انزلقت الليرة السورية نحو قاع جديد، أمس الأحد، وسط شح النقد الأجنبي، ما يزيد من مخاوف الكثيرين من صعود أكبر لأسعار السلع الأساسية في البلد الذي يعاني أغلب مواطنيه من الفقر.
وهوى سعر العملة السورية إلى نحو 7500 ليرة للدولار و8000 ليرة لليورو الواحد، ما أدى إلى تجاوز سعر غرام الذهب الذي تزايد الطلب عليه، حاجز 400 ألف ليرة للمرة الأولى.
ويستمر تراجع الليرة منذ أن حدد المصرف المركزي، قبل أيام، سعر دولار الحوالات الخارجية بـ 7250 ليرة للدولار.
ويقول الخبير الاقتصادي السوري، محمد حاج بكري، إن التراجع المسجل في قيمة الليرة أخيراً له علاقة باستمرار خلل الميزان التجاري، والحاجة للدولار لاستيراد الغذاء والمشتقات النفطية ومستلزمات الصناعة، فضلاً عن انسحاب المصرف المركزي من حماية الليرة، عبر ما كنا نراه سابقاً من تدخل مباشر وبيع الدولار عبر شركات الصرافة.
وحدد المصرف المركزي، خلال آخر نشرة لسعر دولار الحوالات الخارجية قبل يومين، سعر صرف الليرة بـ 7250 ليرة للدولار الواحد، وحوالي 7758.95 ليرة لليورو.
ورغم أنّ غاية هذه النشرة التصريف النقدي وشراء الحوالات الخارجية التجارية والحوالات الواردة إلى الأشخاص الطبيعيين، بما فيها الحوالات الواردة عن طريق شبكات التحويل العالمية، فإنّها بحسب الاقتصادي السوري، حددت مستوى سعر الليرة الحقيقي، بعيداً عن "السعر الأمني أو الأسعار الوهمية" التي كان يفرضها المصرف المركزي. ويضيف أن تهاوي الليرة يؤدي إلى زيادة الطلب على الذهب.
وبحسب النشرة الصادرة عن "الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق" أمس، فقد تجاوز سعر غرام الذهب عيار 21 قيراطاً، 402 ألف ليرة، كما صعد سعر الغرام عيار 18 قيراطاً إلى نحو 345 ألف ليرة.
ويقول الخبير الاقتصادي محمود حسين لـ"العربي الجديد" إنّ أسعار الذهب في سورية فاقت المستويات العالمية، موضحاً أنه في حين وصل سعر الأونصة (الأوقية) إلى 1990 دولاراً عالمياً، فإنّه يزيد في سورية عن 2000 دولار، وفق السعر بالليرة، مشيراً إلى أنّ سعر الأونصة في دمشق، أمس، وصل إلى 15 مليون ليرة، كما ارتفع سعر الليرة الذهبية عيار 21 إلى حوالي 3.45 ملايين ليرة.
ويلفت حسين إلى أنّ سعر الذهب بالسوق، أعلى من النشرة التي تحددها جمعية الصاغة، رغم طلب الجمعية في آخر نشرة أسعار "الالتزام بالتسعيرة الصادرة تحت طائلة المسؤولية"، كما دعت الحرفيين من أصحاب الورش ومحلات الجملة، عند استلامهم بضاعة ذهبية من أي ورشة، أن يحددوا في الفاتورة الوزن والأجور بالليرة السورية حصراً، وهذا أيضاً لا يتحقق، برأي الاقتصادي السوري.
ويضيف أن الذهب بات الملاذ الآمن الوحيد أمام أصحاب المدخرات، في ظل استمرار تهاوي الليرة ومنع التعامل بالعملات الأجنبية "وفق مرسوم جمهوري"، متوقعاً استمرار تراجع العملة السورية، وارتفاع أسعار الذهب والمنتجات الاستهلاكية خلال الأيام المقبلة، رغم الجمود في الأسواق وتراجع القدرة الشرائية لدى معظم المواطنين.
وكان رئيس جمعية الصاغة وصنع المجوهرات في دمشق غسان جزماتي، قد اعتبر خلال تصريح نقلته صحيفة تشرين الحكومية، أنّ الارتفاع الكبير الذي تشهده سوق الذهب المحلية يعود لصعوده عالمياً، نتيجة انهيار البنوك في أميركا، لافتاً إلى أنّ ما يحدث في أميركا أزمة اقتصادية أدّت إلى فقدان ثقة المستثمرين في بنوكها، فاتجه الكثير منهم إلى شراء الذهب. ولفت إلى أنّ الإقبال على شراء الذهب أدى إلى ارتفاع أسعاره عالمياً.
وقال إنّ هناك جموداً في حركة البيع بنسبة 85% تقريباً منذ وقوع الزلزال في السادس من فبراير/ شباط الماضي وحتى تاريخه، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين يتريثون بشراء الذهب والعقارات أيضاً.
لكنّ الخبير الاقتصادي محمد حاج بكري، أكد أنّ ارتفاع سعر الذهب في سورية أعلى كثيراً من السعر العالمي، لافتاً إلى تداعيات تبديد نظام بشار الأسد احتياطي الذهب، كما بدد الاحتياطي النقدي الأجنبي البالغ نحو 18 مليار دولار عام 2011.
وأشار إلى أنّ سورية كانت تملك وفق مجلس الذهب العالمي، احتياطيات بنحو 25.8 طناً، مع امتلاكها 2% من الاحتياطي العربي محتلة المركز العاشر، لكنّ تلك الأطنان جرى تبديدها على الأرجح.