لبنان: "استنفار" لضبط خزانات الفساد ووزير الاقتصاد يحذر من المجاعة

15 اغسطس 2021
منظومة الحكم فشلت في حل أزمة الوقود (حسين بيضون)
+ الخط -

دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان، حسان دياب، إلى إعلان الاستنفار الكامل لإجراء مسح شامل لكل المناطق لضبط خزانات الفساد وتوقيف الفاسدين، وذلك غداة انفجار خزان للوقود في بلدة التليل في عكار شمالي البلاد.
وقرر المجلس الأعلى للدفاع في الجلسة التي عقدها برئاسة الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا الجمهوري، اليوم الأحد، تكليف القوى العسكرية والأمنية والشرطة البلدية فرض الرقابة على مصادر الطاقة، وتنظيم توزيعها على جميع الأراضي اللبنانية، وذلك لمدة شهر واحد حتى 15/9/2021، والعمل على تفريغ وإقفال جميع المستوعبات المخصّصة لتخزين الوقود المخالفة للأصول والأنظمة المرعية الاجراء.
وسقط نحو 30 قتيلاً ونحو 100 جريح في انفجار خزان وقود داخل قطعة أرض تستخدم لتخزين البحص في بلدية التليل في عكار شمالي لبنان، فجر الأحد، كان قد صادره الجيش اللبناني لتوزيع ما بداخله على المواطنين.
وأوقفت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني قيد التحقيق المدعو (ر.س) نجل صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود.

ويتهم عدد من أبناء عكار فريقي "تيار المستقبل" برئاسة سعد الحريري، خصوصاً نائبه عن المنطقة وليد البعريني و"التيار الوطني الحر" برئاسة النائب جبران باسيل، لا سيما نائبه أسعد درغام، بدعم المهربين في المنطقة وتغطية أعمالهم غير الشرعية المستمرة في بعض المنافذ، منها طريق مشمش للتهريب، في وقتٍ يعمد فيه شبان يعرفون عن نفسهم بأنهم من الانتفاضة الشعبية بإقفال طرقات سهل عكار وممرات التهريب وتوقيف الصهاريج التي تمرّ ومصادرة بضائعها.

يقول الخبير الاقتصادي، وليد أبو سليمان، لـ"العربي الجديد" إنّ "سياسة الدعم كُرِّسَت منذ البداية لصالح المهربين والمحتكرين والكارتيلات، وما نتج عنها من هدر لمليارات الدولارات، بدل أن تكون مخصصة لدعم الطبقات الفقيرة والقطاعات الصناعية والإنتاجية".
ويشدد أبو سليمان على أنّ "هذه السياسة أدت إلى هدر الأموال وتشجيع التهريب، خصوصاً أن الأسعار كانت منخفضة جداً نسبةً إلى دول الجوار ومتدنية أكثر من البلاد المنتجة للنفط، ومن هذا المنطلق وصلنا إلى جريمة عكار الأحد التي تعود بالجزء الأكبر منها إلى ملف رفع دعم مصرف لبنان عن المحروقات، والسياسة المتبعة من جانب الحكومات المتعاقبة والطبقة السياسية التي تتحمّل مسؤولية ما يحدث من جرائم منظمة".

ويلفت الخبير الاقتصادي إلى أن "المداهمات الأمنية التي تحصل كان يجب أن تنفذ منذ زمنٍ بعيدٍ للحؤول من الأساس دون التخزين والتهريب".
وفي معرض ربط ما يحدث من إشكالات وأحداث أمنية يومية على المحطات تسفر عن سقوط قتلى وجرحى عدا عن انفجار خزان الوقود في عكار، بقرار رفع الدعم عن المحروقات، استغرب أبو سليمان من الأساس كيفية الإقدام على رفع الدعم من دون مواكبة مقابلة بإقرار شبكة الأمان الاجتماعية التي تبدأ بالبطاقة التمويلية.

