لبنان: أسعار السوبرماركت بالدولار بدءاً من الأربعاء

28 فبراير 2023
يأتي هذا الإجراء الجديد ليزيد من رقعة الدولرة في لبنان (حسين بيضون)
+ الخط -

أعلن وزير الاقتصاد اللبناني في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، بدء اعتماد التسعير في السوبرماركت بالدولار، غداً الأربعاء، بذريعة حماية المستهلك من جشع تجار الأزمات وهوامش الربح التي كانت تتخطّى 30 و40%.

ويأتي هذا الإجراء الجديد ليزيد من رقعة الدولرة التي باتت تشمل أكثرية القطاعات والخدمات في لبنان، علماً أنّ العدد الأكبر من اللبنانيين يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، ما من شأنه أن يسدد ضربة شبه قاضية لقدرتهم الشرائية.

وأوضح سلام، في مؤتمر صحافي عقده اليوم الثلاثاء في وزارة الاقتصاد، أنّ كل سوبرماركت عليه أن يضع شاشة تظهر سعر الصرف المعمول به، كما يُمنَع فرض الدفع بالدولار على أن تكون الفاتورة بالليرة اللبنانية، حسب سعر الصرف.

ولم يطمئن وزير الاقتصاد المواطنين الذين يخشون من تلاعب أصحاب السوبرماركت بالأسعار ورفعها بالدولار، واعتماد أسعار صرف عشوائية تفوق تلك المتداول بها في ظل غياب الرقابة، إذ شكا بدوره من أنّ السلطات الرقابية في لبنان "سعرها فرنكين" في حال لم يتحرّك القضاء، لافتاً أيضاً إلى أنّ الجسم الرقابي في الوزارة لا يزيد عن 60 شخصاً.

وتطرق سلام إلى إعداد محاضر الضبط التي تخطت الـ2500 وبقيت في أدراج القضاء من دون صدور أي حكم قضائي بحق المرتكبين المخالفين، واصفاً الوضع بـ"المسخرة"، الأمر الذي يزيد من منسوب الوقاحة عند تجار الأزمات، ويجعلهم غير آبهين لشيء، بحسب قوله.

ورداً على انتقادات بعض خبراء الاقتصاد حول تلاعب أصحاب السوبرماركت بهوامش الربح ورفع السعر بالدولار، وبأن قرار وزارة الاقتصاد لن يحلّ الأزمة، قال سلام، إن النظام الاقتصادي في لبنان بطبيعته حرّ، وبغض النظر عن ممارسته بشكل صحيح أو القيام بالاستغلال، فإن الدولة ليست مسؤولة عن تسعير السلع، بل تراقب هوامش الربح المعقولة.

وأشار سلام إلى "أننا نعيش مرحلة انتقالية اليوم، ومن واجباتنا إيصال الناس إلى برّ الأمان، حيث إن النظام المالي النقدي الماضي انتهى، وهذه آخر حلقات تساقط الهيكل بشكل كامل"، لافتاً إلى أنّ ارتفاع سعر صرف الدولار سيستمرّ، وقد يتخطى الـ100 ألف وأكثر، "طالما أن لا معطيات إيجابية أو رسائل تطمين أو رؤية واضحة تخرج عن القيمين عن الوضع النقدي والمالي في البلاد"، وفق قوله.

وانتقد سلام كيف أن لبنان يستورد أكثر من 90% من البضائع والسلع، حتى إن الصناعات المحلية اللبنانية غالبية موادها الأولية تستورد، وبالتالي تدفع بالدولار الأميركي، معتبراً أن الدولرة كانت قائمة أصلاً قبل الأزمة الاقتصادية.

ولم يستبعد سلام "الفوضى"، وذلك في ظل السرقات الموصوفة بمأكل ومشرب المواطنين، مضيفاً أنّ "الكثيرين يقولون إنّ الناس باتت مخدّرة ولن تتحرك، وهذا الكلام غير صحيح، فاللبنانيون ما عادوا يحتملون المزيد".

وحذر من أنّ "كل سوبرماركت يستغل الخطوة الجديدة التي تقوم بها وزارة الاقتصاد، يجب أن تفتح ملفاتها بالجرائم المالية ويحاسب، لأنه بهذه الحالة يسرق أكل وشرب الناس، وفي حال لم يتحرك القضاء ويحاسب هؤلاء، فإنّ كل المحاضر التي نسطّرها لن يكون لها قيمة، ولن يكون هناك أي رادع".

وفي سياق الدولار، يواصل سعر الصرف ارتفاعه في ساعات بعد الظهر ليتخطى عتبة الـ88 ألف ليرة لبنانية، الأمر الذي انعكس بزيادة أسعار المحروقات، وارتفاع أسعار السلع سواء عند محال السوبرماركت التي سبق أن بدأت التسعير بالدولار، أو أسعار المطاعم، ومختلف القطاعات.

