عواقب اقتصادية لتضرر حركة الملاحة في قناة السويس

24 مارس 2021
القناة هي إحدى أبرز طرق التجارة الرئيسية في العالم (Getty)
+ الخط -

من المتوقع أن يؤدي الإغلاق المؤقت لقناة السويس، إحدى أبرز طرق التجارة الرئيسية في العالم، إلى إبطاء النقل البحري لبضعة أيام، لكن يتوقع أن تظل العواقب الاقتصادية محدودة.

ماذا حصل؟

جنحت سفينة الحاويات العملاقة "إم في إيفر غيفن" التي كانت متجهة من يانتيان (الصين) إلى روتردام، في قناة السويس الثلاثاء. كانت قد دخلت للتو في الممر المائي، آتية من البحر الأحمر جنوباً ولكنّها عانت من "انعدام الرؤية" بسبب رياح رملية تشهدها مصر.

وأبدى مراقبون، وجّهت وكالة "فرانس برس" أسئلة إليهم، اعتقادهم بأنّ السفينة ستُسحب في غضون ساعات، لكن الحركة البحرية قد تتأثر لبضعة أيام.

وتقطعت السبل بعشرات السفن خلفها، لكن القسم القديم من القناة، الواقع في الجزء الأوسط من الممر المائي، أمكن فتحه مجددا في الاتجاهين للملاحة، ما أفسح المجال أمام السفن الآتية من البحر الأبيض المتوسط للتوجّه جنوباً، وفق مصدر في هيئة قناة السويس.

وقالت مجموعة برايمار الألمانية إنّه "إذا عجزت القاطرات عن إزاحة السفينة، فمن الممكن رفع الحاويات بواسطة الرافعات لتخفيف الوزن"، الأمر الذي قد يستغرق "أياماً أو حتى أسابيع".

لماذا قناة السويس مهمة؟

افتتحت قناة السويس في العام 1869، لكنّها شهدت مذّاك عدة مراحل من التوسع والتحديث من أجل مواكبة تطوّر التجارة البحرية.

تربط القناة بين آسيا وأوروبا، إذ إنّها تقلل المسافات بشكل كبير: ستة آلاف كيلومتر أقل بين سنغافورة وروتردام على سبيل المثال، أو تقليص مدّة الرحلة ما بين أسبوع إلى أسبوعين كانت ستحتاجهما السفن للالتفاف حول أفريقيا.

وتقول المتخصصة في مجال النقل البحري ضمن مجموعة بوسطن الاستشارية كاميل اغلوف، إنّ القناة تشكّل محوراً "بالغ الأهمية" لأن "كل حركة العبور التي تصل من آسيا تمرّ عبر قناة السويس. وإذا لم تمر عبر هذه القناة، فسيتوجب أن تلتف حول رأس الرجاء الصالح" في جنوب أفريقيا.

أتاحت أعمال توسيع جديدة في 2015، استيعاب سفن أكبر حجماً، مثل تلك التي جنحت الثلاثاء. ومن المتوقع أن تتيح أعمال جديدة مضاعفة القدرات بحلول 2023، مع حوالى 100 سفينة في اليوم بدلاً من 50 سفينة تقريبا في الوقت الحالي.

ويعبر القناة، حسب الخبراء، ما يقرب من 10% من التجارة البحرية الدولية.

هل ثمة خشية من حدوث نقص؟

حتى لو تباطأت حركة العبور مؤقتاً، فإنّ المخاطر منخفضة.

وتقول اغلوف: "ثمة مخزونات موجودة. إذا نظرنا إلى إمدادات النفط، فإننا نتحدث فقط عمّا يأتي من الشرق الأوسط ولدينا مصادر أخرى للإمداد".

بالنسبة إلى برايمار، فإنّ وقت العبور الأطول "يمثّل مشكلة بالنسبة إلى الشحن الجاري، ولكن يمكن تعويض المسافات الأطول على المدى الطويل عن طريق تسجيل الطلبات في أوقات مبكرة".

قد يظهر التأثير أكثر في مجالات محددة. فثمة نقص في المعروض من أشباه الموصلات على وجه الخصوص في جميع أنحاء العالم، ما يؤثر خصوصا على صناعة السيارات، وهي مشكلة تفاقمت في الأيام الأخيرة بسبب حريق في المصنع الرئيسي لشركة تصنيع أشباه الموصلات اليابانية رينيساس.

هل ترتفع أسعار السلع؟

كلّ الاحتمالات ترتبط بمدة الإغلاق.

يقول بيورنار تونهوغن من مجموعة "ريستاد" الاستشارية: "من المحتمل أن يكون التأثير ضعيفا وعابرا (...) إذا استمر الإغلاق لأكثر من بضعة أيام، فقد يكون لذلك تأثير أكبر على الأسعار وبطريقة أكثر استدامة".

الوضع الاقتصادي الحالي، على خلفية الأزمة الصحية والقيود التي تعرقل الانتعاش، يعني أيضاً أنه من غير المرجح أن ترتفع الأسعار كثيراً على الفور.

سجّلت أسعار النفط التي شهدت تقلبات كثيرة في الجلسات الأخيرة، ارتفاعا كبيرا الأربعاء بسبب الخشية على إمدادات النفط.

رغم ذلك، تحذر كاميل اغلوف من أنّ ما جرى "يعيق حركة العبور، وستكون هناك تأثيرات دومينو في جميع الموانئ الأوروبية في الأيام المقبلة".

وترى برايمار أنّه "لا ينبغي (للحادثة) أن تؤثر بشكل كبير على أسعار الشحن". لكن ما جرى "يفاقم" النقص العالمي الحالي على صعيد الحاويات، والذي يؤثر على العديد من الصناعات، كما حذر المسؤول رفيع المستوى في اتحاد الصناعات الألمانية هولغر لوتش.

مطالبات قطاع التأمين

وقالت مصادر في قطاع التأمين الأربعاء، إن مالك واحدة من أكبر سفن الحاويات في العالم، والعالقة في قناة السويس حاليا، يواجه هو وشركات التأمين مطالبات بملايين الدولارات حتى إذا أعيد تعويم السفينة سريعا.

وقالت شركة وكالة الخليج للخدمات البحرية في دبي إن السلطات ظلت تعمل على إعادة تعويم السفينة بعد ظهر اليوم، وإن معلومات سابقة عن إعادة تعويم جزئية كانت غير دقيقة.

وقال وكلاء تأمين وسماسرة إن مالكة السفينة، شركة شوي كيسان كيه.كيه اليابانية، وشركات التأمين، قد تواجه مطالبات من هيئة قناة السويس عن فاقد الإيرادات ومن السفن الأخرى التي تعطلت حركتها.

وأشار ديفيد سميث، مدير مكتب سمسرة التأمين البحري مكجيل وشركاه، إلى أن "كل الطرق تؤدي إلى السفينة"، فيما لم يتسن التواصل مع شركة شوي كيسان للحصول على تعليق.

وتقول مصادر قطاع التأمين إن سفن الحاويات من هذا الحجم، عادة، مؤمن عليها ضد الأضرار التي قد تلحق بالهيكل والمعدات. وقال مصدران إن السفينة مؤمن عليها في السوق اليابانية.

وتتحمل الشركة المؤمنة على الهيكل والمعدات تكلفة عملية إنقاذ السفينة أيضا.

(فرانس برس، رويترز)

المساهمون