عاد السجال من جديد حول البطالة التي قفزت إلى مستوى مرتفع في الفترة الأخيرة، غير أن الحكومة المغربية تدافع عن حصيلتها في مجال التشغيل، مؤكدة أن الشغل المأجور بلغ مستوى غير مسبوق.
في تقريرها حول سوق الشغل والبطالة، أكدت المندوبية السامية للتخطيط (حكومية)، أن الاقتصاد المغربي فقد حوالي 300 ألف فرصة عمل في الفصل الثالث من العام الجاري.
وتجلى من ذلك التقرير أن البطالة قفزت إلى 13.5 في المائة في تلك الفترة، بعدما كانت في حدود 11.4 في المائة، ليصل عدد العاطلين إلى 1.62 مليون عاطل على الصعيد الوطني، بفعل فقدان 29 ألف فرصة عمل في المدن و269 ألف فرصة عمل في الأرياف.
وبدا أن البطالة قفزت في المدن من 15 إلى 17 في المائة وانتقلت في الأرياف من 5.2 في المائة إلى 7 في المائة، حيث يتجلى أن معدل البطالة ما فتئ يرتفع منذ الفصل الأول من العام الجاري، وهو ما يفسر بطبيعة سوق العمل القاصر عن استيعاب طالبي الشغل، وهي وضعيه رسختها تداعيات الأزمة الصحية و توالي سنوات الجفاف.
ويعتبر مراقبون أن سوق العمل بالمغرب قاصر عن استيعاب الناشطين الجدد. ففي المتوسط، بلغ عدد الأشخاص البالغين سن النشاط الذين يصلون إلى سوق العمل بين 2019 و2000 حوالي 375 ألفا في العام الواحد، غير أن صافي فرص العمل الذي تم إحداثه لم يتجاوز في المتوسط 112 ألفا في العام.
فرص العمل التي تم فقدانها والبالغ عددها حوالي 300 ألف فرصة في الربع الثالث من العام، دفعت إلى التساؤل حول تحقيق وعود الحكومة الي التزمت بإحداث 200 ألف فرصة عمل سنويا، علما أن أعداد السكان الذين يبلغون سن العمل ترتفع سنويا بحوالي 375 ألفا.
فقدان فرص العمل وجد صدى له في البرلمان، حيث عمد مستشارون في الغرفة الثانية منه، أول من أمس الثلاثاء، إلى مساءلة الحكومة حول سياستها في مجال التشغيل، خاصة أنها وعدت، حسب المستشار الحسين إيدي، بإحداث مليون فرصة عمل على مدى خمسة أعوام.
وذهب مستشارون إلى أنه لا يتم إحداث فرص عمل حقيقية، داعية إلى تقييم سياسات الحكومة بهدف وضع استراتيجية يمكن أن تتجاوز وضعية الهشاشة التي تميز سوق العمل بالمغرب.
ذلك دفع وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري، إلى محاولة توضيح أسباب فقدان فرص عمل، حيث أكد أن 231 ألفا من فرص العمل التي تم فقدانها تعزى إلى الشغل غير المؤدى عنه (غير مؤمن عليه) في العالم القروي الذي يعاني من الجفاف، مشيرا في الوقت نفسه إلى فقدان 686 ألف فرصة عمل لدى الذين يعملون لحسابهم في إطار الشغل الذاتي.
غير أنه اعتبر بالمقابل أنه تم تسجيل تحول نوعي في سوق العمل، حيث ارتفعت فرص العمل التي تتيح لأصحابها أجورا بحوالي 621 ألفا، مقابل 226 ألفا كمتوسط بين 2021 و2022، وهو ما يعزى في تصوره إلى توسيع الحماية الاجتماعية وإنعاش التشغيل.
ولم يتمكن المغرب في الأعوام الأخيرة من بلوغ معدل نمو اقتصادي قوي يوفر فرص عمل تستوعب جزءا كبيرا من الشباب المقبل على سوق الشغل، حيث لم يتجاوز في المتوسط 3 في المائة، في الوقت الذي أوصى النموذج التنموي بنقله إلى 6 في المائة.