وتعاني مستشفيات لبنان من استقبال جرحى انفجار عكار نتيجة أزمة انقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية والمعدات اللازمة، ومنها التي تستخدم لعلاج الإصابات الناتجة عن حرائق بالدرجة القصوى، عدا عن أزمة المحروقات التي صعبت مهمة نقل الجرحى وتدفع المستشفيات إلى اتخاذ إجراءات استثنائية تقشفية حادة تؤثر حتماً على نشاطها.

وأعرب رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، لرئيس حكومة تصريف الأعمال عن استعداد العراق لتقديم المساعدة في معالجة تداعيات انفجار بلدة التليل في عكار.

كذلك، تبلغت رئاسة مجلس الوزراء من السفير المصري ياسر علوي، أن مصر تستعد لإرسال مساعدة عاجلة إلى لبنان. كما سارعت تركيا إلى إبلاغ الحكومة اللبنانية إرسال مساعدات صحية عاجلة.
من جهته، لفت وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال، راوول نعمة، قبيل انعقاد الاجتماع الاستثنائي للمجلس الأعلى للدفاع في قصر بعبدا، للبحث في تداعيات انفجار مستودع المحروقات، إلى أنّه سيكرّر طلبه "إلى دياب، عقد جلسة طارئة للحكومة، بما أنّها المسؤولة عن إدارة شؤون البلد، ولأنّ الدستور يجيز لحكومة تصريف الأعمال أن تعقد جلسة استثنائية في حالات الطوارئ".

وتساءل في تصريح صحافي: "ألسنا في حالة طوارئ قصوى؟ خصوصًا أنّ الحكومة العتيدة قد يطول انتظارها. وهي الشرط الأساسي لحلّ مشكلاتنا، لأنّها وحدها تستطيع وضع خطّة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، وإجراء الإصلاحات اللّازمة للحصول على مساعدة المجتمع الدولي!".

تعاني مستشفيات لبنان من استقبال جرحى انفجار عكار نتيجة أزمة انقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية والمعدات اللازمة، ومنها التي تستخدم لعلاج الإصابات الناتجة عن حرائق بالدرجة القصوى

وأشار إلى أنّه "لم يعد لدينا بنزين، ولا مازوت، ولا وسائل نقل، ولا إمكانيّة استيراد، ولا دواء، ولا كهرباء، ولا خبز. وقريباً لن يعود لدينا ماء، ولا غذاء، ولا إنترنت"، سائلًا: "أليست هذه حالة طوارئ قصوى؟".

وركّز على أنّ "أفران الخبز كما الصيدليات تتوقّف عن العمل الواحد تلو الآخر، والمستشفيات والمصانع ستقفل أبوابها. أليست هذه حالة طوارئ قصوى؟". وبيّن أنّه "حتّى الحيوانات الدّاجنة والمزروعات لم تعد موجودة، لأنّ انقطاع المازوت سيحرم المزارعين من إمكانيّة ري حقولهم. ونفاد علف الحيوانات سيؤدّي إلى نفوقها شيئاً فشيئاً. أليست هذه حالة طوارئ قصوى؟".

كما شدّد على أنّه "بدلًا من تحميل كلّ منّا المسؤوليّة للآخرين، علينا اتخاذ القرارات العاجلة والضروريّة ضدّ البنك المركزي، أو لمعالجة الوضع المأساوي الذي نتج عن قراره، فهو يؤكّد أنه لا رجوع عن هذا القرار الذي يقضي برفع الدعم عن المحروقات، وخفض دعم الأدوية، والاستمرار في دعم القمح".
تجدر الإشارة إلى أن دياب رفض دعوة الرئيس اللبناني ميشال عون إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء، في ضوء الأزمات الحادة التي تمر بها البلاد، وبعد قرار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، رفع الدعم عن المحروقات وتداعيات خطوته، وسط كلام عن محاولات أيضاً لإقالته، وذلك بالتذرع بأن صلاحيات الحكومة المستقيلة تُحصر بالمعنى الضيق لتصريف الأعمال.

المساهمون