قلق في دوائر صادرات الساعات السويسرية إلى الصين رغم نموها... إليك الأسباب

02 يوليو 2021
ثمة ارتفاع في إقبال العملاء الصينيين على شراء الساعات السويسرية (فرانس برس)
+ الخط -

ألقت أزمة كورونا بظلالها على صناعة الساعات السويسرية العريقة، حيث سجلت صادراتها عام 2020 تراجعاً بنسبة 22% مقارنة بعام 2019، ما يعادل خسارة 17 مليار فرنك سويسري، وهي الأكبر منذ الأزمة المالية العالمية بين عامي 2008-2009.

وتزامناً مع هذا التراجع، في ظل أسوأ فترات الجائحة، شهدت صادرات الساعات الذكية نمواً بنسبة 20%، في ضربة قاسية جديدة لقطاع الساعات السويسرية التقليدية.

ورغم ذلك، عادت صادرات هذه الأخيرة إلى الازدهار مجدداً، لا سيما في السوق الصيني، مع مطلع العام الجاري، وذلك مع الانحسار الملحوظ لانتشار فيروس كورونا ارتباطاً ببدء حملات التطعيم المكثفة والإجراءات الاحترازية من قبل السلطات السويسرية.

وذكرت صحيفة "كورييري دل تيتشينو" السويسرية الناطقة باللغة الإيطالية، في تقرير حمل عنوان "صناعة الساعات السويسرية تفقد توازنها نحو الصين"، اليوم الجمعة، أن ثمة ارتفاعاً في إقبال العملاء الصينيين على شراء الساعات السويسرية تؤكده البيانات الصادرة خلال الشهر المنصرم عن الاتحاد السويسري لصناعة الساعات.

وقد سجلت صادرات الساعات السويسرية إلى الصين في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري زيادة بنسبة 56%، مقارنة بالفترة ذاتها من عام 2019، في حين بلغت هذه الزيادة ذروتها في إبريل/نيسان الماضي بنسبة 75%. وعلى الرغم من أنّ هذا المنحى التصاعدي يعد بالتأكيد أمراً إيجابياً، فإنه لا يخلو من مخاطر بالنسبة للقطاع.

جنة المناطق الحرة
وأشارت الصحيفة إلى أنّ جزيرة هاينان، القبلة الجديدة في بحر الصين للسلع الفاخرة، تبرز حالياً كمقصد سياحي ساحلي للنخبة، وباتت هي المنطقة الحرة الأولى داخل الحدود الصينية، وجنة حقيقية للعملاء الأثرياء الذين يجدون فيها ضالتهم لإشباع رغباتهم في اقتناء السلع الفاخرة، بما فيها الساعات السويسرية، من دون الاضطرار إلى الخروج من الصين.

ويحظى عملاء الجزيرة بإمكانية الاستمرار في شراء السلع المعفاة من الرسوم الجمركية أيضاً بعد عودتهم إلى منازلهم، لفترة 6 أشهر، عبر المواقع الإلكترونية للعلامات التجارية المختلفة.

وتابعت أنه من بين المشروعات التي تخطط لها الصين حالياً، يبرز مشروع إقامة مناطق حرة أخرى من هذا النوع تحديداً، بهدف الاحتفاظ بالمستهلكين داخل حدودها. هذا التوجه أفضى إلى أنّ إجمالي مشتريات الساعات السويسرية من قبل العملاء الصينيين يتم اليوم داخل الصين، وليس أثناء رحلات سياحية في المدن الأوروبية الرئيسية أو في سويسرا. وقد دفعت تلك المناورة الصينية المجموعات الكبرى أكثر إلى التركيز على هذا السوق، مع مخاطرة خلق نوع من الاعتمادية لصناعة الساعات على الصين.

رغبة الوجود في كل مكان
من جانبه، عزا رئيس الاتحاد السويسري لصناعة الساعات جان دانييل باش، في مقابلة أجرتها معه صحيفة "تريبيو دو جينيف"، الزيادة الملحوظة في الصادرات نحو الصين، إلى نجاح بكين في الخروج سريعاً من جائحة كورونا، علاوة على كونها سوقاً يتسم بسرعة النمو بصرف النظر عن أزمة الجائحة، وذلك لأن نطاق المستهلكين في الصين في نمو مستمر. ومما يؤخذ في هذا المقام أيضاً أن الحروب التجارية بين القوى الكبرى تجعل من الخطورة بمكان التركيز على سوق واحد فقط.

بدوره، أوضح مانويل إيمش، صاحب العلامة التجارية للساعات "لويس إيرارد"، أنّ ما سبق ذكره "يعد مبرراً لرغبتنا في الوجود في كل مكان، والهدف من ذلك ليس تجنب السوق الصيني، بل على العكس لأنّ عدد أصحاب المليارات الصينيين سوف يتضاعف في غضون السنوات العشر المقبلة، ما يمثل أفقاً مهماً للنمو".

عوامل أخرى
وعلّقت "كورييري دل تيتشينو" بالقول إنه من بين العوامل التي لا ينبغي التقليل من شأنها، عودة العملاء الصينيين نحو الثقافة الشرقية، ولا سيما الشبان الذين يبدون اعتزازاً وافتخاراً بوطنهم يُترَجم إلى العودة إلى الجذور وإلى المنتجات المحلية. هذا التوجه قد يظهر أيضاً في مجال صناعة الساعات.

ونقلت عن أوليفر مولر، من مجموعة "لوكس كونصلت" الاستشارية السويسرية، قوله إنه "ليس من المستبعد حدوث ابتعاد مفاجئ عن الساعات التقليدية، أو تراجع لأهمية مركز من يرتديها، لصالح الساعات الذكية، التي صارت منتشرة للغاية".

وأضافت الصحيفة أنّ الأوامر العليا قد تبرز من بين العوامل المؤثرة في هذا السياق، وعلى وجه الخصوص من الممكن أن تمثل رغبة الحكومة الصينية في فرض ضرائب على السلع الفاخرة عنصراً حاسماً بالنسبة لسوق الساعات السويسرية.

وختمت بقولها إنّ جميع العوامل سالفة الذكر، والتي تأتي في ظل فترة من التوازنات الحساسة، "تقض مضجع اللاعبين الرئيسيين لصناعة الساعات السويسرية، وتفرض التعامل مع المسألة بنوع من الحذر".

المساهمون