غزة تعاني "أربعينية" الصقيع... النازحون بلا ملابس شتوية أو تدفئة وسط العراء

31 ديسمبر 2023
العدوان الإسرائيلي تسبب في نزوح قرابة مليوني شخص (Getty)
+ الخط -

يعاني قرابة مليوني شخص يعيشون في قطاع غزة، وتحديداً جنوبه ووسطه، هذه الأيام خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة للشهر الثالث على التوالي، من أزمة نقص وشح على صعيد الملابس الشتوية، مع حلول فصل الشتاء وبداية ما يسميه الفلسطينيون "الأربعينية".

و"الأربعينية" هي 40 يوما تعتبر ذروة فصل الشتاء بالنسبة للفلسطينيين في غزة، وتشتهر بأجواء باردة للغاية مغايرة لبقية أيام العام وأيام فصل الشتاء على وجه الخصوص، وتبدأ نهاية ديسمبر/كانون الأول وتنتهي بداية فبراير/شباط من كل عام، وعادة ما يقبل الفلسطينيون على شراء الملابس الشتوية.

ومع نزوح قرابة مليوني نسمة من أماكن سكنهم، فإن كوارث وأزمات إنسانية كبرى يواجهها هؤلاء جراء حالة الحصار الإسرائيلي الذي شدد الاحتلال الإسرائيلي خناقه مع بداية الحرب الحالية المستمرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وأغلق جيش الاحتلال المعابر الحدودية مع غزة وقطع الكهرباء عنها، ويسمح بدخول كميات شحيحة من الغذاء والمساعدات عبر معبر رفح جنوبا، بعد تفتيشها من قبل قواته في معبر العوجا الذي يربطه بمصر.

وتشهد أسواق غزة هذه الأيام، وتحديدا في منطقة رفح وخانيونس والمحافظات الوسطى من القطاع، نقصا شديدا في الملابس، ما انعكس بالسلب على الأوضاع الحياتية والمعيشية للسكان، في ظل قصف غالبية منازلهم وفقدان الأثاث والملابس وجميع ممتلكاتهم.

ومع بداية الحرب على غزة كانت الأجواء معتدلة ما بين صيفية إلى خريفية، إلا أن استمرارها لأكثر من 13 أسبوعا ودخول فصل الشتاء عزز من الأزمات بالنسبة للفلسطينيين، إلى جانب الأزمات الأخرى المتمثلة في نقص الغذاء والمياه وانقطاع الكهرباء والاتصالات.

اقتصاد الناس
التحديثات الحية

وشهدت الآونة الأخيرة بعض المبادرات الشبابية لتوزيع الملابس على النازحين وعلى الأسر الفقيرة والمتعففة التي نزحت من مختلف مناطق القطاع، إلا أن نقص توفر البضائع لم يسعف الكثير من المبادرات في الاستمرار، ما تسبب في توقف الكثير منها.

ويوجد في محافظة رفح ما لا يقل عن مليون نسمة من إجمالي 2.3 مليون نسمة يعيشون في مختلف مناطق القطاع، وهو عدد يوازي ثلاثة أضعاف سكان المدينة بالأساس، وهو أمر لم يمكّن التجار والمحلات التجارية من توفير احتياجات للكثير من الباحثين عن الملابس.

إسماعيل تايه، أحد الذين نزحوا إلى مدينة دير البلح، يؤكد لـ"العربي الجديد" عدم توفر الملابس الشتوية في الأسواق حتى وإن توفرت الأموال لشرائها، حيث إن ما يُعرض شحيح للغاية ولا يفي باحتياجات جميع النازحين أو أفراد عائلته.

ويشير تايه إلى أن المشهد يبدو صعباً للغاية وقاسياً، بالذات مع حلول الطقس الأكثر برودة وهطول الأمطار في القطاع، وهو أمر ينعكس بالسلب بالذات مع نزوح الغالبية إلى الخيام أو مراكز الإيواء، لا سيما على الصعيد الصحي، حيث تزايدت معدلات الإصابة بنزلات البرد.

ويطالب النازح الفلسطيني الجهات الأممية بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي من أجل السماح بإدخال البضائع المحملة بالملابس للقطاع خلال الفترة الحالية وضخها إلى الأسواق أو توزيعها بشكلٍ مجاني على العائلات النازحة التي لا يملك الكثير منها المال.

أما التاجر الفلسطيني نعيم شراب، فيؤكد في حديثه مع "العربي الجديد" على عدم وجود ملابس شتوية كافية في الأسواق لتغطية جميع أعداد النازحين، وأن الكميات المتوفرة خلال الفترة الحالية لا تكفي لسد حاجة السوق، في ظل استمرار إغلاق المعابر أمام حركة البضائع التجارية.

ويقول شراب إن الكميات المتوفرة خلال الفترة الأخيرة كانت قليلة جداً ولا تكفي لعدد النازحين الضخم، وهو ما أدى إلى نفاد الكثير مما هو متوفر، فيما أقدمت بعض المحال على إغلاق أبوابها بشكلٍ تام نظراً لعدم توفر البضائع سواء في محالها أو مخازنها.

ويلفت إلى أن التجار لم يستعدوا لمثل هذه الظروف بشكلٍ سابق، إضافة إلى أن عمليات النزوح الضخمة وتكدس السكان في المناطق الجنوبية حال دون توفر كميات تسد ارتفاع الطلب الحاصل على الملابس الشتوية، لا سيما وأن الحرب بدأت في فترة كان الطقس فيها معتدلاً.

بدوره، يقول نقيب تجار الألبسة تامر الأخرس، إن "هناك شحاً كبيراً في الملابس الشتوية، حيث لم يتحضر التجار للشتاء أو يجلبوا الكميات الكافية لسد احتياج السوق، وهو ما دفع بالكثيرين إلى عرض الكميات البسيطة المتوفرة لديهم في المخازن خلال الفترة الماضية".

ويضيف الأخرس لـ "العربي الجديد" أن جميع التجار كانوا ينتظرون وصول الملابس الشتوية الثقيلة عبر المعابر، إلا أنها لم تصل نظراً لاندلاع الحرب فيما تكدست في الموانئ أو الدول المستوردة منها، وهو ما دفع بالكثيرين للبحث عن "الملابس البالة" لحل الأزمة المتفاقمة.

المساهمون