ترك المزارع عبد الرزاق البكاي من الجنوب الليبي فلاحة الأرض ولجأ إلى العمل سائق سيارة أجرة، لكي يواجه التكاليف المعيشية المرتفعة له ولأسرته، بعد أن تكبّد خسائر فادحة من العمل في مجال الزراعة.
وقال البكاي لـ"العربي الجديد" إن غلاء المستلزمات الزراعية التي تضاعف سعرها خلال السنوات الأخيرة، فضلاً عن دخول سلع مستوردة، تسبب في ضرب المحاصيل المحلية وتكبد خسائر مالية، مؤكداً أن المصرف الزراعي متوقف عن منح قروض للفلاحين، والبذور تشترى من السوق الموازي لأن الحكومة لا توفرها ضمن السلع المدعومة منذ عام 2015.
وأوضح أن جميع الأدوية والمستلزمات الزراعية ارتفع سعرها وكذلك العمالة الوافدة لارتفاع سعر الدولار بمصرف ليبيا المركزي.
ورأى الفلاح الليبي من منطقة قصر بن غشير بطرابلس، علي أبوغمجة، أن المشكلة في الغلاء المتزايد ونقص المستلزمات في السوق، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن تدخل الدولة عبر القروض الزراعية يمكن أن يساهم في حل بعض المشاكل للمزارعين.
ومن جانبه، قال الباحث الاقتصادي أبوبكر الهادي لـ"العربي الجديد": "بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وأزمة الغذاء التي يعاني منها العالم يتطلب الأمر العودة إلى الزراعة كونها تلبي حاجات الإنسان من الغذاء".
ودعا إلى ضرورة الاهتمام بالإنتاج الزراعي ودعمه وتوفير الدعم المناسب لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة من الحبوب، مشيراً إلى أهمية حصر وحماية الأراضي القابلة للاستثمار الزراعي، وإعادة النظر في المشاريع المعطلة ومعالجة المشكلات التي تواجهها.
وقال الخبير الزراعي علي بن طاهر لـ"العربي الجديد" إن "أهم أسباب هجرة مزارعين لأراضيهم هو إغراق السوق المحلية بالسلع المستوردة التي أضرت بالمنتج المحلي، وبالتالي لجأ الكثير لترك العمل في القطاع الزراعي، ما تسبب في تعطل أكثر من 50% من الأراضي الزراعية في الجنوب الليبي والشرق، وفق دراسات غير رسمية، وبالتالي الدولة تحتاج إلى وقفة جادة لإنقاذ الزراعة".
وتبلغ مساحة ليبيا 1.67 مليون كيلومتر مربع، منها 2% أراض صالحة للزراعة، بما يعادل 3.6 ملايين هكتار، وتمثل الأراضي الرعوية نسبة 7.5% من إجمالي المساحة الكلية، وفقاً لتقديرات وزارة الزراعة. وكانت ليبيا تدعم الفلاحين بـ6 ملايين دينار ليبي (4.3 ملايين دولار)، حسب تقارير رسمية.
وبين عامي 2016 و2020 حصلت البلاد على أكثر من 30 في المائة من واردات القمح من أوكرانيا، و20 في المائة من الاتحاد الروسي.
وحول المصرف الزراعي أكدت هيئة الرقابة الإدارية ارتفاع قيمة المصروفات والتدني الشديد في الإيرادات الفعلية وتغطية هذه المصروفات من أموال المودعين "الحسابات الجارية للعملاء"، مما قد يعرض المصرف للمساءلة في حال عدم الوفاء بالتزاماته تجاه المودعين.
وتشير منظمة "الفاو" إلى أن 800 ألف شخص (10 في المائة من السكان) بحاجة إلى المساعدة الإنسانية في عام 2022، بعد أن كانوا 1.3 مليون ليبي في العام السابق.
ويعتمد الاقتصاد الليبي على القطاع النفطي اعتماداً كلياً في تسيير النشاط الاقتصادي، إذ يشكل حوالي 68% من هيكل الناتج المحلي الإجمالي، وتساهم صادراته بما لا يقل عن 96% من إجمالي الصادرات الكلية للبلاد، كما أن إيراداته تساهم بتمويل ما يقارب 90% من إجمالي الإيرادات العامة.