ويلاحظ أنّ التسعيرات المعتمدة عند التجار وأصحاب المحال والمطاعم والسوبرماركت تختلف بين مكان وآخر، فهناك من يعتمد التسعيرة بحسب تطبيقات الصرف، تبعاً للحظة التعامل، وهناك من يعتمد سعر صرف أعلى بكثير من المتداول به والذي يبيع الناس دولاراتهم عند الصرافين على أساسه، وأحياناً يتخطى الفارق 6 آلاف ليرة لبنانية.

شرطة بلدية تقتحم مصرفاً

من جهة ثانية، اقتحمت عناصر في شرطة بلدية صور جنوبي لبنان، اليوم الثلاثاء بنك سوسيتيه جنرال SGBL، للمطالبة بصرف رواتبها التي لم تُقبض للشهر الثاني على التوالي، مهددة بالتصعيد حتى الحصول على حقوقها.

وعمد عددٌ من عناصر الشرطة وعمّال في البلدية إلى احتجاز الموظفين داخل المصرف المذكور وإغلاق الباب، رافعين الصوت عالياً بضرورة قبض رواتبهم التي باتت لا تساوي شيئاً في ظلّ التحليق الكبير لسعر صرف الدولار في السوق السوداء والذي تخطى اليوم عتبة 88 ألف ليرة لبنانية.

تجدر الإشارة، إلى أن النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون كانت قد ادعت -قبل كفّ يدها- على بنك سوسيتيه جنرال ورئيس مجلس إدارته أنطون الصحناوي، وكل من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال.

تعميم جديد حول تطبيق قانون السرية المصرفية في لبنان

وفي سياق قضائي مصرفي، أصدر النائب العام التمييزي في لبنان القاضي غسان عوديات، اليوم الثلاثاء، تعميماً إلى مختلف النيابات العامة في كل المحافظات اللبنانية، حول تطبيق قانون السرية المصرفية، وطلب بموجبه بالامتناع عن طلب أي معلومة مصرفية لا تتعلق بالدعاوى العائدة لجرائم الفساد ومكافحة تبييض الأموال. 

ودعا النيابات العامة إلى الامتناع عن طلب معلومات من المصارف لها صفة العمومية وغير متعلقة بوقائع مادية محددة، كما شدد على عدم طلب أي معلومة تعرّض أي شخص على نحو تعسّفي أو غير قانوني لتدخل بخصوصياته أو تمسّ بشرفه وسمعته، مع التشديد على سرية المحافظة على الطلبات والمعلومات التي جرى الاستحصال عليها من المصرف المعني، والمحافظة على البيانات الشخصية، بالإضافة إلى تحديد هوية الأشخاص المعنيين بالطلب بشكل لا يثير أي التباس حول تشابه أسماء لدى المصرف المعني.

وبحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، فإن زوّار ميقاتي نقلوا عنه قوله إنّ الخطوة التي اتخذها القاضي عويدات لجهة تنظيم آلية تطبيق أحكام قانون السرية المصرفية المعدّل، "تشكل خطوة أساسية على صعيد معالجة الخلل القضائي الذي حتّم عليه توجيه كتابه إلى وزير الداخلية، بهدف وقف مسار خطير في استخدام القضاء والقانون لتصفية حسابات سياسية، ولم يكن القصد أبداً حماية أحد أو تأمين الغطاء لمخالفات أحد".

واعتبر بيان مكتب ميقاتي أنّ هذه الخطوة "هي بداية الطريق في العودة إلى انتظام العمل القضائي ضمن الأطر والأصول القانونية المرعية الإجراء حفاظاً على حسن سير العدالة".

كما أبدى ميقاتي، بحسب زواره، تطلعه إلى اتخاذ مجلس القضاء الأعلى القرارات اللازمة بهدف تأمين كل الحقوق والضمانات التي يمنحها القانون لأي متقاضٍ بما يؤمن اطمئنانه لحيادية القاضي.

تجدر الإشارة إلى أنّ مصارف لبنان استأنفت نشاطها، أمس الاثنين، بعد إضراب استمر أكثر من أسبوعين، بناءً على تمنّي ميقاتي الذي ألقيت عليه أصابع الاتهام، الأسبوع الماضي، بالتدخل السافر في عمل القضاء حمايةً للقطاع المصرفي.

وجاء قرار استئناف البنوك نشاطها لمدة أسبوع فقط، مشروطاً باتخاذ السلطة القضائية كل الإجراءات الآيلة إلى تصحيح الخلل في المرفق العام القضائي، وفق تعبير جمعية المصارف، التي التقى أعضاؤها ميقاتي يوم الجمعة الماضي، وحصلوا منه على تعهّدات بحلّ أزمتهم، باعتبار أنّ كتابه بحق النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بكف يدها عن ملف المصارف، غير كافٍ.

المساهمون