أنهى القضاة الفرنسيون جلسات الاستماع إلى قطب صناعة السيارات اللبناني الأصل والرئيس التنفيذي لشركة "نيسان" اليابانية سابقاً كارلوس غصن، في بيروت، اليوم الجمعة، حيث اعتبر محامون أنّ جزءاً من الملف الفرنسي لا بُد من إعلانه "لاغياً وباطلاً".
ورغم وصفهم الاستماع إلى غصن بأنّه "عادل"، واصل المحامون انتقاد القضاء الياباني الذي كان يحاكم غصن بتهم عدة قبل فراره المثير للجدل من طوكيو. وقال أحد محاميه للصحافيين بعد انتهاء الجلسات إنّ فريق الدفاع يعتقد بناء على رأي قانوني قدمه أحد الخبراء أنه يجب الإعلان عن جزء من الملف لاغياً وباطلاً، لأنه يشوبه أخطاء ارتكبتها السلطات اليابانية، وفقاً لما أوردته "رويترز".
وبحسب وكالة "فرانس برس"، استمع الفريق الفرنسي، الذي يضم قضاة تحقيق من نانتير وباريس ومحققين من المكتب المركزي لمكافحة الفساد والمخالفات المالية والضريبية في فرنسا، خلال خمسة أيام، الى غصن بحضور المحامي العام التمييزي اللبناني القاضي عماد قبلان.
وتم الاستماع إلى أقواله بصفة شاهد بشأن حفلين أقامهما في قصر فرساي، ومدفوعات لموزع تجاري في سلطنة عُمان، بالإضافة إلى خدمات استشارية عندما كان لا يزال الرئيس التنفيذي لتحالف "رينو-نيسان".
وفي ختام جلسات الاستماع، قال المحامي جان تماليه، أحد وكلاء الدفاع عن غصن، لصحافيين في قصر العدل في بيروت: "نعتبر أنّ كل الإجراءات التي حصلت هنا كانت عادلة ونشكر السلطات اللبنانية على تنظيم" جلسات الاستماع.
ولفت إلى أنّ غصن "قدّم أجوبة طويلة ومفصّلة عن مئات الأسئلة" التي طرحها المحققون الفرنسيون، موضحاً أنّ فريق الدفاع يأمل "إلغاء جزء من المحاكمة التي شابتها أخطاء متعمدة ارتكبتها السلطات اليابانية"، على حد قوله.
وقال محامي غصن اللبناني كارلوس أبو جودة "في الملف الفرنسي بالإجمال، ثمّة أوراق ومعلومات وملفات كثيرة جاءت من القضاء الياباني، واعتبرنا أنّ قسماً كبيراً منها يلوّث الملف الفرنسي، وقد قدمنا مذكرة بهذا الخصوص".
وأوضح أبو جودة أنه جرى الاستماع إلى غصن بصفة شاهد، لكن "بعد هذه المرحلة، تجرى مباحثات لتحديد صفة محددة له حتى يتمكن من ممارسة حقوقه، إذ يهمه أن يطلب شهوداً ويتمكن من تقديم مذكرات" إلى القضاء الفرنسي.
وشكلت جلسات الاستماع في بيروت "فرصة لغصن لشرح موقفه، وهو ما كان يود فعله منذ فترة طويلة"، وفق ما قال أحد محاميه جان-إيف لو بورني، مؤكداً أنّ موكله اليوم "راضٍ وسعيد".
ورجل الأعمال السابق، المستهدف بمذكرة توقيف دولية صادرة عن الإنتربول، مرغم على البقاء في لبنان منذ فراره من اليابان في ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأوقف غصن في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 على مدرج مطار طوكيو، واحتُجز لأشهر عدة ثم أُفرج عنه بكفالة مالية مع منعه من مغادرة الأرخبيل بانتظار محاكمته، لشبهات باختلاس أموال من شركة "نيسان".
ونجح لاحقاً في الالتفاف على مراقبة السلطات اليابانية، ويُشتبه أنه اختبأ داخل صندوق كبير أسود يشبه الصناديق المستخدمة لنقل الآلات الموسيقية، ونُقل في طائرة خاصة عبر مطار أوساكا إلى مطار أتاتورك في إسطنبول، ومنه إلى مطار بيروت.
وأكد رجل الأعمال الفرنسي اللبناني البرازيلي مراراً أنه "لم يفرّ من العدالة"، إنما أراد "الهروب من الظلم"، مندداً بـ"مؤامرة" دبّرتها السلطات اليابانية ضده.
ولم يسهّل هذا الوضع عمل المحققين الفرنسيين الذين يرغبون أيضاً في استجواب غصن بسبب شبهات باستغلال أصول شركة. ففي يوليو/تموز 2020، طلب قاضي تحقيق الاستماع إليه، لكن غصن أكد أنه ليس بإمكانه مغادرة لبنان. وقرر القضاة آنذاك التوجه إلى بيروت لاستجوابه.