غزة: احتجاجات على تأخير المعاشات وتقليصها

07 فبراير 2022
جانب من الوقفة الاحتجاجية للمتقاعدين في غزة (العربي الجديد)
+ الخط -

تواظِب المُتقاعِدة الفلسطينية عفاف عفانة، على توفير مستلزمات أسرتها المكونة من ثمانية أفراد، من المعاش الشهري المُخصص لها، والذي يعتبر مصدر دخلها الوحيد، غير أنّها تشكو من تأخير صرف المعاشات، وتقليص نسبة صرفها إلى 80%، لشهر يناير/كانون الثاني الماضي.
وشاركت عفانة، ومعها عدد من المُتقاعدين، في الوقفة الاحتجاجية التي نفذتها جمعية الموظفين المتقاعدين في محافظات غزة، اليوم الأحد، في مقر هيئة التقاعد الرئيسي وسط مدينة غزة، للمطالبة بعدم تأخير معاشات المتقاعدين المدنيين، وعدم المساس بقيمته وتقليص نسبته بأيّ حال من الأحوال.
وحمل المُشاركون في الوقفة لافتات كان من بينها: "معاشات المتقاعدين ليست منّة من أحد، فهي أمانة لدى مجلس إدارة هيئة التقاعد كهيئة مستقلة"، "لا لسياسة الإذلال"، "تأخير صرف معاشات الموظفين المتقاعدين مرفوض".
وتحصل الفلسطينية عفانة على معاش شهري، بعد خدمتها لسنوات طويلة في سلك التعليم الفلسطيني، فيما يحصل نحو 16 ألف فلسطيني وفلسطينية على معاشات مقابل خدمتهم في مختلف القطاعات الحكومية المدنية قبل تقاعدهم. وتقول لـ "العربي الجديد" إنّ "من الضروري تقدير أوضاع أُسر المُتقاعدين، والتي تعاني ظروفاً معيشية صعبة".
وينتاب المتقاعدون القلق منذ ثلاثة أشهر، بفعل تأخير صرف معاشاتهم، وذلك للمرة الأولى في تاريخ هيئة التأمين والمعاشات- هيئة التقاعد الفلسطيني، علاوة على القرار الجديد، والخاص بصرف 80% من المعاش المُخصص للمُتقاعدين عن شهر يناير/كانون الثاني.
وكانت هيئة التقاعد الفلسطينية قد أعلنت، أول من أمس، أنّ صرف المعاشات التقاعدية لمنتفعي صناديق التقاعد- القطاع العام الحكومي للمدنيين، ورواتب العاملين في هيئة التقاعد الفلسطيني عن شهر يناير/كانون الثاني لعام 2022، ستكون بنسبة 80%، وبحد أدنى 1650 شيقل. (الدولار = 3.18 شيقل تقريباً).

أما الفلسطيني زياد عيسى، المُتقاعِد بعد عمله في شركة توزيع الكهرباء لمدة 34 عاماً، فيقول لـ "العربي الجديد" إنه يعيل أسرته، وأُسر أبنائه الأربعة المتزوجين، بفعل انعدام فرص العمل أمامهم، إلى جانب ابنته المُصابة بمرض التلاسيميا، ما يزيد من الأعباء المُلقاة عليه، خصوصاً في ظلّ تأخر صرف المعاشات، والأنباء المتواردة حول تقليص نسبة المعاشات.
ويوضح عيسى أنّه لا يجوز التلاعب بمعاشات المتقاعدين، خصوصاً أنّهم كبار في السن ومرضى ومنهم من يتقاسم معاشه مع أسر أخرى، خصوصاً أنّهم ينتفعون من هيئة التأمين والمعاشات، وأن موازنتهم منفصلة، وغير تابعة للسلطة، مُطالِباً بعدم تأخير صرف المعاشات، أو ربطها برواتب السلطة.
ويعتمد المواطن عصام المبيض بشكل أساسي على راتبه التقاعدي، بعد إتمام عمله في بلدية غزة لمدة 32 سنة، لإعالة أسرته المكونة من ثمانية أفراد، من بينهم اثنان في الجامعة وأربعة في المدرسة. ويوضح المبيض لـ"العربي الجديد" أنّه في حال صرف معاشه بنسبه 80%، وبعد خصم القرض الذي حصل عليه، يتبقى من راتبه 750 شيقل، لا تكفي لتوفير أبسط الاحتياجات الأساسية، مبينًا أنه دفع على مدار سنوات عمله الأموال الخاص بصندوق التقاعد، وذلك بنسبة 10% من الراتب الأساسي، إلى جانب 12.5% تم دفعها من المؤسسة المُشغِلة لصالح الصندوق.
بدوره، أكد أمين سر جمعية الموظفين المتقاعدين المدنيين بمحافظات غزة، إسحق زيدية، أن هيئة التقاعد الفلسطينية مستقلة، ولها استقلالها المالي، وأنها غير تابعة للحكومة، وأن أي مساس بهذه الأموال يعتبر مُخالفة قانونية ودستورية. وطالب زيدية الذي ألقى بيان الجمعية خلال الوقفة، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بأن يصدر تعليماته بعدم المساس بمدخرات وأموال المتقاعدين المدنيين، داعياً كذلك إلى عدم تأخير صرف معاشاتهم، وعدم صرفها في وقت واحد مع رواتب الموظفين العاملين.

يعتمد المواطن عصام المبيض بشكل أساسي على راتبه التقاعدي، بعد إتمام عمله في بلدية غزة لمدة 32 سنة، لإعالة أسرته المكونة من ثمانية أفراد


من ناحيته، يوضح الناطق الإعلامي باسم جمعية الموظفين المتقاعدين المدنيين بمحافظات غزة، فايز لبد، أنّه عند بلوغ سن التقاعد القانوني، يرتبط المُتقاعد مالياً وإدارياً بهيئة التأمين والمعاشات، كهيئة مستقلة، بمعنى أنّه أنهى علاقته بالسلك الحكومي والوظيفة العمومية، وأصبح يتقاضى معاشه الدوري من مُدخراته واشتراكاته التراكمية على مدى حياتهم الوظيفية.
ويُبين لبد، في حديث مع "العربي الجديد"، على هامش الوقفة، أنّ الشهور الثلاثة الأخيرة، شهدت تأخراً في دفع معاشات المتقاعدين المدنيين، ما يُنذر بالقلق، خصوصاً مع القرار الجديد، الصادر عن هيئة التقاعد الفلسطينية، بصرف 80% من المعاش. واعتبر أنّ القرار "سابقة خطيرة، تمس من أفنوا أعمارهم في الوظيفة الحكومية، وفي خدمة المجتمع والوطن"، مشدداً على أنّ "وضعهم لا يسمح بالمساس بمدخراتهم وحقوقهم المعيشية، في ظل الظروف الصعبة، خصوصاً أنّهم يتكفلون بأبنائهم وأحفادهم والأرامل والأيتام".
ويُشير لُبد إلى أنّ وزارة المالية لم تدفع الاشتراكات الشهرية الخاصة بالموظفين لصندوق هيئة التأمين والمعاشات منذ عام 2000 تقريباً، فيما يتم دفع المعاشات منذ فترة من الموازنة التشغيلية لهذه الأموال، ما أحدث عجزاً في الصندوق، داعياً إلى عدم التلاعب بمقدرات الموظفين، وعدم تأخير المعاشات، أو تقليصها، لمساسها بكلّ مصالح المتقاعدين.

المساهمون