قلق الاقتصاد العالمي: الهجوم الإيراني يربك أسواق النفط والمال

16 ابريل 2024
متعاملون في بورصة نيويورك، 10 إبريل 2024 (سبنسر بلات/ Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- التوترات بين إسرائيل وإيران تثير قلق الاقتصاد العالمي، مع توقعات بأن يظل الصراع محصورًا بسبب الضغوط الأمريكية، لكن هناك تحذيرات من ارتفاع أسعار النفط إذا تصاعد الصراع.
- الهجوم الإيراني على إسرائيل يدفع أسعار الذهب للارتفاع كملاذ آمن، بينما ينخفض خام برنت دون 90 دولارًا للبرميل، مما يعكس حالة عدم اليقين في الأسواق.
- التداعيات المحتملة تشمل تعقيد التضخم في الولايات المتحدة وتأثيره على الإصلاحات البنيوية بالصين، مع تحذيرات من تفاقم الصراع وتأثيره السلبي على الاقتصاد العالمي بسبب ارتفاع أسعار النفط.

 يواجه الاقتصاد العالمي حالة من القلق وتفاوت التحليلات، على وقع محاولات بتنبؤ نوعية الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني ومداه.

عملياً، لم يُظهر المتعاملون في الأسواق الدولية، ومنها الإسرائيلية، ردة فعل عنيفة مع افتتاح التداول الاثنين، مع تزايد التوقعات بأن يكون الصراع محصوراً في ظل الضغوط الأميركية على الاحتلال لعدم توسيع رقعة الحرب.

إلا أن هذا الارتياح يعتبره بعض المحللين مبالغاً فيه، لا بل إن محللي "سيتي غروب" حذروا من أن أسعار النفط قد ترتفع فوق 100 دولار للبرميل، إذا تصاعد الصراع بين إسرائيل وإيران.

وانخفض خام برنت، المؤشر الدولي، إلى ما دون 90 دولارًا يوم الاثنين، بعد أن ارتفع في البداية إلى 91.05 دولارًا للبرميل، بعد أن شنت طهران ضربات ضد الاحتلال في وقت متأخر من يوم السبت.

وتوقع محللو سيتي أن تظل التوترات "مرتفعة للغاية" في الشرق الأوسط. وكتب المحلل ماكس لايتون في مذكرة للعملاء نقلتها "تيلغراف" البريطانية: "ما لا يتم تسعيره في السوق الحالية، من وجهة نظرنا، هو استمرار محتمل للصراع المباشر بين إيران وإسرائيل، والذي نقدّر أنه قد يؤدي إلى تداول أسعار النفط بما يصل إلى أكثر من 100 دولار للبرميل، حسب طبيعة الأحداث”.

وكان الهجوم الذي وقع في نهاية الأسبوع هو المرة الأولى التي تشن فيها إيران هجوما عسكريا على إسرائيل، على الرغم من عقود من العداء، وذلك رداً على استهداف القنصلية الإيرانية في سورية.

وارتفعت أسعار الذهب، الاثنين، مع بحث التجار عن ملاذات آمنة بعد الهجوم الانتقامي الإيراني، ودفع الهروب إلى بر الأمان الذهب إلى الارتفاع أكثر من 0.5 في المائة إلى 2356.39 دولارا للأوقية، قريبا من أعلى مستوى قياسي عند 2369.32 دولارا.

التداعيات على الاقتصاد العالمي

وقال ستيفن إينيس، الشريك الإداري في مؤسسة أس بي آي المالية لـ"تيلغراف": "على الرغم من أن هجوم الطائرات بدون طيار قد احتل عناوين الأخبار، إلا أن تأثيره المباشر على الأسواق العالمية، خاصة أسعار النفط والمخاوف المتعلقة بالتضخم، قد يكون ضعيفًا".

أما محللو مجموعة غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي فقالوا في مذكرة: "الرد الإسرائيلي المحتمل على الهجوم الإيراني غير مؤكد إلى حد كبير، ومن المرجح أن يحدد مدى التهديد لإمدادات النفط الإقليمية. إن إنتاج الخام الإيراني ارتفع بأكثر من 20 في المائة خلال العامين الماضيين إلى 3.4 ملايين برميل يوميا، أو نحو 3.3 في المائة من المعروض العالمي. لذلك "إذا قامت السوق بتسعير احتمالية أكبر لانخفاض الإمدادات الإيرانية، فإن هذا يمكن أن يساهم في ارتفاع علاوة المخاطر الجيوسياسية".

وقالت دينا اسفندياري، وهي مستشارة كبيرة لشؤون الشرق الأوسط في معهد آي سي جي البريطاني، لـ"بلومبيرغ" "الشيء الوحيد الذي يغير قواعد اللعبة هو أن الولايات المتحدة أوضحت أنها لن تدعم الانتقام الإسرائيلي، لذا فإن هذا قد يقيد تل أبيب إلى حد ما" فيما يتعلق بالرد على طهران.

أما مجموعة آي أن جي المصرفية العالمية فاعتبرت في بيان أن "الخطر الأول هو أن العقوبات النفطية التي قد يتم تطبيقها بشكل أكثر صرامة ضد إيران، قد تؤدي إلى فقدان ما بين 500 ألف إلى مليون برميل يوميًا من إمدادات النفط.

وتشمل النتائج المحتملة الأخرى قيام إسرائيل بمهاجمة البنية التحتية للطاقة الإيرانية، أو قيام إيران بإغلاق مضيق هرمز".

