ما بين موازنة مصر وموازنة داعش خيط رفيع، فالموازنة الأولى تعتمد على الإعانات والمنح من الخارج خاصة من دول الخليج، والثانية تعتمد أيضا على المنح لكن تلك التي يتم الحصول عليها بالقوة القهرية وفرض الإتاوات وسرقة البنوك، وخطف المراسلين الأجانب وإطلاقهم مقابل فدية تجاوزت حصيلتها 40 مليون دولار.
موازنة مصر، البالغ حجمها 824.3 مليار جنيه، حصلت على مساعدات خارجية بقيمة 95 مليار جنيه (13.2 مليار دولار) خلال العام المالي الماضي، وساهمت السجائر والتبغ بنحو 19.587 مليار جنيه في الإيرادات الضريبية للموازنة، منها 19.268 مليار جنيه ضرائب على السجائر المحلية، ونحو 677.564 مليون جنيه ضرائب على مسابقات اليانصيب.
وموازنة داعش، البالغة قيمتها ملياري دولار، تعتمد في إيراداتها على بيع النفط العراقي والسوري المنهوب في السوق السوداء أو للدول المجاورة، وكذا على الإتاوات والزكاة والصدقات التي يدفعها التجار مكرهين، فضلاً عن الأموال التي يحصل عليها التنظيم نتيجة هجماته على قوات الأمن والقوافل التي تحوي مرتبات الموظفين العراقيين، وكذا الاستيلاء على أموال البنوك.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة المصرية لخفض الدعم في الموازنة، خاصة الموجه للطاقة وزيادة الأسعار وتطبيق سياسة تقشفية، يقوم داعش بزيادة الإنفاق وتخصيص مرتبات شهرية للفقراء والمعاقين والأيتام والأرامل وذوي قتلى القصف الذي تشنه قوات التحالف.
لكن ما لا يجمع بين الموازنتين المصرية والداعشية هو تحقيق موازنة داعش فائضاً بقيمة 250 مليون دولار سنوياً، أما موازنة مصر فحققت عجزا 253 مليار جنيه (35.4 مليار دولار) في العام المالي الأخير.
الخميس كتبت مقالا تحت عنوان (اليوم ..مصرفاً لـ "داعش" وغداً دولة)، والآن أطرح سؤالا: هل نحن أمام تنظيم يسعى إلى تأسيس نظام اقتصادي ومالي قادر على إنهاء الأزمات المعيشية والاقتصادية بالمناطق التي يسيطر عليها؟ وهل نحن أمام تنظيم يرسخ قواعده كدولة، عبر فتح مصارف وإقرار موازنة ومنح رواتب شهرية للموظفين والمقاتلين في صفوفه؟