قطر: انتعاشة عقارية مع اقتراب المونديال والإيجارات ترتفع

01 سبتمبر 2021
نقلة عمرانية واسعة قبل استضافة بطولة كأس العالم (Getty)
+ الخط -

مؤشرات وعوامل عديدة دفعت إلى توقع زيادة أسعار الإيجارات السكنية في قطر ما بين 10 و15%، خلال الأشهر الباقية من العام الجاري، لتزداد النسبة طرداً مع اقتراب انطلاق منافسات بطولة كأس العالم المقررة إقامتها العام المقبل (مونديال قطر 2022).

ويأتي ذلك في ظل ارتفاع التداولات العقارية في قطر، بنسبة 21.4% خلال النصف الأول من العام الجاري، لنحو 13.8 مليار ريال (3.79 مليارات دولار)، قياساً مع الفترة نفسها من عام 2020. كذلك فإن الدوحة تنتظر الانتهاء من مشاريع عقارية ضخمة خلال الربع الأول من العام المقبل، بالإضافة إلى مبادرة اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الجهة المسؤولة عن تطوير مشاريع المنشآت الرياضية لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، بتأجير مئات الشقق على عقود إيجار إسكان تراوح ما بين سنة وخمس سنوات اعتباراً من أواخر عام 2021، ضمن برنامج أماكن الإقامة لزائري قطر في أثناء الإعداد للبطولة وخلال المنافسات.

وفي مقابل توقعات شركات عقارية محلية بارتفاع قيمة الإيجارات، ثمة خبراء يرون أن القاعدة التي تحكم حركة الإيجارات وأسعار العقارات، هي حجم العرض من العقارات مقابل الطلب على التأجير، وبالتالي فإن المعروض من عقارات سكنية، سواء الشقق أو الفيلات، يفوق الطلب، ويميل هؤلاء إلى استقرار سوق العقارات، بعد الانحسار التدريجي للقيود التي فرضتها جائحة كورونا. فهل سترتفع فعلاً الإيجارات السكنية في البلاد مع اقتراب استضافة مونديال 2022؟

ارتفاع الإيجارات

يقول المدير العام لشركة "يوتوبيا للعقارات" راشد فهد العجلان الكعبي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن استضافة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 ستؤدي إلى حدوث انتعاش في القطاعات الاقتصادية كافة، ولن يكون القطاع العقاري في منأى عن هذا الانتعاش المتوقع، ولا سيما في ظل تنفيذ الدولة عدة مبادرات تستهدف تأمين أماكن الإقامة للزائرين الذين سيتوافدون على قطر قبل منافسات البطولة وفي أثنائها، من أبرزها مبادرة اللجنة العليا للمشاريع والإرث الخاصة بعقارات المونديال التي تتصدر المبادرات الداعمة لنشاط السوق العقاري في قطر.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

ويضيف: "إلى جانب دور اللجنة في تمكين الدولة من إنشاء قاعدة بيانات محدثة عن العقارات الموجودة في قطر وتصنيفاتها، ما يسهل من الاعتماد عليها عند الحاجة في تنظيم أو استضافة بطولات وفعاليات أخرى".

ويؤيد الكعبي التوقعات التي تشير إلى ارتفاع قيم الإيجارات السكنية خلال الفترة المقبلة ويعتبرها "منطقية"، ولا سيما مع اقتراب انطلاق صافرة المونديال، والمؤشرات الإيجابية التي تبشر بانتهاء جائحة كورونا، وعودة الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية إلى طبيعتها، الأمر الذي سيسهم في خلق المزيد من الطلب القادر بدوره على استيعاب المعروض المتوافر في السوق، سواء من وحدات الإقامة السكنية، أو الغرف والشقق الفندقية التي تقدر أعدادها حالياً في البلاد بنحو 30 ألف غرفة وشقة.

وحسب موقع اللجنة العليا للمشاريع والإرث، فإن عدد المشجعين المتوقعة زيارتهم لقطر خلال المونديال يبلغ نحو 1.5 مليون شخص، وعدد الغرف المُتاحة لاستقبال المشجعين والزائرين خلال العام المقبل يصل إلى 70 ألف غرفة، وسيفد معظم المشجعين إلى قطر من خلال مطار حمد الدولي، المنفذ الجوي الوحيد للدولة، وستعطي طبيعة تقارب المسافات التي تتميز بها جغرافية الدولة فرصة أمام الزوار للاستقرار في مقر إقامة واحد دون الحاجة إلى التنقل من مكان لآخر طوال مدة الزيارة.

