تتفاوض شركات الطيران في اجتماع بدأ الأحد في الدوحة على زيادات معقدة في قدراتها في خضم أزمتين جيوسياسية ومناخية، وذلك مع عودتها لحصد أرباح بعد "عامين مجدبين طويلين للغاية" جراء تفشي وباء كورونا.
على مدى 3 أيام، يشارك مندوبو الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) الذي يجمع 300 شركة تمثل 83% من النشاط العالمي للقطاع، في اجتماعهم السنوي في العاصمة القطرية التي وقع الاختيار عليها بسبب الوضع الصحيّ في شنغهاي الصينية التي كانت ستستضيف اللقاء.
وتسببت الأزمة وهي الأخطر في تاريخ الطيران التجاري في خسارة شركات الطيران 60% من زبائنها عام 2020، وارتفعت نسبة الإشغال عام 2021 إلى 50% فقط، ما كبّدها خسائر إجمالية تناهز 200 مليار دولار خلال العامين.
ورغم استمرار انتشار الوباء وبعض القيود المفروضة على السفر، لا سيما في آسيا، فإن القطاع يتعافى.
بمعيار عائدات الركاب بالكيلومترات الذي يمثل وحدة القياس المرجعية للقطاع، بلغ النشاط في إبريل/نيسان 62.8% مما سجل في الشهر نفسه عام 2019، وهو أفضل رقم منذ مارس/آذار 2020. وأداء الأسواق المحلية (74.2% من إبريل 2019) أفضل من تلك الدولية (56.6%).
على غرار مجموعة "إير فرانس-كاي إل إم"، ترى الشركات الأوروبية "صيفا واعدا" يلوح في الأفق مع حجوزات أعلى في بعض الأحيان من تلك المسجلة عام 2019 في بعض الوجهات، بينما في الولايات المتحدة تعافت السوق المحلية الضخمة بشكل شبه كامل.
وقال المدير العام لمنظمة "إياتا" ويلي والش خلال زيارته باريس مؤخرا: "الشركات تجني الأموال مرة أخرى وهذا أمر إيجابي للغاية"، معتبرا أن آفاق القطاع جيدة بعد "عامين مجدبين طويلين للغاية".
ورغم إفلاس عدد من الشركات، إلا أن أخرى حظيت غالبيتها بدعم من الدول صارت نظريا أكثر ربحية بعد الاضطرابات.. لكن مع تراجع عدد موظفيها.
خفض انبعاثات الكربون مكلف لشركات الطيران
عانى بعض المسافرين جراء ذلك مع إلغاء رحلات بسبب نقص عدد الطيارين أو طاقم الطائرة، واضطرارهم للانتظار لساعات عدة في بعض المطارات الأوروبية التي تفتقر للعمال الأرضيين وعناصر الجمارك.
أضاف والش أن "نظام العمل لم يصل بعد إلى سرعته القصوى" لكنه أمل أن "تتم معالجة" هذه الصعوبات مع الوقت. كما أعرب المسؤول عن تفاؤله بشأن استمرار الانتعاش رغم الحرب في أوكرانيا وتداعياتها وارتفاع التضخم وأسعار الوقود القياسية.
يمثل الوقود ما بين 25% و30% من تكاليف شركات الطيران، ونظرا لوضعها المالي الذي لا يزال هشا، زادت الشركات أسعار التذاكر للحفاظ على الربحية.
إلى جانب التآكل المتوقع للقوة الشرائية للمسافرين، يمكن أن تؤدي زيادات الأسعار إلى إضعاف الطلب في وقت يتعين على الشركات الاستثمار بشكل مكثف لمواجهة تحد وجودي: تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
التزم أعضاء الاتحاد الدولي للنقل الجوي تحقيق "صافي انبعاثات صفرية" بحلول عام 2050، وهو هدف سيتم تقديمه هذا الخريف إلى الجمعية العامة لمنظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو) التابعة للأمم المتحدة حيث من غير المؤكد أن تتوصل الدول الأعضاء إلى اتفاق.
وترفض "إياتا" التي تتوقع 10 مليارات مسافر سنويًا بحلول منتصف القرن مقارنة بـ4.5 مليارات عام 2019، النظر في فرض قيود على نموها يرى بعض المنظمات غير الحكومية أنها ضرورية لتحقيق أهداف اتفاق باريس بشأن المناخ.
حاليا، يمثل الطيران التجاري الذي يتعرض لانتقادات كثيرة من الناشطين البيئيين، ما بين 2,5% و3% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
وتحذر الشركات من خطر وقف إتاحة النقل الجوي لعدد متزايد من الناس وتكبيد المسافرين قسما كبيرا من فاتورة خفض انبعاثات الكربون، إذ إن جعل الطائرات "أكثر نظافة" والوقود مستداما يتطلب استثمار 1550 مليار دولار خلال 30 عامًا.
ويجري حاليا التركيز على معالجة تداعيات الحرب في أوكرانيا التي أحدثت صدمة جديدة للقطاع الجوي، فقد باتت الطائرات الأوروبية المتجهة إلى آسيا مضطرة للقيام بالتفافات طويلة لتجنب الأجواء الروسية، كما أن موسكو متهمة بسرقة 220 طائرة "بوينغ" و"إيرباص" من شركات تأجير قيمتها عدة مليارات من الدولارات.
ومن الأمور الأخرى التي تضفي أهمية على اجتماع الدوحة النزاع القانوني المحتدم بين الخطوط الجوية القطرية وشركة "إيرباص". وترى الأولى أن طائرات "إيه-350" تنطوي على عيوب تصنيع تنفيها الشركة الأوروبية.
(فرانس برس)