تعاني غالبية المصارف التجارية في ليبيا من أزمة نقص السيولة، ويصطف عدد كبير من المواطنين أمام ماكينات الصراف الآلي. يأتي ذلك مع ارتفاع التعامل بالصك والكاش في الأسواق بنسبة 10 في المائة مع قفزات في سعر الدولار في السوق الموازي.
ويقول المواطن مسعود الجلد لـ"العربي الجديد"، إن أزمة السيولة وارتفاع سعر الصرف قفزا بالتعاملات بالصك المصرفي إلى 10 في المائة، وأضاف أن عودة أزمة السيولة النقدية بالمصارف التجارية بدأت منذ مطلع العام الحالي.
وقالت المواطنة هند زيدان لـ"العربي الجديد"، إنها تبحث عن سيولة في فروع مصرف التجارة والتنمية منذ مطلع العام الحالي ولم تحصل حتى على مبلغ زهيد، والكل يقول لا توجد سيولة، وأضافت "ارتفعت وتيرة معاناة المواطن الليبي مع تفاقم أزمة نقص السيولة وتأخر صرف الرواتب، والتي أفرزت أوضاعا مأسوية مع الغلاء".
كما أشار أسعد الجلالي إلى أنه يقف أمام ماكينات الصراف منذ ساعات الصباح الأولى لغرض سحب 400 دينار، ولم يتمكن من سحب المبلغ بعد انتظاره في طوابير لمدة ثلاثة أيام. في الجنوب الليبي، قال عبد السلام الحسناوي لـ"العربي الجديد"، إن السيولة مفقودة في مدينة سبها منذ أكثر من ثلاثة أشهر، فالمواطن أمام الشراء بالدين أو شراء الدولار بالصك المصرفي ثم يبيعه ويخسر ما يقرب من 75 ديناراً من كل 100 دولار.
وحمل الخبير الاقتصادي أحمد المبارك مسؤولية أزمة السيولة لمصرف ليبيا المركزي مع عدم وجود حل لهذه الأزمة التي تتكرر كل عام، وأكد في تصريحات لـ"العربي الجديد"، على نقص السيولة بالمصارف التجارية فيما أغلب سكان ليبيا يعيشون على الرواتب بالدرجة الأولى، ما يعني زيادة الأزمات المعيشية للمواطنين.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفي تبلغ 39.2 مليار دينار حتى نهاية الربع الثالث من العام، بينما معدلها الطبيعي لا يتجاوز ثلاثة مليارات دينار. ولا يعترف مصرف ليبيا المركزي في طرابلس بالعملة المطبوعة في روسيا من مصرف ليبيا المركزي في البيضاء، والمقدرة بنحو 23 مليار دينار.
ويعاني المواطنون إلى جانب أزمة السيولة من أزمة أخرى تتعلق بنقص إمدادات الوقود في مختلف المناطق، كما تشهد أسعار السلع الغذائية ارتفاعا بالتزامن مع ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازي.
وقال المصرفي محمد الغرياني إن مشكلة أزمة السيولة ترجع إلى عدم الثقة في الجهاز المصرفي، "فالمواطن يسحب مدخراته من المصرف ويقوم بتخزينها في المنازل"، وأوضح خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أن هناك مساعي لتنويع الاقتصاد وفتح سوق الأوراق المالية لغرض الاستثمار، لكن غياب ثقافة الاستثمار لدى المواطن جعلته يقوم بسحب أي مدخرات من المصرف.
وأضاف أن المشكلة الأخرى التي فاقمت أزمة السيولة هي عدم فتح المقاصة بين مصارف شرق ليبيا وغربها. وفي المقابل، ذكر مصرف ليبيا المركزي أنه تم توفير سيولة نقدية لعام 2023 بقيمة 106 مليارات دينار لفروع المصارف التجارية بكافة المدن والمناطق.