فجوة العرض والطلب

ويرى أيمن المنصور، الذي يعمل لدى شركة وساطة عقارية، أن إيجارات الوحدات السكنية، المجمعات والشقق والفيلات، سترتفع بداية من شهر أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، بنسب متفاوتة تبدأ بنحو 10%، وحسب الأحياء السكنية في الدوحة، لافتاً إلى أن مستوى الزيادة يظهر بشكل غير مسبوق خلال الربع الثاني من عام 2022، ليصل إلى مستويات قياسية.

وحول حجم المعروض قياساً إلى الطلب بالنسبة إلى الإيجارات، يوضح الوسيط العقاري لـ"العربي الجديد" أن العرض حالياً يعادل ضعف الطلب، لكن ثمة معادلة غير مفهومة برأيه، وهي أنه رغم الفجوة بين العرض والطلب إلا أن الأسعار مرتفعة، وتشكل عامل ضغط على معظم الموظفين المقيمين.

ويشير إلى أن متوسط راتب المعلم في المدارس الحكومية هو 15 ألف ريال (الدولار = 3.65 ريالات)، ومتوسط إيجار شقة من ثلاث غرف يتجاوز 5.5 آلاف ريال، تضاف إليها رسوم الكهرباء والماء والإنترنت، التي تتجاوز 600 ريال، أي إنّ أكثر من ثلث راتب الموظف يذهب للمسكن.

ولزيادة المردود الإيجابي، لقانون السماح بتملك غير القطريين للعقارات، يقترح المنصور على المصارف والبنوك منح قروض ائتمانية ميسرة لمدة تتجاوز خمس سنوات، بضمان العقار نفسه، ما يشجع المقيمين على شراء العقارات في المناطق التي حددها القانون.

تسهيلات تمويلية

ارتفعت القروض والتسهيلات التمويلية الممنوحة للقطاع العقاري إلى مستوى 158.7 مليار ريال في يونيو/ حزيران 2021، مقارنة بـ 153.4 مليار ريال من الشهر المناظر لعام 2020، بزيادة نحو 5.3 مليارات ريال، وبلغت التسهيلات الائتمانية المقدمة إلى قطاع المقاولات 39.3 مليار ريال، مقارنة بـ 35.4 مليار ريال بزيادة بنحو 3.9 مليارات ريال.

ولفت المنصور إلى أن أسعار الشقق المعروضة للبيع في لوسيل تراوح بين 800 ألف ريال و1.6 مليون ريال لشقة تتألف من غرفتي نوم ومجلس أو غرفة وصالون بمساحة نحو 120 متراً مربعاً، وترتفع القيمة في اللؤلؤة لما بين 1.8 مليون ريال إلى 3 ملايين ريال، حسب الإطلالة بحرية أو داخلية.

ويمنح القانون المستثمر العقاري بقيمة 3.65 ملايين ريال (مليون دولار) أو أكثر إقامة دائمة، بالإضافة إلى مزايا الرعاية الصحية والتعليم المجاني، فيما سيحصل المستثمر الذي يشتري عقاراً بقيمة 730 ألف ريال (200 ألف دولار) وما فوق على إقامة له ولعائلته.

نمو قطاع العقارات

وتظهر بيانات التداول العقاري خلال يوليو/ تموز الماضي، نمواً في قطاع العقارات على صعيد المجالات الاستثمارية والتجارية، وتجاوز حجم التداول في عقود البيع المسجلة لدى إدارة التسجيل العقاري بوزارة العدل خلال شهر يوليو، 2.8 مليار ريال، عبر تسجيل 254 صفقة عقارية شملت مساكن وعمارات وأراضي فضاء.

وبالمقارنة بالشهر السابق له (يونيو/ حزيران)، سجل مؤشر العقارات ارتفاعاً بنسبة 53%، وزاد مؤشر قيمة التداولات 5%.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وحول مدى انعكاس قانون السماح لغير القطريين بتملك العقارات والانتفاع بها، الذي بدأ العمل به قبل نحو عام، على السوق، يقول المدير العام لشركة "يوتوبيا للعقارات"، لـ"العربي الجديد"، إنه لا أحد يستطيع أن ينكر أهمية قرار السماح بتملك غير القطريين للعقارات، سواء على خطط الحكومة للتنويع الاقتصادي بشكل عام، أو القطاع العقاري خاصة، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي في محدودية تأثيره بالسوق قد يرجع إلى جائحة كورونا والتداعيات التي كان لها بالغ الأثر في عدم جني القطاع العقاري القطري لثمار ذلك القرار، الذي تزامن إعلانه مع بدء تفشي الجائحة، وفرض القيود الخاصة بخطط مواجهة الفيروس.

