قرض صندوق النقد يخيف التونسيين: كلفة اجتماعية باهظة

18 أكتوبر 2022
تصاعد التحركات الاحتجاجية في الشارع التونسي (غادي بن إبراهيم/Getty)
+ الخط -

تستمر المخاوف من زيادة تعكر الوضع الاجتماعي في تونس، رغم بوادر الانفراج بتحصيل السلطة لاتفاق مبدئي مع صندوق النقد الدولي يقضي بمنح تونس قرضا بقيمة 1.9 مليار دولار على أربع سنوات نتيجة التداعيات المرتقبة للإصلاحات على معيشة المواطنين ومناخ الأعمال.

ويتزامن الإعلان الرسمي عن تحصيل اتفاق مع مؤسسة التمويل الدولية مع تصاعد التحركات الاحتجاجية في البلاد التي تتوسع رقعتها من الأحياء الشعبية في العاصمة تونس إلى مدن الداخل.

والسبت الماضي، توصلت حكومة تونس إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي عقب مفاوضات انطلقت منذ مايو/أيار الماضي.

وقال صندوق النقد في بيان، إن تونس وصندوق النقد توصلا لاتفاق خبراء لإقراض تونس 1.9 مليار دولار على أربع سنوات.

جرعة أوكسجين للسلطة

يمنح قرض التسهيل الممتد الذي ستحصل عليه تونس جرعة أوكسجين للسلطة، التي تعاني من عجز قياسي قد يتجاوز 9 بالمائة حسب تقديرات البنك الدولي في تقريره الصادر في سبتمبر/ أيلول الماضي.

وتنتظر تونس قسطاً أول من القرض يسمح برفع احتياطات البلاد من العملة الصعبة وتوفير السيولة اللازمة لنفقات التسيير وتوريد المواد الأولية، بعدما شهدت الأسواق شحا كبيرا في الغذاء الأساسي والطاقة، وبات التضخم عند مستوى 9.1 بالمائة الشهر الماضي، حسب بيانات رسمية.

غير أن الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي أكد أن صندوق النقد الدولي لن يكون متساهلا في صرف أقساط القرض بسبب تواصل الوضع السياسي المقلق، مرجحا أن يقع تسريح القسط الأول بعد إجراء الانتخابات المبرمجة في 17 ديسمبر/ كانون الأول القادم.

وقال الشكندالي لـ"العربي الجديد" إن الصندوق سينتظر إجراء انتخابات برلمان جديد لتسريح المبالغ الأولى، مرجحا أن تسلك بقية مؤسسات القرض ذات المنهج.

وتوقّع الخبير الاقتصادي أن يكون القسط الأول ضعيفا جدا في ظل انقسام سياسي يسيطر على المشهد العام، فضلا عن إمكانية تصاعد الاحتجاجات الاجتماعية الناجمة عن الغلاء والفقر والبطالة.

وأشار أيضا إلى أن تقدم الحكومة بشكل متسارع في رفع الدعم عن المحروقات سيرفع أسعار السلع والخدمات نحو مستويات قياسية، ما يزيد من فرضية خروج المواطنين للشارع من أجل الاحتجاج ويشكل خطرا على الاستقرار الاجتماعي الذي يعد شرطا مهما لمواصلة الحصول على تمويلات خارجية بحسب قوله.

صعوبات اقتصادية

كانت حكومة نجلاء بودن قد أطلقت مفاوضات رسمية مع الصندوق من أجل تحصيل اتفاق مالي يتراوح ما بين 2 و4 مليارات دولار تحتاجها تونس لتمويل عجز الموازنة مقابل إصلاحات اقتصادية تشمل التقليص من دعم الغذاء والطاقة وتجميد التوظيف في القطاع الحكومي، إلى جانب إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية.

والشهر الماضي، رجح البنك الدولي، في تقرير حول الظرف الاقتصادي لتونس بعنوان "إدارة الأزمة في وضع اقتصادي مضطرب"، أن يصل عجز الميزانية إلى 9.1 بالمائة سنة 2022، مقابل 7.4 بالمائة سنة 2021.

وتوقع البنك الدولي أن "يبلغ معدل النمو الاقتصادي 2.7 بالمائة في 2022، ويرجع ذلك لحد كبير إلى انتعاش السياحة والتجارة بعد جائحة كورونا، والأداء القوي لقطاعي المناجم والصناعات التحويلية الخفيفة".

وأوضح أن "معدل النمو سيقل بشكل طفيف عن توقعات البنك الدولي السابقة في انعكاس لتأثير الحرب في أوكرانيا"، ومن المتوقع أن "يظل أداء الاقتصاد في 2022 أقل كثيرا مما كان عليه قبل الجائحة".

كلفة القروض الاجتماعية

ويرى الخبير المالي خالد النوري أن سلطات تونس لم تكن شفافة في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي بشأن شروط القرض وكلفته، على عكس القروض السابقة التي حصلت عليها البلاد خلال السنوات العشر الماضية.

وأفاد في تصريح لـ"العربي الجديد" بأن تونس حصلت خلال السنوات العشر الماضية على 3 قروض من صندوق النقد الدولي بقيمة تتراوح ما بين 1.2 و1.7 مليار دولار، حيث كانت السلطات تنشر رسالة النوايا التي ترسلها لصندوق النقد الدولي ووثيقة الإصلاحات التعديلية المتفق عليها مع مؤسسة القرض.

توقع البنك الدولي أن "يبلغ معدل النمو الاقتصادي 2.7 بالمائة في 2022، ويرجع ذلك لحد كبير إلى انتعاش السياحة والتجارة بعد جائحة كورونا

وأشار في سياق متصل إلى أن حكومة نجلاء بودن خالفت القاعدة في مفاوضاتها الأخيرة وجانبت معايير الشفافية المعمول بها، ما يؤثر في قدرتها على استيعاب أزمات الشارع في صورة المرور السريع إلى تطبيق الإصلاحات الخاصة بالدعم باعتبار أن رفعه يمس التونسيين مباشرة في قوتهم اليومي.

كذلك قال الخبير المالي إن السلطات لم تقدم أية تفاصيل على الكلفة المالية للقرض الجديد وتداعياتها على المديونية العامة للبلاد، مؤكدا أن الموارد التي تُتاح في ظل اتفاق التسهيل الممدد تخضع لعمولات التزام يتم استخلاصها في بداية كل 12 شهرا عن المبالغ التي يجري سحبها، وتتراوح العمولة بين 0.15 بالمائة، و0.60 بالمائة من إجمالي التمويل.

المساهمون