أكد مسؤولو بنك "كريدي سويس"، الذي استحوذ عليه بنك "يو بي إس"، أن ودائع العملاء لديه متاحة لسحبها، وأن مكاتبه تعمل كالمعتاد، بعد الاتفاق على بيع البنك.
وقال رئيس مجلس إدارة بنك "كريدي سويس" أكسل ليمان، والرئيس التنفيذي أولريش كورنر، في مذكرة أرسلاها لموظفي بنكهما: "نحن نعلم أن العديد منكم سيتابعون التغطية الإعلامية المكثفة على مدى الـ48 ساعة الماضية، حول مستقبل بنك كريدي سويس، ونقدر حالة القلق التي سببتها تلك التغطية".
وأضاف المسؤولان: "يرجى ملاحظة أنه لا يوجد تأثير فوري على عملائنا وعلى عمليات العمل اليومية لدينا"، وتابعا: "ستظل فروعنا ومكاتبنا العالمية مفتوحة، ويتوقع من جميع الزملاء القدوم إلى العمل، بل يجب عليهم ذلك".
والشهر الماضي، كشف تسريب هائل من بنك "كريدي سويس" عن الثروة الخفية للعملاء المتورطين في التعذيب وتجارة المخدرات وغسل الأموال والفساد والجرائم الخطيرة الأخرى.
وقالت "ذا غارديان" إن تفاصيل الحسابات المرتبطة بـ30 ألف عميل للبنك في جميع أنحاء العالم تم تضمينها في التسريب، الذي كشف أصحاب ثروات تتجاوز 100 مليار فرنك سويسري (نحو 110 مليارات دولار)، في واحدة من أشهر المؤسسات المالية في سويسرا والعالم.
وأشار التسريب إلى إخفاقات واسعة النطاق في بذل العناية الواجبة من قبل البنك، على الرغم من التعهدات المتكررة على مدى عقود للتخلص من العملاء المشكوك فيهم والأموال غير المشروعة. وكانت الغارديان واحدة من وسائل الإعلام التي سمح لها بالوصول إلى البيانات.
وكان من بين هؤلاء متهمون بالاتجار بالبشر في الفيليبين، ورئيس بورصة هونغ كونغ الذي سُجن بتهمة الرشوة، وملياردير أمر بقتل صديقته اللبنانية نجمة البوب، والمديرون التنفيذيون الذين نهبوا شركة النفط الحكومية الفنزويلية، بالإضافة إلى سياسيين فاسدين من مصر إلى أوكرانيا، وفقاً لـ"ذا غارديان".
وعلى الجانب الآخر من الصفقة، ذَكَّر بنك "يو بي أس" موظفيه بضرورة عدم إفشاء أي من أسرار العمل لزملائهم الجدد، الموجودين بالبنك الذي تم الاستحواذ عليه، طالما أن الاستحواذ الطارئ الذي تم التوصل إليه في محادثات الأزمة بنهاية الأسبوع الماضي لم ينته بعد.
وأكد الرئيس التنفيذي رالف هامرز لموظفيه في مذكرة أرسلها إليهم، اليوم الإثنين، أن "كريدي سويس" لا يزال منافساً لهم، وفقاً لموقع "ذا إيكونوميك تايمز".
وعلى الرغم من أن العمل لم يكن كالمعتاد في مكاتب "كريدي سويس" من طوكيو إلى نيويورك، إلا أنه لم يكن هناك مصرفيون يغادرون المباني مع متعلقاتهم الشخصية في صناديق من الورق المقوى، كما كانت عليه الحال خلال الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
ومع أحزان موظفي البنك بقيام منافسه الأساسي بالاستحواذ عليه، كان هناك إحساس بالارتياح من أن بنك "كريدي سويس" تجنب على الأقل مصير بنك "ليمان براذرز"، الذي كان انهياره العلامة الأساسية التي ميزت الأزمة المالية العالمية، قبل ما يقرب من عقد ونصف.
وفي حين أنه أصغر من منافسه السويسري "يو بي إس"، لا يزال كريدي سويس يتمتع بنفوذ كبير، مع وجود 1.4 تريليون دولار من الأصول الخاضعة لإدارته.
ويمتلك البنك، الذي أوشك على الإفلاس، مكاتب تجارية كبيرة في جميع أنحاء العالم، تقدم خدماتها للأثرياء، من خلال أعمال "إدارة الثروات"، ويعمل من خلالها مستشارا رئيسيا للشركات العالمية في عمليات الدمج والاستحواذ.
ولم يكن "كريدي سويس" بحاجة لمساعدة حكومية في عام 2008 أثناء الأزمة المالية العالمية، بينما احتاجها بنك "يو بي إس".
وفي آسيا، ووفقًا لمصادر مطلعة، كانت فروع كريدي سويس، من سنغافورة إلى طوكيو، هادئة إلى حد كبير صباح اليوم الإثنين، وسعى المسؤولون لتصوير الصفقة على أنها وضع يمكن للجانبين الاستفادة منه.
وتواصل إدوين لو، الرئيس التنفيذي للمنطقة، مع نظيره في "يو بي أس" إدموند كوه، قائلاً إن الدمج يجب أن يتم مع وضع العملاء في الاعتبار، حيث سيعمل كلا الفريقين معًا في النهاية.
وكتب كوه في مذكرة منفصلة أن الصفقة تعتبر لحظة مثيرة لـ"يو بي أس"، حيث تساعد على تعجيل تنفيذ استراتيجيته، وتقوية قطاع إدارة الثروات فيه.
ولم يوضح "يو بي أس" عدد الوظائف التي ستكون معرضة للتسريح من جراء الاندماج، على الرغم من أنه أشار إلى أن العدد سيكون كبيرًا.
وقال البنك في بيان له، يوم الأحد، إنه يخطط لخفض قاعدة الكلفة السنوية للبنك المندمج بأكثر من 8 مليارات دولار بحلول عام 2027، وهو ما يقرب من نصف نفقات "كريدي سويس" العام الماضي.
وفي زيورخ، حيث يضيف "يو بي أس" نشاطًا كبيرًا يتعلق بأعمال البنوك الخاصة Private Banking، انضم رئيس قطاع إدارة الثروات بالبنك إقبال خان إلى مبنى تابع لبنك "كريدي سويس"، وأخبر زملاءه الجدد بأنه ستكون هناك حوافز تساعد على الإبقاء على بعضهم.
وكان خان مسؤولًا عن إدارة الثروات الدولية لـ"كريدي سويس" قبل الانتقال إلى "يو بي إس".
وسعى خان لطمأنة زملائه السابقين بأنه سيعزز جوًا من التسامح والاحترام بعد الاندماج.