غزة: مرض يهاجم شتول "الذهب الأحمر"

14 نوفمبر 2022
أضرار كبيرة لحقت بقطاع الفراولة (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

يواجه مزارعو الفراولة في المناطق الشمالية من قطاع غزة، تحدياً يتمثل في تفاقم مرض موسمي، أدى إلى أضرار كبيرة، بفعل جفاف نسبة من الشتول الصغيرة بعد أيام من زراعتها، ما بات يقلقهم من موسم قاسٍ عليهم.

ووفقاً لمزارعين، فقد لوحظ تغير في زراعة شتول الفراولة للعام الحالي، بسبب مهاجمة المرض صاحب التأثير السلبي للشتول الضعيفة والقضاء عليها، في ظل عدم التوصل إلى معرفة آلية التعامل معه، أو إيجاد علاج فعال يمكنه القضاء عليه ووقف ضرره.

ويتخوف مزارعو الفراولة من تداعيات موجة المرض على الموسم الحالي والذي يعتبر مصدر رزقهم السنوي. ومنذ شهر فبراير/شباط، تبدأ عملية ومراحل العناية بالشتول، وصولاً إلى تسويق المنتج بعد نجاح العملية الزراعية وإنتاج المحصول في أواخر شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وتمرّ عملية إنتاج محصول الفراولة بمراحل كثيرة، تبدأ بتجهيز الشتول الصغيرة "الأميات"، وتوضع في الثلاجات لمدة شهر، وتجهيز تربة خاصة في كؤوس، وبعد ذلك تتم زراعتها في مشتل خاص للشتول الصغيرة، بعد تعقيمه وتسميده، ومع دخول شهر سبتمبر/أيلول، تزرع الشتول في الأرض المستدامة.

ويزرع في منطقة شمال قطاع غزة، ومدينة بيت لاهيا تحديداً، محصول الفراولة، لعدة أسباب متعلقة بالتربة الرملية، ودرجة الحرارة، وعذوبة المياه، والتي تجعلها المصدر الأساسي للفراولة، ويُطلق عليها في غزة لقب "الذهب الأحمر" وتسوَّق محلياً، أو يتم تصديرها للضفة الغربية، وسابقاً للمدن الأوروبية.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

ووفقاً للمُزارع أحمد فلفل، الذي يُعيل أسرة ممتدة تضم 15 فرداً، فإنّ الأزمة الحالية ترجع لأكثر من سبب، إذ إنّ المرض موجود منذ زمن وبنسبة معينة، وقد تفاقم بسبب عدم تدوير الأرض، ما ألحق خسائر بالمزارعين.

ويكشف فلفل لـ "العربي الجديد"، أن "المشكلة بدأت في الشتول الصغيرة، لحظة وجودها في الكؤوس، إذ أصيبت بالمرض، وتم علاجها بشكل آني. ومع اللحظة الأولى لزراعتها في التربة، بدأت تتفاقم الآفة، بسبب تفاعل الشتول والمرض الساكن مع التربة.

وقد ساعدت العوامل الجوية وارتفاع درجات الحرارة في انتقال المرض بشكل أكبر من السنوات الماضية، حيث اضطر المزارعون إلى زيادة كميات الري، ما ساهم في زيادة نسبة انتقال المرض، خاصة في ظل الرطوبة العالية".

وأدى تجمّع تلك العوامل على الشتول الصغيرة مع عدم وجود مساحات زراعية كافية للعمل على تنقل الشتول في كل موسم، إلى تفاقم المرض منذ اللحظة الأولى لزراعتها في الأرض المستدامة، وقد دفع ذلك بنسبة من المزارعين لحرث أراضيهم بعد فساد محاصيلهم الزراعية.

ويوضح المُزارع الفلسطيني حمادة خضير، والذي يعمل في زراعة الفراولة برفقة شقيقه فراس، ويُعيلان 12 فردًا، أن الموسم الحالي يواجه العديد من الأزمات، وأبرزها بدء لحظة نقل الشتول من المشتل إلى الأرض "المصاطِب"، حيث فوجئ المزارعون بموت نسبة من الشتول الصغيرة.

