ثابت قدره 25 دولاراً لكل أسرة، على أن يغطي أيضاً التكاليف المدرسية المباشرة لـ87000 طفل تتراوح أعمارهم بين 13 و18 عاماً، وذلك للحد من التسرب المدرسي.
وينظر خبراء اقتصاديون في لبنان بقلق إلى هذه الخطوة التي من شأنها أن تزيد من الأعباء والديون، بينما الدولة اللبنانية في حالة توقف عن الدفع ،ولما تتضمنه من عشوائية في التنفيذ والتوزيع والهدر، في ظل التغاضي المستمرّ عن معالجة المشاكل الأساسية من لجم لانهيار سعر الصرف والغلاء المعيشي بالدرجة الأولى، وفي وقتٍ تفقد كل هذه المساعدات قيمتها بالتزامن مع المسار التصاعدي لأسعار المحروقات والمواد الغذائية والسلع الأساسية والخدمات الحياتية.
وعدا عن اعتبار المساعدات شحيحة، يتوقف الخبراء عند عدد الأسر التي ستستفيد منها، في وقتٍ أكثر من 75% من سكان لبنان يعيشون في الفقر ويحتاجون إلى المساعدة.
وقال البنك الدولي، في بيان، إن هذه المساعدة الطارئة ستوفر إغاثة عاجلة للأسر اللبنانية التي تعيش في فقر مدقع، وقد بلغ العدد الإجمالي الذي سجل على منصة دعم 583 ألف أسرة، استوفت 200 ألف أسرة منها معايير الفرز الأولية لبرنامج "أمان"، وقد بدأت في 17 فبراير/ شباط الماضي الزيارات المنزلية إلى الأسر للتحقق من أهلية المستفيدين المحتملين.
وأكد البنك الدولي أن "برنامج الأغذية العالمي يدير عملية التحقق هذه التي ستستمر حتى منتصف شهر يونيو/حزيران، وحرصاً على تأمين التحويلات النقدية لمستحقيها بأسرع وقت ممكن، تجرى حالياً عمليات التحقق وتحديد الأهلية والدفع بالتوازي".
وأشار إلى أن "برنامج الأغذية العالمي سيقوم بدفع التحويلات النقدية للأسر المؤهلة من خلال وكلاء تحويل الأموال المحليين، ومن المتوقع تغطية 150 ألف أسرة بكاملها بحلول شهر يونيو/ حزيران 2022، على أن يتم سداد التحويلات لجميع الأسر بمفعول رجعي اعتباراً من شهر يناير/كانون الثاني 2022 ولمدة عام واحد".
وجدد البنك الدولي دعوته لصانعي السياسات في لبنان إلى المضي قدماً في اعتماد خطة تعاف اقتصادي ومالي على وجه السرعة، وإلى تنفيذ الإصلاحات الملحة التي طال انتظارها، من أجل تفادي دمار كامل لشبكاته الاجتماعية والاقتصادية ووقف النزيف الخطير في رأس المال البشري.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي عن بدء الدفع في لقاء صحافي عقد اليوم الاثنين في السراي الحكومي، بمشاركة وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، ومدير دائرة المشرق في البنك الدولي ساروج كومار جاه، معتبراً أن "هذه الخطوة باتت أكثر من ملحة في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها وطننا، وتشكل دعماً معيناً يأخذ في الاعتبار الإمكانات المادية المتوفرة وأولوية التوجه إلى الأسر الأكثر حاجة".
من جهته، قال وزير الشؤون الاجتماعية إن "هذا الدعم وحده ليس هو الحلّ، ونتمنى سريعاً انطلاقة خطة التعافي الاقتصادي وتثبيت سعر صرف الدولار وتحرير أموال المودعين ومعاشاتهم الشهرية".
من جانبه، قال مدير دائرة المشرق في البنك الدولي إن "مراقبة الطرف الثالث للمشروع تعتبر شرطاً أساسياً لإطلاق الأموال من البنك الدولي".
ووجه كومار جاه 3 رسائل أساسية إلى المسؤولين في لبنان، اعتبر فيها أن "ثمة حاجة للتوصل إلى إطلاق خطة تعاف اقتصادي، وعلى الحكومة أن تعتمد خطة إصلاح للقطاع الكهربائي بشكل فوري، وأن تنفيذ هذه البرامج يجب أن يبدأ من دون تأخير، فبعد إطلاق برامج كهذه يمكنكم الحصول على الدعم من المجتمع الدولي".
وأعلن كومار جاه أن "للبنك الدولي نحو 800 مليون دولار أميركي يجرى استخدامها في العديد من المشاريع في لبنان، وطلبنا من الحكومة اللبنانية أن تراجع وتعيد تخصيص هذه الموارد، فهناك مشاريع صممت قبل الأزمة ولم تعد أولوية، واليوم مطلوب تخصيصها لمشاريع أكثر أولوية للشعب اللبناني".