كورونا وخطر انكماش أسواق مصر

05 مارس 2020
كورونا يفاقم أوضاع الأسواق المصرية "AFP"
+ الخط -

ما حدث يوم الأحد 1 مارس 2020 هو ترجمة سريعة لتأثيرات انتشار فيروس كورونا على الاقتصاد المصري، ففي ذلك اليوم هوت البورصة المصرية ليفقد مؤشرها الرئيسي نحو 6% في أول ساعتين، وتخسر الأسهم نحو 33 مليار جنيه (نحو ملياري دولار) من قيمتها السوقية، بعد تراجعات حادة للبورصات العالمية والخليجية. وبسبب التهاوي، قررت إدارة البورصة إيقاف جلسة التداول لمدة نصف ساعة.

تأثيرات الفيروس القاتل على الاقتصاد المصري لا تقف عند خسائر البورصة وذعر المستثمرين بها، فهناك تأثيرات أخرى ستمتد إلى قطاعات اقتصادية عدة مرتبطة بالعالم الخارجي، منها عائدات رسوم المرور في قناة السويس والسياحة والصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة وشركات الطيران والسفر وتحويلات المغتربين، خاصة العاملين في منطقة الخليج.

فعلى سبيل المثال، فإنه مع اتساع رقعة الفيروس وامتداده إلى أكثر من 50 دولة، وتعرّض الاقتصاد العالمي لخسائر فادحة تقدّر بمئات المليارات من الدولارات، فإن ذلك سينعكس سلباً على حركة التجارة الدولية التي تعد الصين أحد أبرز اللاعبين فيها، خاصة مع ضخامة تجارتها الخارجية البالغة 4.6 تريليونات دولار في عام 2019.

ومع البطء الذي جرى بالفعل في حركة التجارة الدولية، فإن حركة المرور في قناة السويس ستتراجع، وبالتالي تراجع إيراداتها، ما يدعم ذلك ضعفُ الطلب على النفط في الأسواق العالمية، وبالتالي فإن هناك تراجعاً محتملاً في حركة شحنات النفط والغاز الضخمة التي تمر عبر الممر المائي العالمي.

أيضا مع البطء المتوقع في الاقتصاد العالمي، والخسائر الفادحة في أسواق المال والبورصات، فإن المستثمرين العرب والأجانب سيسحبون جزءاً من أموالهم من داخل مصر، وهو ما تم بالفعل خلال الأيام الماضية، مما أثر سلباً على حجم وتدفق الاستثمارات الأجنبية في قطاعي البورصة وأدوات الدين الحكومية "السندات وأذون الخزانة"، وهو ما انعكس على سوق الصرف الأجنبي في مصر، وأدى إلى حدوث زيادة في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الذي كان يأخذ اتجاهاً صعودياً منذ شهر يناير 2019.

أيضا، سيؤثر انتشار كورونا على قطاع السياحة المصري، سواء عبر حدوث تراجع حاد في عدد السياح الصينيين داخل مصر مع تراجع حركة الطيران بين البلدين، علما أن عدد هؤلاء يتراوح ما بين 500 و700 ألف سائح سنوياً، أو تراجع حركة السياحة الأجنبية بسبب تفضيل بعض السائحين تأجيل برامجهم إلى ما بعد انتهاء عاصفة الفيروس، كما أن تراجع حركة الطيران بين مصر والعالم تؤثر أيضا على القطاع السياحي، وهناك خسائر ستمتد إلى شركات الطيران المصرية بسبب تراجع حركة السياحة والتجارة، وقرار بعض الدول فرض قيود على المسافرين من مصر.

من بين التأثيرات السلبية لكورنا على الاقتصاد المصري كذلك ما يتعلق بالتراجع المتوقع في تحويلات المصريين العاملين في الخارج، المصدر الأول لإيرادات النقد الأجنبي، فتراجع سعر النفط بسبب انخفاض الطلب العالمي خاصة من قبل الصين سيدفع دول الخليج إلى الاستغناء عن آلاف العمال العرب والأجانب، كما حدث في سنوات سابقة أبرزها 2016 و2017، ومن المتوقع أن يصيب هذا التوجه العمالة المصرية الضخمة داخل السعودية.

هناك تأثيرات أخرى لكورونا على الاقتصاد المصري، منها مثلاً تضرر نحو 2600 شركة تعمل في مجال السياحة الدينية، بسبب قرار وقف العمرة، وتتضاعف الخسائر في حال إلغاء موسم الحج في حال تمدد الفيروس وعدم وضع نهاية له في الفترة المقبلة.

أما أخطر التأثيرات فيتعلق بالأسواق المصرية التي تشهد حالة انكماش منذ نحو 7 شهور، ورغم أن الشركات اضطرت إلى خفض أسعار السلع والخدمات، إلا أن معدل الطلب على منتجاتها واصل تراجعه، وهو ما يهدد الشركات المنتجة التي ستتكبد مزيدا من الخسائر، خاصة مع تآكل القوة الشرائية للمواطنين، وتوقف المواد الخام المستوردة من الصين وغلاء بعضها، وزيادة كلفة الإنتاج.

المساهمون