عن مخاطر استدعاء جنود الاحتياط على دولة الاحتلال

17 أكتوبر 2023
جنود الاحتياط كانوا في وظائف مدنية قبل الاستدعاء (فرانس برس)
+ الخط -

هكذا تبدو الصورة الآن داخل دولة الاحتلال، مستثمرون يتجهون لإغلاق مصانع ومراكز ومحال تجارية أو أغلقوها بالفعل، مؤسسات خدمية تبحث عن عمالة ولا تجدها.

نقص حاد في الأيدي العاملة داخل معظم المنشآت الصناعية والإنتاجية، حقول لا تجد مزارعين إلا كبار السن والعجائز، مدارس وجامعات بلا مدرسين وعمالة، مستشفيات ودور رعاية صحية بلا أطباء. فنادق خاوية من الموظفين.

والسبب هو استدعاء دولة الاحتلال نحو 360 ألف جندي من جنود الاحتياط عقب الهجمات التي قامت بها المقاومة الفلسطينية وضربت خلالها العمق الإسرائيلي سواء في تل أبيب أو غلاف غزة، هذا العدد يعد أكبر عملية استدعاء في تاريخ الدولة العبرية منذ العام 1973 حينما استدعت وقتها نحو 400 ألف جندي.

لا يمكن النظر إلى عملية استدعاء جيش الاحتياط من المنظور العسكري والسياسي فقط، بل أيضا من المنظور الاقتصادي والاجتماعي

دولة الاحتلال مجبرة على استدعاء هذا العدد الضخم من قوات الاحتياط لأسباب أمنية بحتة، ولأن الاحتياط يمثل العمود الفقري للجيش الإسرائيلي حيث يبلغ عدد أفراده 465 ألف عسكري، وبما يمثل نحو 65% من إجمالي أفراد الجيش.

وهو ما يعني أن الاستغناء عن تلك خطوة الاستدعاء أو سرعة تسريح الاحتياط بات مستبعدا في القريب العاجل في ظل حديث الاحتلال واستعداداته لخوض حرب طويلة ضد الفلسطينيين وإصراره على اقتحام قطاع غزة برا وبحرا وجوا.

لا يمكن النظر إلى عملية استدعاء جيش الاحتياط من المنظور العسكري والسياسي فقط، بل أيضا من المنظور الاقتصادي والاجتماعي.

فجنود الاحتياط كانوا في وظائف مدنية قبل الاستدعاء، يعملون في أنشطة متعددة مثل الزراعة والصناعة والتجارة والخدمات والمحال والأسواق.

وهناك من كان يعمل في البنوك والمصانع والشركات المختلفة، ومن كان يعمل في قطاعات خدمية مثل الطيران والسياحة والفنادق والمستشفيات والمدارس والجامعات، أو لدى شركات النقل والمواصلات والاتصالات وغيرها من أنشطة اقتصاد الاحتلال.

ومن بين هؤلاء من كان يعمل لدى الشركات العالمية ومتعددة الجنسيات التي تنشط في إسرائيل خاصة في مجال صناعة التقنية وتكنولوجيا المعلومات والأسلحة والأدوية والمشاريع الصغيرة والناشئة وغيرها.

استدعاء كل هؤلاء للاحتياط سيعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني بالفعل من خسائر فادحة منذ اندلاع الحرب على غزة

الآن، يترك كل هذا العدد الضخم من جنود الاحتياط وظائفهم وعملهم المدني ليلتحقوا كعسكريين بجيش الاحتلال في حرب باتت مفتوحة، ومن الطبيعي أن يسبب ترك هؤلاء لوظائفهم تأثيرات سلبية كبيرة وخطيرة على كل الأنشطة الاقتصادية لدى دولة الاحتلال.

وكما هزت عملية "طوفان الأقصى" إسرائيل داخلياً وطرحت علامة استفهام كبيرة حول مستقبلها وأمنها واستقرارها المزعوم وهشاشتها بعد أن ضربت صواريخ المقاومة صورتها أمام العالم، وحولتها إلى أضحوكة، فإن استدعاء كل هؤلاء للاحتياط سيعمق أزمة الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني بالفعل من خسائر فادحة منذ اندلاع الحرب قد تفوق قيمتها كل الخسائر التي تكبدتها دولة الاحتلال في الحروب والأزمات السابقة.

موقف
التحديثات الحية

ويكفي القول إن صحيفة "يديعوت أحرونوت" قدرت خسائر اليوم الأول فقط من الحرب بنحو 3 مليارات شيكل (حوالي 750 مليون دولار)، في حين قدر بنك هابو عليم خسائر 4 أيام فقط بنحو 7 مليارات دولار.

انقطاع هؤلاء الموظفين عن وظائفهم لفترة طويلة من شأنه أن يعطل الكثير من الأعمال داخل دولة الاحتلال، خاصة إذا ما طال أمد الحرب، وبقي جنود الاحتياط بعيدًا عن أعمالهم لمدة أطول.

ومن شأن الخطوة أن تشل الأعمال التجارية، وتعطل نقل المنتجات الغذائية المختلفة إلى محال بيع التجزئة وسلاسل المتاجر الكبرى، وتلحق أضرارا بأنشطة صناعية وزراعية وخدمية مختلفة بصورة كبيرة.

تزداد الصورة قتامة وضبابية في ظل نشاط اقتصادي وتجاري على وشك الركود داخل دولة الاحتلال بسبب تداعيات الحرب

كما سيكون لعملية الاستدعاء تأثيرات خطيرة على الأسواق التجارية وتوافر السلع واستقرار الأسعار وتلبية احتياجات المواطن سواء الخدمية أو السلعية، وهو ما يعمق أكثر أزمة الاقتصاد الإسرائيلي الذي ينزف بشدة جراء تداعيات الحرب الإسرائيلية الإجرامية على قطاع غزة.

تزداد الصورة قتامة وضبابية في ظل نشاط اقتصادي وتجاري على وشك الركود داخل دولة الاحتلال بسبب تداعيات الحرب، وهروب المستثمرين والأموال الساخنة والسياح، وتهاوي الطلب على الفنادق والمطاعم والسفر إلى الخارج، وتراجع الانفاق والاستهلاك، وتهاوي الشيكل وأسعار الأسهم في بورصة تل أبيب.

المساهمون