ورغم ذلك، فإن التوقعات كما يراها الكعبي، تشير إلى أنه مع انحسار الجائحة واكتمال تهيئة المناخ الاستثماري بالقطاع، خاصة في ما يتعلق بالنظر في إمكانية إنشاء جهة موحدة تكون مسؤولة عن قطاع العقار وتسويقه والترويج للفرص والقرارات الداعمة له، سيشهد القطاع العقاري بدعم من قرار تملك غير القطريين، نقلة نوعية ستعود بالفائدة على المستثمر المحلي والأجنبي من جهة، وعلى الاقتصاد والقطاع العقاري القطري من جهة ثانية.

استقرار الأسواق

وفي المقابل، هناك رأي مختلف تماماً، ويؤكد أن أسعار الإيجارات السكنية ليست في ارتفاع، حسب الخبير والمثمن العقاري، خليفة المسلماني، الذي يقول لـ"العربي الجديد" إن العكس هو الصحيح، فإيجارات الوحدات السكنية على اختلاف أنواعها، في انخفاض حالياً، وضرب أمثلة على ذلك، بقوله إن إيجار شقة سكنية تتألف من ثلاث غرف، في منطقة السد، انخفض من نحو 8 آلاف ريال، إلى حدود 5 آلاف ريال، أي نسبة الهبوط نحو 35%.

وأضاف الخبير والمثمن العقاري القطري: لا أؤيد توقعات ارتفاع إيجارات الوحدات السكنية، مع اقتراب مونديال 2022، مرتكزاً على أنّ حجم المعروض للإيجار من العقارات، سواء في مجمعات أو عمارات يفوق الطلب، وما دام العرض أكثر من الطلب يبقى السعر مستقراً أو ينخفض.

وأوضح أن أعداد عقود الإيجارات السكنية التي تصدّقها وزارة البلدية والبيئة، عبر البلديات المنتشرة في الدولة، يشير إلى انخفاض القيمة الإيجارية عن السابق، لافتاً إلى حصول ما يشبه الهجرة إلى الضواحي، كالوكرة والمشاف وأم صلال وغيرها، نتيجة استكمال مشاريع الطرق والجسور والأنفاق، التي باتت تربط قلب العاصمة بالمناطق والضواحي، بشبكة سلسة من المواصلات، ما يوفر الوقت والمال معاً.

في المقابل، هناك رأي مختلف تماماً، ويؤكد أن أسعار الإيجارات السكنية ليست في ارتفاع، حسب الخبير والمثمن العقاري، خليفة المسلماني

 

ويتفق الخبير المسلماني في أن سماح التملك لغير القطريين للعقارات انعكس إيجاباً على السوق، موضحاً أن المقيم الذي كان يحق له الإيجار بات يحق له أن يملك المسكن الذي يستأجره، في 25 منطقة حددها القانون، مشيراً إلى الإقبال الملحوظ على التملك من المقيمين والمستثمرين، وأن عمليات البيع والشراء تتركز في منطقة اللؤلؤة ومدينة لوسيل بشكل كبير.

حركة عمرانية واسعة

وتشير شركة "الأصمخ" للمشاريع العقارية (خاصة)، في تقرير لها، إلى أن مشروع مدينة لوسيل يشهد حركة عمرانية واسعة، وأن أسعار القدم المربعة في تلك المنطقة قد أصبحت في مستويات جيدة وأفضل من السابق، في ظل الإقبال المتزايد من قبل المستثمرين، القطريين أو الأجانب، على التملك في تلك المنطقة التي تشهد اهتماماً كبيراً من قبل الدولة من خلال تزويدها بالخدمات والمرافق وشبكة متطورة من المواصلات.

ويوضح التقرير أنّ التكلفة الإجمالية لتنفيذ البنية التحتية في المدينة الذكية تصل إلى قرابة 10 مليارات ريال.

المساهمون