توزعت التوقعات بعد تعيين لان فوان Lan Foan وزيراً جديداً للمالية في الصين، بين التعويل على خبرته من أجل خفض المديونية المرتبكة التي غذّتها مشاريع الحكومات المحلية، وترجيح التوجه نحو نهج سياسة توسعية في الإنفاق بهدف تحفيز النمو الاقتصادي.
قُدم الوزير من قبل وسائل إعلام عالمية، بعد تعيينه في الأسبوع المنصرم، باعتباره خبيراً في المالية العمومية يلم بتدبير الموازنات على الصعيد المركزي، كما على الصعيد المحلي، فهو الذي سيكون عليه التصدي لتقليص مديونية الأقاليم والجهات الصينية المستقلة التي تراكمت خلال مرحلة "كوفيد-19"، وتعظيم الإيرادات الجبائية، حسب مراقبين.
إنعاش النمو
سيكون على وزير المالية الجديد إنعاش النمو الاقتصادي، الذي حدده الرئيس الصيني شي جين بينغ في حدود 5% في العام الحالي، وذلك هدف صعب التحقيق في تصور المراقبين الذين يستحضرون أزمة سوق العقارات التي تمثل ربع الناتج الإجمالي المحلي، ما يزيد في تعميق صعوبات ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وينذر تواصل أزمة الشركات العقارية الكبرى في الصين بكارثة مالية، في ظل تقديم ما يُعرف بـ"بنوك الظل" قروضاً ضخمة للقطاع العقاري، في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتعثر شركات كبرى عن السداد.
وعلى سبيل المثال، تتجاوز ديون مجموعة إيفرغراند العقارية العملاقة 328 مليار دولار، حسب بياناتها حتى 30 يونيو/حزيران الماضي، وسط مخاوف من تفاقم أزمات القطاع. وتعاني المجموعة من ارتفاع متسارع في المديونية منذ النصف الثاني لعام 2020، مع تأثر القطاع بتبعات جائحة كورونا وتراجع المبيعات، ما دفع السلطات إلى تقييد حصولها على قروض.
خبير إصلاحي
كان لان فوان، البالغ من العمر61 عاماً، رئيساً للحزب الشيوعي في إقليم شانشي، وينظر إليه على أنه إصلاحي، هو الذي بدأ مساره المهني في وزارة المالية بإقليم غوانغدونغ في عام 1985، بعدما تخرج من جامعة المالية والاقتصاد بهوباي.
أضحى نائب رئيس الإقليم في 2016، قبل أن يلتحق في 2021 بإقليم شانشي، كي يصبح نائب رئيس الحزب الشيوعي هناك، ويتولى رئاسة الحزب في ديسمبر/ كانون الأول 2022.
تحاول الحكومة دعم الاقتصاد وتقليص الديون المحلية المتراكمة. تلك وضعية دفعت بعض المراقبين إلى الدعوة إلى الاستثمار أكثر في البنيات التحتية بهدف تحفيز النمو الاقتصادي، بينما يوصي آخرون بالانخراط في إصلاحات هيكلية.
غير أن عدداً من المراقبين يتصورون أن التعديل الجديد في وزارة المالية يؤشر إلى التوجه نحو تحديث السياسة المالية، التي يرجحون أن تصبح توسعية، حسب ما نقلته "تايمز أوف إنديا" عن كبير الاقتصاديين في "بين بوينت أسيت مانجمنت" زيوي رهانغ.
لكن تغيير السياسة المالية من قبل وزير المالية الجديد قد لا يحدث في الفترة الحالية التي تشهد نهاية السنة الجبائية في الصين، إذ ستتجلى نوايا السلطات الصينية على مستوى السياسة المالية في العام المقبل.
مديونية الصين
تمثل مديونية العملاق الصيني 280 في المائة من الناتج الإجمالي للعملاق الآسيوي، حسب بيانات البنك المركزي الصيني ومكتب الإحصاء، أغلبها في ذمة الحكومات المحلية التي سعت إلى تمويل مشاريع تنمية عملاقة عبر الاقتراض.
ذكرت صحيفة شنغهاي سيكيوريتيز نيوز الصينية، الأسبوع الماضي، أن بكين بدأت برنامجاً يسمح للحكومات المحلية بمبادلة ما يسمى بـ"الديون الخفية" مقابل سندات ذات نسبة فائدة أقل، إذ تسعى إلى الحد من مخاطر الديون.
وكان مراقبون راهنوا في الفترة الأخيرة على تركيز الصين على إنعاش الاقتصاد المحلي بعد تسجيل نمو في حدود 2.7 في المائة في العام الماضي، وهو أدنى معدل منذ 45 عاماً. ويتوقعون أن تسعى بكين إلى تحقيق الاستقرار في سوق العقارات المترنح، ومعالجة مشكلة المديونية التي تثقل كاهل الحكومات المحلية، بالموازاة مع جذب المستثمرين وتطوير التكنولوجيا الفائقة.
ويتصور مراقبون أن تعيين لان فوان يؤشر إلى انخراط أقوى للدولة المركزية، التي كانت تعتمد على الحكومات المحلية بهدف إنعاش الاقتصاد، وهو ما يوحي بإمكانية تغيير سياسة الموازنة في العام المقبل.