إلا أن رئيس كلية "كوينز" بجامعة كامبريدج البريطانية والخبير الاقتصادي العالمي، محمد العريان، كتب في "بلومبيرغ" الاثنين أن صدمة أسعار الطاقة التي قد تتبع مثل هذا التصعيد الإضافي من شأنها أن تخنق التعافي في قطاع التصنيع، وتزيد من تعقيد صورة التضخم في الولايات المتحدة، وهذا من شأنه أن يجعل الإصلاحات البنيوية التي تحتاج إليها الصين أكثر صعوبة، وهذا قد يؤدي إلى تكثيف التحرك نحو المزيد من التفتت الاقتصادي والمالي الدولي.

وذهب موقع "فورتشين" إلى الترجيح بأن التوتر المتزايد في الشرق الأوسط في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل يمنح الاحتياطي الفيدرالي سببًا أكبر للتباطؤ في تخفيضات أسعار الفائدة، حيث إن ارتفاع أسعار النفط يمكن أن يعطل معركة البنك المركزي ضد التضخم.

وكتب نيل شيرينغ، كبير الاقتصاديين في مجموعة كابيتال إيكونوميكس، في مذكرة يوم الأحد: "إن المخاطر الرئيسية التي يواجهها الاقتصاد العالمي هي ما إذا كان هذا يتصاعد الآن إلى صراع إقليمي أوسع، وما هو الرد في أسواق الطاقة". "إن ارتفاع أسعار النفط من شأنه أن يعقّد الجهود الرامية إلى إعادة التضخم إلى المستوى المستهدف في الاقتصادات المتقدمة، ولكن لن يكون له تأثير مادي على قرارات البنك المركزي، إلا إذا أدى ارتفاع أسعار الطاقة إلى التضخم الأساسي".

وقال شيرينغ: "لا تزال أسواق الطاقة هي آلية النقل الرئيسية من التوتر الإقليمي إلى بقية الاقتصاد العالمي". واستشهد بقاعدة عامة تقول إن زيادة بنسبة 10 في المائة في أسعار النفط تترجم إلى 0.1 إلى 0.2 نقطة مئوية من التضخم الإجمالي الإضافي في الاقتصادات المتقدمة. وقد أدت علامات التضخم الثابت إلى إضعاف الآمال في أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي قريباً في خفض أسعار الفائدة. كما كان محافظو البنوك المركزية يتطرقون إلى هذه النقطة أيضاً.

وحذر الخبراء من أن الرد العنيف من جانب إسرائيل قد يؤدي إلى تفاقم الصراع، وتقييد إمدادات النفط من المنطقة، ورفع الأسعار.

وقالت حليمة كروفت، رئيسة استراتيجية السلع العالمية في آي بي سي كابيتال، لـ"فايننشال تايمز": "إن الانتقام الإسرائيلي الكبير يمكن أن يؤدي إلى دورة انتقامية مزعزعة للاستقرار، ويدفع هذا الصراع إلى أعلى سلم التصعيد. في مثل هذا السيناريو، نعتقد أن المخاطر على النفط ليست ضئيلة".

وأضافت: "بينما تفتقر إيران إلى القدرة على إغلاق مضيق هرمز، يبدو أنها تحتفظ بالقدرة على تكرار قواعد اللعبة لعام 2019، المتمثلة في مهاجمة الناقلات وخطوط الأنابيب والبنية التحتية الحيوية للطاقة". وأي ارتفاع في الأسعار سيأتي في لحظة حساسة بشكل خاص بالنسبة للرئيس الأميركي جو بايدن، الذي يكافح من أجل بيع سجله الاقتصادي للناخبين قبل انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني وسط ارتفاع التضخم بشكل عنيد.

ويهدد الارتفاع الإضافي في أسعار النفط الخام بتفاقم الأسعار المرتفعة بالفعل في محطات الوقود قبل أشهر من توجه الأميركيين إلى صناديق الاقتراع.

ويبلغ متوسط أسعار البنزين في الولايات المتحدة 3.63 دولارات للغالون، بزيادة نحو 15 في المائة منذ بداية العام.

أما في السوق الإسرائيلية فقد ارتفع سعر الشيكل لينخفض الدولار بنسبة 1 في المائة (مقابل سعره التمثيلي يوم الجمعة) ويتداول عند 3.72 شيكل، وانخفض اليورو بنسبة 1.1 في المائة إلى حوالي 3.97 شيكل.

ويوم الجمعة، كان هناك ارتفاع حاد في سعر الدولار في الأسواق العالمية، وفي إسرائيل أيضا، على خلفية تقارير عن هجوم إيراني محتمل على إسرائيل، إلى جانب رد الفعل على ارتفاع التضخم في الأرقام الصادرة يوم الأربعاء في الولايات المتحدة.

وقال الاقتصادي يوناتان كاتس عقب الرد الإيراني، لموقع "كالكاليست" الإسرائيلي، الاثنين "تصاعد الصراع مع إيران يدعم انخفاض قيمة الشيكل، على الأقل على المدى القصير، لكن من السابق لأوانه معرفة كيف ستتطور الأحداث".

ويأتي ذلك بعد أسبوع من قرار بنك إسرائيل بترك سعر الفائدة دون تغيير عند 4.5 في المائة. وتم تبرير القرار بعدم اليقين الذي يحيط بالحرب، مما أدى إلى ارتفاع مؤشرات المخاطر للاقتصاد الإسرائيلي، إلى جانب المخاوف من تجدد تفشي التضخم.

وفي التوقعات الكلية التي نشرها قسم الأبحاث في البنك المركزي، تم تحديث توقعات العجز إلى مستوى 6.6 في المائة (على غرار الحد الأقصى الذي حدده القانون)، بعد أن كانت التوقعات السابقة 5.7 في المائة. وفيما يتعلق بالتضخم أيضًا، تم تحديث التوقعات صعودًا إلى مستوى 2.8 في المائة في نهاية عام 2024.

المساهمون