قروض الصين لإنجاز طريق الحرير تقوض اقتصادات الدول الصغيرة

19 ديسمبر 2021
تأمل حكومة لاوس أن يصبح خط السكة الحديد الجديد مربحا بحلول عام 2027 (Getty)
+ الخط -

افتتحت لاوس في كانون الأول/ديسمبر خط سكة حديد مكلفا يربطها بالصين في أجواء احتفالية، لكن محللين يحذرون من أن الفرحة قد تكون قصيرة نظرا للقروض الصينية الضخمة التي يتعين على الدولة الفقيرة الواقعة في جنوب شرق آسيا سدادها.

يربط الخطّ الطويل بين العاصمة فينتيان ومدينة كونمينغ في جنوب الصين. ويجري التخطيط لمده إلى سنغافورة كجزء من شبكة إقليمية مستقبلية عالية السرعة.

قال الرئيس ثونجلون سيسوليث خلال حفل الافتتاح في 3 كانون الأول/ديسمبر "لقد تحققت أحلام شعب لاوس"، متوقعا "عصرا جديدا من تطوير بنى تحتية حديثة" لبلده المنعزل.

وأدلى نظيره الصيني شي جين بينغ بمداخلة عبر الفيديو لتهنئة الجارة بالمشروع الذي تم تمويله عبر قروض من بكين كجزء من مشروعها "طرق الحرير الجديدة" (الحزام والطريق) الذي أطلقته عام 2013 لتعزيز نفوذها الاقتصادي.

من جهتهم، يخشى محللون أن تواجه لاوس صعوبات خطرة في السداد مع بلوغ ديونها حاليا 13,3 مليار دولار، أو ما يقرب من ثلاثة أرباع ناتجها المحلي الإجمالي، حيث يرجح أن يؤدي القرض الجديد إلى اعتبار لاوس "دولة تابعة للصين" التي تمتلك حاليا 47 بالمئة من ديونها.

وتأمل حكومة لاوس أن يصبح خط السكة الحديد الجديد مربحا بحلول عام 2027، لكن ربط سوق صغيرة تضم سبعة ملايين شخص بكونمينغ له "منطق تجاري محدود لمثل هذه السكة الحديد باهظة الثمن"، وفق ما حذّر جوناثان أندرو لاند في تقرير صادر عن بنك التنمية الآسيوي.

وتوقع الخبير أن "يزيد" سداد الدين "الضغط" على حكومة تعاني أصلا "قدرة محدودة على زيادة الضرائب" بسبب الفقر في البلاد.

ترتيب مالي سيئ

وفق معهد "ايد داتا" التابع لـ"كليّة ويليام آند ماري" الأميركية الساعية إلى جعل تمويل التنمية في العالم أكثر شفافية، فإن الترتيب الذي تم وضعه لتمويل المشروع سيئ ومحفوف بالمخاطر بالنسبة إلى لاوس.

ويعود خط السكة الحديد إلى مجموعة تسيطر ثلاث شركات صينية مملوكة للدولة على 70 بالمئة منها فيما يعود 30 بالمئة لشركة مملوكة للدولة في لاوس.

من إجمالي التكلفة البالغة 5,9 مليارات دولار، تم تمويل 3,54 مليارات بواسطة قروض من "بنك الصين للاستيراد والتصدير" (إكسيم بنك)، و2,36 مليار دولار من أموال الشركاء.

لكن لتوفير حصتها من حقوق الملكية (730 مليون دولار)، وقعت لاوس قرضا إضافيا بقيمة 480 مليون دولار من "إكسيم بنك".

واعتبر معهد "ايد داتا" أن هذا الترتيب يرقى إلى "الديون الخفية" التي تجعل حصة لاوس في مشروع السكة الحديد "عديمة القيمة".

تسلط بيانات "ايد داتا" الضوء على خطر أن يتخلى الشركاء الصينيون عن لاوس.

ولطالما ربطت السلطات في لاوس التنمية الاقتصادية للبلاد بالجارة القوية في الشمال. وبين عامي 2008 و2019، حصلت فينتيان على قروض صينية بقيمة 5 مليارات دولار لتمويل إنشاء سدود أساسا.

في آب/أغسطس 2020، خفّضت وكالة التصنيف "موديز" ديون لاوس إلى مرتبة السندات المعدومة، وسرعان ما تبعتها وكالة "فيتش" للتصنيف.

على شفا التخلف عن السداد

وفق "ايد داتا"، كانت حكومة لاوس في مطلع عام 2021 "على وشك التخلف عن السداد وسارعت إلى مطالبة دائنيها الصينيين بتخفيف ديونها".

لكن الصين تتردد غالبا في شطب الديون، وتكتفي بمنح المديونين تأجيلات كثيرا ما تكون مصحوبة بمعدلات فائدة أعلى، أو إعادة جدولة.

وفي أيلول/سبتمبر، أقدمت لاوس على بيع شبكة توزيع الكهرباء في البلاد إلى شركة صينية مملوكة للدولة مقابل 600 مليون دولار، بهدف تسديد جزء من ديونها على ما يبدو. وتوقعت "فيتش" التفريط بمزيد من الأملاك العامة.

ولوحظت هذه الظاهرة في بلدان آسيوية أخرى، أبرزها استيلاء الصين عام 2017 على ميناء هامبانتوتا في سريلانكا بعد أن عجز البلد عن سداد قرض ضخم.

ويعتبر الباحث في "معهد لوي" بن بلاند أنه ليس أمام لاوس سوى قليل من الخيارات. ويتساءل "ما البديل؟... لا أعتقد أن شركاء استثمار وتنمية آخرين يريدون أن يحلوا محل الصين".

(فرانس برس)

المساهمون