يُبحر الصياد الفلسطيني مجدي الهسي برفقة أقاربه في عرض بحر مدينة غزة، بعد إعلان سلطات الاحتلال الإسرائيلي توسعة مساحة الصيد حتى 15 ميلا بحريا، في الوقت الذي تشح فيه الأسماك، ولا يتصادف مع الإعلان مواسم الصيد الأساسية.
وتتعامل قوات الاحتلال بمزاجية مع قضية فتح وإغلاق البحر أمام الصيادين، على اعتبار أنه اليد التي تؤلم القطاع في رزق الشريحة الأضعف، إذ قامت، يوم الأربعاء الماضي، بفتح أجزاء من البحر حتى مساحة 15 ميلاً بحرياً، فيما لا تزال تُلاحق الصيادين في المناطق الشمالية حتى ستة أميال.
يقول الهسي لـ"العربي الجديد" إن فتح البحر لا يعدو كونه إعلانا إعلاميا و"ضحكا على الذقون" (مثل شعبي للدلالة على المراوغة)، حيث يدرك الاحتلال الإسرائيلي عدم وجود أسماك خلال الفترة الحالية، إلى جانب أن مساحة الأميال الخمسة عشر لا تسري على طول الشريط الساحلي لقطاع غزة، إذ يبدأ من الشمال بستة أميال، تصل حتى تسعة أميال بالقرب من وادي غزة، فيما تصل إلى 12 ميلاً بحرياً في المناطق الوسطى لقطاع غزة، وتصل حتى 15 ميلاً في المناطق الجنوبية، المُلاصقة للحدود المصرية.
ويرى أن الاستفادة "إن وجدت في مساحة لا تتجاوز الأميال التسعة في المنطقة التي يصيد بها"، فهي غير كافية لتوفير قوت أسرته المكونة من أربعة أفراد، ويأمل أن يتم فتح البحر بشكل كامل أمام الصيادين، كي يتجاوزوا الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يمرون بها.
وعلى مقربة من الصياد الهسي، بدأ الصياد رفعت العامودي، في إفراغ شباكه من الأسماك الصغيرة والسردين ووضعها في صناديق بلاستيكية لإرسالها إلى أماكن البيع، ويقول لـ"العربي الجديد" إن رحلة الصيد لم تحقق الفائدة المرجوة.
ويعيل العامودي أسرة مكونة من تسعة أفراد، ويوضح أن مهنة الصيد تعد مصدر دخله الوحيد، مضيفًا "نتعرض للضغط النفسي وحالة من عدم الاستقرار على مدار الوقت، بسبب تذبذب فتح وإغلاق وتوسعة مساحات الصيد نتيجة ذرائع عديدة يختلقها الاحتلال".
وأعلنت سلطات الاحتلال، الأربعاء الماضي، تخفيف بعض القيود التي تفرضها على قطاع غزة، عبر تسهيلات مشروطة "بمواصلة الحفاظ على استقرار أمني طويل الأمد" لتشمل توسيع منطقة الصيد إلى 15 ميلا بحريا"، وإعادة فتح معبر كرم أبو سالم التجاري وزيادة عدد تصاريح التجار، وحصة غزة من المياه
ويؤكد الصياد أبو خالد محمد، أن الاستفادة الحقيقة تكمن فيما بعد 20 ميلا بحريا، معربا عن أمله في أن يتم فتح مسافات الصيد لأكبر مدى ممكن، وعدم تقييد الصيادين في مدة معينة لاصطياد الأسماك التي تعتبر مصدر الدخل الوحيد، خاصة في ظل الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمر فيها قطاع غزة نتيجة تواصل الحصار الإسرائيلي منذ خمسة عشر عاماً.
ويتعرض أكثر من خمسة آلاف صياد وعامل في مهن مرتبطة بالصيد، إلى العقوبات الإسرائيلية بشكل متواصل، بفعل التذبذب بين تقليص وتوسعة مساحة الصيد وفقًا للأهواء الإسرائيلية، ما يؤثر سلبًا على قدرتهم على توفير قوت يومهم، والمستلزمات الأساسية لأسرهم التي تعيش تحت خط الفقر.
ويشدد مسؤول لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، زكريا بكر، أن الإعلان الإسرائيلي عن السماح بالصيد حتى 15 ميلًا بحريًا يعتبر تضليلا للرأي العام، إذ تقوم قوات البحرية بـ "إعادة تقسيم البحر من 6 أميال شمالًا حتى 15 ميلا جنوبًا".
ويؤكد بكر لـ"العربي الجديد" أن ذلك التقسيم يحمل ظلمًا كبيرًا للصيادين وتفرقة واضحة، إذ إن المراكب التي يمكنها الدخول لمساحة 15 ميلاً لا يتجاوز عددها 70 مركباً، في ظل تعطل نسبة كبيرة منها بفعل منع إدخال معدات الصيد وقطع الغيار اللازمة.
ويشير إلى أن تأثير أي فتح للبحر سيظل محدوداً ما لم يتم فرض ثلاثة وقائع أساسية، وهي إدخال معدات الصيد وقطع الغيار اللازمة لإصلاح المراكب المُعطلة، وفرض حماية للصيادين من الملاحقات الإسرائيلية المتواصلة، علاوة على توحيد مساحات الصيد على طول الشريط الساحلي.
وتنص اتفاقية أوسلو (للحكم الذاتي الفلسطيني الموقعة عام 1993)، وما تبعها من بروتوكولات اقتصادية، على حق الصيادين الفلسطينيين في قطاع غزة، بالصيد لمسافة تصل حتى 20 ميلاً، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يلتزم بهذا البند منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2006.