في قطاع غزة .. مهن بديلة من أجل البقاء

16 يونيو 2024
سوق مبني بين المباني المدمرة في خان يونس، 28 مايو 2024 (الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- المهندس الفلسطيني محمد الغزالي يتحول لصناعة الكعك وبيعه في دير البلح بعد تدمير مكتبه خلال العدوان الإسرائيلي، مما يعكس تغيير المهن الاضطراري للفلسطينيين تحت وطأة الحرب.
- ظاهرة العمل في مهن بعيدة عن التخصص الأصلي تنتشر بين الفلسطينيين كاستجابة للظروف القاهرة، مثل معلم يعمل في سوق وصاحب مكتبة يبيع المواد الغذائية، لتوفير الاحتياجات الأساسية.
- الأوضاع الصعبة والنزوح بسبب التهديدات الإسرائيلية يدفعان الفلسطينيين للتكيف مع الظروف القاسية، مثل سائد السيقلي الذي اتجه لبيع المعجنات بعد تدمير متجره، في ظل انقطاع الغاز والإغلاق المتواصل للمعابر.

لم يجد المهندس الفلسطيني محمد الغزالي خياراً سوى صناعة الكعك وبسكويت الغريبة، وبيعهما في السوق الرئيسي لمدينة دير البلح وسط قطاع غزة بعدما فقد مكتبه في برج وطن وسط مدينة غزة، إثر تدمير الاحتلال المبنى في الأيام الأولى للعدوان. واضطر الغزالي، وإلى جانبه الآلاف من الفلسطينيين، إلى العمل بمهن بعيدة عن مهنهم الأساسية التي فقدوها خلال العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، في مُحاولة لتوفير فرصة عمل أو دخل يُساعدهم على توفير المُتطلبات الأساسية لأسرهم، حيث تدفع الأوضاع الصعبة وطول أمد العدوان والغلاء الفاحش وانعدام فرص العمل المناسبة الفلسطينيين إلى الاتجاه نحو مهن بسيطة مؤقتة لا تمتّ إلى علمهم وخبراتهم بصلة، تعينهم إلى حد ما على أعباء الحياة المُتزايدة.

يقول الغزالي لـ"العربي الجديد" إن خسارته مكتبه أفقدته فرصة عمله الوحيدة، مضيفاً: "اضطررنا إلى النزوح بفعل التهديدات الإسرائيلية، ما فاقم من سوء الأوضاع المعيشية". ويُبين أن رحلة النزوح القاسية، والتكاليف الباهظة لشراء المُستلزمات الأساسية لأسرته التي نزحت دون اصطحاب أي شيء معها، دفعتاه إلى التعاون مع زوجته في صناعة بعض أصناف الحلويات وبيعها.

وانتشرت ظاهرة العمل في مهن خارج اختصاص أصحابها خلال العدوان على غزة، لتجِد مُعلماً يعمل على بسطة داخل سوق، أو صياداً يعمل مُنادياً على سيارة أجرة لجمع الركاب، أو صاحب سوبر ماركت يعمل أجيراً في محل ملابس. وتشاركَ الفلسطيني خليل حرز الله، وهو صاحب مكتبة لبيع القرطاسية، مع صديقه في بيع المواد الغذائية على ناصية أحد الشوارع القريبة من مدرسة تؤوي النازحين. ويلفت حرز الله لـ"العربي الجديد" إلى أن أصعب لحظات حياته كانت لحظة نزوحه من مدينة غزة نحو مخيم النصيرات، وفُقدانه مكتبته التي أسسها بعد عناء، والتي سوّاها العدوان بالأرض بعد قصف المبنى السكني الذي يضمها في محيط منطقة الجامعات.

واتجه الفلسطيني سائد السيقلي، وهو صاحب متجر خاص ببيع الأجهزة الكهربائية إلى بيع المُعجنات بالقرب من منطقة التحلية غربي مدينة دير البلح، بعد تدمير الاحتلال مصلحته التجارية في مُحيط ميدان فلسطين شرقي مدينة غزة، ونزوحه برفقة عائلته بفعل التهديدات الإسرائيلية المُتكررة بضرورة الإخلاء إلى جنوب وادي غزة.

ويوضح السيقلي مدى العناء والمشقة اللذين يتكبدهما مع زوجته في عجن المُعجنات وصناعتها، خصوصاً في ظل الانقطاع الكامل لغاز الطهو، بسبب الإغلاق الإسرائيلي المتواصل للمعابر مُنذ بداية الحرب، وزيادة الخِناق مطلع مايو/ أيار الماضي، الذي سيطرت فيه قوات الاحتلال بشكل كامل على معبر رفح، ومنع دخول الغاز والمواد الغذائية والمُساعدات الإنسانية.

أما المُصمم والمُبرمج جميل الصليبي، فقد افتتح بسطة لبيع الخروب والكركديه في سوق المعسكر غربي مدينة دير البلح، بعد أن فقد عمله داخل إحدى شركات الدعاية والإعلان في مدينة غزة، التي كانت تختص بترويج الحملات الإعلانية والمطبوعات الجلدية، وطباعة الشهادات والدروع الخشبية والزجاجية، إلى جانب تصميم وطباعة بطاقات الأفراح والمناسبات الاجتماعية.

المساهمون