ويبيّن خضير لـ "العربي الجديد"، أنه توجه إلى وزارة الزراعة لمعرفة الأسباب، لكن لم يحصل على سبب لموت الشتول، موضحًا أن المحاصيل الزراعية لم تتعرض إلى هذه الحِدة من المرض، ما دفعه إلى التوجه لفحص التربة، وفحص الماء، خاصة بعد تقلص مساحة أرضه المزروعة من 22 دونماً إلى 7 دونمات.

أما شقيقه فراس، فيوضح أن تفاقم المرض أدى إلى تقليص نسبة زراعتهم للأرض، مبيناً أنّ ما يزيد نسبة القلق، هو عدم معرفة ماهية المرض، أو طريقة علاجه، إلى جانب التخوف من الموسم الحالي، بسبب المرض وتقلص كمية الإنتاج، كنتيجة طبيعية لتقلص مساحة الأرض المزروعة.

يوضح المُزارع الفلسطيني حمادة خضير، والذي يعمل في زراعة الفراولة برفقة شقيقه فراس، ويُعيلان 12 فردًا، أن الموسم الحالي يواجه العديد من الأزمات


من ناحيته؛ يُشير رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية في بيت حانون، غسان قاسم، إلى تجمّع عدد من الأسباب التي أدت إلى تفاقم المرض، والذي أدى إلى موت نسبة كبيرة من الشتول، وفي مقدمتها تغير التربة والبيئة التي زرعت فيها الشتول، إلى جانب عدم توفر وسائل التعقيم في قطاع غزة، علاوة على إرهاق الأرض والتي تزرع على مدار عشرات السنوات بنفس المحصول، كذلك تغير المناخ، وتأخر موسم المطر، ما أدى إلى تأثر زراعة الفراولة بشكل مباشر.

ويوضح قاسم لـ "العربي الجديد" أنه على الرغم من توسع المزارعين في المساحة المزروعة، إلّا أنّهم فوجئوا بالنسبة المرتفعة لموت الشتول، حيث تمت زراعة ما نسبته 3500 دونم، ومن المتوقع أن تصل المساحة المزروعة بعد التقلص الناتج عن أمراض التربة إلى 2000 أو 2500 دونم.

ويبيّن قاسم أن المرض تفاقم في الموسم الحالي بنسبة زيادة تصل إلى حوالي 30% عن المواسم السابقة، فيما ينذر بخسائر للمزارعين، تتعلق بالشتول المحروقة والتكاليف المالية والتشغيلية الخاصة بالمساحات التي فقدت شتولها. علاوة على خسائر مُحتملة، في حال استمرار أحداث الضفة الغربية، والتي تعتبر السوق الأساسي لمُزارعي الفراولة بعد غزة.

ويوافقه رئيس جمعية مزارعي الفراولة في بيت لاهيا محمود خليل، الذي يؤكد أن تجمع تلك الأسباب يفاقِم المرض، ويؤثر سلبًا على شتول الفراولة، موضحًا أن الجمعية، التي تلقت شكاوى ومُناشدات بنسبة أكثر من السنوات الماضية، قامت بإبلاغ وزارة الزراعة، والتي تقوم بدورها بعمل التحاليل والفحوصات اللازمة.

ويبين لـ "العربي الجديد" أن المزارعين تعرّضوا إلى خسائر مادية بسبب مرض المغزلاوية (Fusarium)، وهو نوع من الفطريات التي تنتشر بشكل كبير في التربة، موضحًا أن معظم الجهود المبذولة من الجمعيات والجهات المُختصة فشلت في التوصل إلى علاج للمرض، خاصة في ظلّ تعدد الأسباب وتشعّبها، إلى جانب خصوصية الأوضاع الصعبة في قطاع غزة المُحاصر إسرائيلياً.

 

المساهمون