غذاء العالم في خطر… روسيا تلعب بالنار

25 مايو 2022
تراجع صادرات القمح الأوكراني (Getty)
+ الخط -

بات غذاء العالم في خطر حقيقي، ليس فقط بسبب قفزات أسعار القمح وغيرها من السلع الغذائية في الأسواق العالمية، واستمرار الحرب بين أكبر مصدرين للحبوب في العالم، روسيا وأوكرانيا.

لكن إضافة إلى هذين السببين فقد ظهرت مؤشرات أخرى تؤكد أن العالم مقبل على فترة صعبة تهدد أمنه الغذائي، وقد يشهد معها مجاعات جماعية ونقص كبير في الغذاء، خاصة في الدول الفقيرة.

فروسيا تلعب بالنار، والموانئ الأوكرانية لا تزال مغلقة أمام صادرات القمح والحبوب، ولا تزال فكرة إقامة "ممرات آمنة" لتصدير الحبوب والأغذية من موانئ أوكرانيا مستبعدة وصعبة، خاصة مع مواصلة الحصار البحري الروسي لتلك الموانئ، ومنع وصول الشحنات التجارية إليها.

وكذا إغلاق الجيش الروسي العديد من الطرق البرية داخل أوكرانيا، وهو ما يعني صعوبة تصدير شحنات كبيرة من الحبوب المخزنة داخل الصوامع للأسواق العالمية.

الموانئ الأوكرانية لا تزال مغلقة أمام صادرات القمح والحبوب، ولا تزال فكرة إقامة "ممرات آمنة" لتصدير الحبوب والأغذية من موانئ أوكرانيا مستبعدة

وروسيا وأوكرانيا يتهمان بعضهما بعضا بزرع ألغام عائمة في البحر الأسود تحول دون شحن السفن بالغلال وتسييرها إلى حيث الدول المستوردة، وهناك أكثر من 20 مليون طن من الحبوب عالقة في صوامع ومخازن أوكرانيا تجد صعوبة في التصدير أو التوجه إلى الأسواق الدولية.

من بين المؤشرات المقلقة أيضاً تحول ملف الغذاء إلى ورقة سياسية بامتياز، بل وعملية ابتزاز يمارسها كبار المنتجين للحبوب، فروسيا اشترطت اليوم الأربعاء، وعلى لسان نائب وزير الخارجية أندريه رودينكو، رفع العقوبات الغربية مقابل تسهيل حركة الشحنات الغذائية المعطلة في الموانئ الأوكرانية، وكشرط لتجنب أزمة غذائية عالمية، وتقول إنّ "حل المشكلة الغذائية يمر عبر مقاربة جماعية تشمل خصوصاً رفع العقوبات التي فرضت على الصادرات الروسية والتعاملات المالية".

وفي المقابل، يتهم الغرب روسيا باستخدام الغذاء ورقة سياسة، وأنها تخزن الآن صادراتها الغذائية كنوع من أنواع الابتزاز، وتمنع الإمدادات وتعرقل حركة السفن لزيادة الأسعار العالمية أو مقايضة القمح بالدعم السياسي. وهذا استخدام للجوع والحبوب لفرض القوة، وفق مسؤولين غربيين.

وأمس الثلاثاء، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين إن روسيا تستخدم الإمدادات الغذائية كسلاح له تداعيات عالمية، وتتصرف بالطريقة نفسها التي تعمل بها في قطاع الطاقة.

حسب الأرقام الرسمية، فقد تهاوت صادرات أوكرانيا إلى ما بين 200 ألف طن ومليون طن شهريا مقابل 5 ملايين طن قبل اندلاع الحرب

واستبق الكرملين هذا التصريح ببيان حمًل فيه الولايات المتحدة وأوروبا مسؤولية ما يحدث من فوضى واضطرابات في سوق الغذاء العالمي، قائلا، يوم الاثنين، إن الغرب هو المسؤول عن أزمة الغذاء العالمية بفرضه أشد العقوبات في التاريخ الحديث على روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا.

لا يقف الأمر عند حد التراشق والابتزاز السياسي من كلا الطرفين، فقد حدث تهاو في صادرات القمح الأوكرانية بس الحرب المستعرة، وهو ما تسبب في حدوث قفزة في أسعار القمح عالميا.

وبحسب الأرقام الرسمية، فقد تهاوت تلك الصادرات إلى ما بين 200 ألف طن ومليون طن شهريا مقابل 5 ملايين طن قبل اندلاع الحرب.

موقف
التحديثات الحية

واكب ذلك التهاوي صدور قرار خطير، اليوم الأربعاء، من الهند، ثاني أكبر منتج ومصدر للسكر في العالم بعد البرازيل، يقضي بحظر صادراتها من السكر، البالغة 10 ملايين طن، بحجة توفير السلعة محليا، والحفاظ على استقرار الأسعار وحماية أمنها الغذائي.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، حظرت الهند، وهي أيضاً ثاني أكبر منتج للحبوب في العالم، صادرات القمح، ومن المتوقع أن تؤثر الخطوة سلبا على دول عربية عدة مستوردة للقمح والسكر.

إذا وضعنا هذه التطورات الخطيرة إلى جانب أرقام وضعها خبراء في الأمن الغذائي أمام مجلس الأمن الدولي تؤكد أن العالم لديه مخزونات من القمح تكفيه لمدة 10 أسابيع فقط، فإن هذا يعني أننا مقبلون على أزمة غذائية طاحنة ما لم تتوقف الحرب الأوكرانية، وتتراجع الدول عن فرض حظر على صادرات القمح وقيود على إمداداتها لأسواق العالم من الحبوب.

أرقام خبراء في الأمن الغذائي أمام مجلس الأمن الدولي تؤكد أن العالم لديه مخزونات من القمح تكفيه لمدة 10 أسابيع فقط

الأمن الغذائي في العالم بلغ مرحلة حرجة لم يشهدها منذ الأزمة المالية العالمية في العام 2008، وخطر المجاعة بات يلوح في الأفق، وسيؤثر على الاستقرار السياسي في العالم، خاصة في منطقتنا، مع القفزات التي تشهدها الأسعار، والنقص السريع في الإمدادات الغذائية خاصة من قبل كبار المنتجين. وهذا يعيدنا إلى المربع الأول وهو الحديث عن الأمن الغذائي لدولنا.

المساهمون