فتح أسواق لبنان... مهمة صعبة لإنقاذ القطاع التجاري

02 مارس 2021
ركود حاد يضرب الأسواق (حسين بيضون/العربي الجديد)
+ الخط -

يواجه القطاع التجاري المنهار في لبنان تحديات اقتصادية، معيشية، وصحية، صعبة جداً، بالتزامن مع استئناف نشاطه أمس الاثنين، في إطار مراحل التخفيف التدريجي لقيود الإغلاق التي فرضت ضمن استراتيجية مواجهة فيروس كورونا، علماً أنّ نسبة الإصابات والوفيات ما تزال مرتفعة جداً، تقابلها عملية تلقيح بطيئة جداً، ويشوبها الكثير من الانتهاكات.
مهمّة إنقاذ القطاع التجاري معقّدة جداً، وربما شبه مستحيلة، إذ فتح أبوابه أمس على سعر صرف 9700 ليرة لبنانية للدولار الواحد في السوق السوداء، بينما كان يسجّل بحدود سبعة آلاف ليرة قبل أن تقرّر السلطات اللبنانية إقفال البلاد اعتباراً من 7 يناير/كانون الثاني الماضي، واتجهت إلى إجراءاتٍ أكثر تشدداً منذ 14 يناير، وفرضت إغلاقاً شاملاً وأعلنت حالة طوارئ صحية، تلتها 4 مراحل للفتح التدريجي بدأت في 8 فبراير/شباط الماضي.
يقول رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس، لـ"العربي الجديد"، إنّ القطاع التجاري مرّ بثلاث إقفالات شاملة منذ شهر مارس/آذار 2020، شكّلت ما يُشبه "تسونامي" لم يرحم المؤسسات والمحال بمختلف فئاتها وتصنيفاتها، من دون أن ننسى انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب الماضي، الذي دمّر جزءاً كبيراً من العاصمة بيروت ومناطق في ساحل جبل لبنان، ممتلكات وأرزاق، وخلّف ضحايا وآلاف الجرحى.
ويلفت شماس إلى أنّ القطاع فتح أمس، بعد إقفال وصل إلى شهرين تقريباً، ونحن ندرك المخاطر الصحية، لكن مع استمرار تسجيل أرقام مرتفعة بفيروس كورونا، يتبيّن لنا أن الإقفال العام لم يأتِ بالنتيجة المنتظرة.
ويؤكد أن القطاع التجاري لم يكن ممراً للوباء، أو مسؤولاً عن انتشاره، وكان باستطاعة السلطات إبعاد كأس الإغلاق عنه، واتباع خيار آخر مرفق بإجراءات وشروط وبروتوكولات صارمة وتدابير وقائية، كما سنفعل راهناً، لإنقاذ ما تبقى من مؤسسات.

ويشير شماس إلى أنّ حوالي ثلاثين في المائة من المؤسسات والمحال التجارية أقفلت أبوابها نهائياً العام الماضي، ونتجه هذه السنة الى إضافة 10 في المائة إلى اللائحة، نتيجة التعبئة العامة، وقد نشهد مزيداً من التعثر في القطاع التجاري، وربما الإفلاس، إذا طالت الأزمة المالية، الاقتصادية، والنقدية.
ويضيف: "سعينا لنفتح أبوابنا أمس، كمحلات بيع بالتجزئة ومجمعات تجارية كبرى، علماً أنّ الموعد كان محدداً في الثامن من مارس، حيث إنه خلال هذا الأسبوع، يمكن أن نحرز من 2 إلى 3 في المائة من رقم أعمالنا السنوي، وهي خطوة مهمة، بعدما انخفض رقم الأعمال إلى 100 في المائة خلال الإقفال، نتيجة انقطاع المردود، بعكس قطاعات أخرى، خصوصاً المطاعم التي استمرّ نشاطها عن طريق خدمة التوصيل، وسنلتزم بالإجراءات التنظيمية واللوجستية الواجب اتخاذها، من ضمنها إجراء فحوصات PCR للعاملين لديها".
ويعتبر رئيس جمعية تجار بيروت أن الأسعار ستكون متواضعة، ولن تختلف كثيراً عن أسعار آخر السنة، ومن الممكن أن تعتمد المحال تنزيلات نظراً للمخزون الكبير لديها، ونيتها التخلص من البضاعة المتكدّسة التي ستتغير حكماً مع انتهاء فصل الشتاء، وخصوصاً أنها مشتراة قبل ارتفاع سعر الصرف وتخطيه حاجز 9 آلاف ليرة، وهي بحاجة جداً للبيع بأي طريقة، في ظلّ تراجع القدرة الشرائية، ولتعويض الضرر الكبير الذي لحق بها، وإن لم تحقق ارباحاً.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وفي جولةٍ على بعض المحال التجارية في بيروت وضواحيها، لوحظ أن عدداً كبيراً من المحال التجارية أقفل نهائياً، وألصق إعلانات "للبيع" على أبوابه، بعدما استنفد كلّ طاقته، ولم يعد يقوى على الصمود في وجه العاصفة النقدية والمعيشية، في حين أنّ تلك التي فتحت أمس، لم تشهد حركة بيع كثيرة، رغم تهافت المواطنين عليها، لكن كما قال لـ"العربي الجديد" مالك محلّ لبيع الألبسة، في حي الأشرفية (بيروت)، فؤاد يونس: "يأتون للفرجة، أي لإلقاء نظرة على البضائع والأسعار، ومن ثم المغادرة".
ويقول يونس: "كبرى المحلات أقفلت أبوابها نهائياً في لبنان، فما بالك بتلك الصغيرة، الوضع كارثي، الاستيراد صعب جداً، ومصاريف كثيرة تترتب على أصحاب المحلات التجارية، من رواتب عمّال، إلى ضرائب، وفوائد مصرفية على القروض، وفواتير كهرباء وغيرها، مقابل شحّ في البيع وسعر صرف دولار يحلّق عالياً.
يلخّص مالك لمحل البسة، شربل خويري، لـ"العربي الجديد"، الوضع بعبارة "نريد الاستمرارية فقط، لم يعد همّنا تحقيق الأرباح، بل الصمود، ونعلم تماماً أن القدرة الشرائية عند المواطن باتت شبه معدومة، وهذا سبب رئيسي يجعلنا نمتنع عن رفع أسعار البضائع".
من جهة أخرى، عمدت محال معروفة ببضائعها العالمية إلى رفع أسعارها، معتمدة سعر صرف 9 آلاف وأكثر، بحيث باتت أرخص قطعة لديها، من ألبسة أو أحذية، تبدأ من مليون ليرة، وتصل إلى أرقام خيالية".
ولوحظ خلال جولة إلكترونية على مواقع عدد من المحال التجارية، ومنها من استمرّ ببيع البضائع خلال فترة الإقفال متحايلاً على القانون، ومستغلاً خدمة التوصيل المجاني، وجود تنزيلات على الألبسة والأحذية المخصصة لفصل الشتاء، تصل إلى 70 و80 في المائة، في محاولة لبيعها قبل طرح بضائع جديدة، لموسم الصيف المنتظر.

المساهمون