اليوم، جاء الدور في الهبوط على الجنيه الإسترليني الذي سجل أدنى مستوى له على الإطلاق، وأمس كان الدور على اليورو الذي سجل أكبر انخفاض له منذ 20 عاماً أمام الدولار وسط مخاوف من حدوث ركود اقتصادي واسع داخل دول القارة مع أزمتي الطاقة والتضخم وحرب أوكرانيا، وقبلها على الين الياباني الذي وصل لأدنى مستوى له في 24 عاماً دفعت البنك المركزي الياباني للتدخل لوقف التهاوي.
وأول من أمس كان الانهيار من نصيب عملات كثيرة سجلت ضعفاً ملحوظاً أمام العملة الأميركية وصل إلى حد الانهيار في بعض العملات، والقائمة طويلة، الليرة التركية والروبية السريلانكية والروبية الهندية وعملات البرازيل والأرجنتين وجنوب أفريقيا وباكستان وإيران وغيرها.
أما العملات العربية فحدث ولا حرج، فالقائمة تضم الجنيه المصري والجنيه السوداني والليرة اللبنانية والليرة السورية والدينار التونسي والريال اليمني، فالكلّ متهاوٍ، حتى عملات بعض الدول العربية النفطية أصابها الضعف والوهن مثل الدينار العراقي والدينار الجزائري.
عملات تتساقط كأوراق الشجر أمام الدولار الذي يقوى يوماً بعد يوم بسبب رفع سعر الفائدة المتواصل عليه، لا فارق بين عملة دولة صناعية كبرى تنتمي إلى مجموعة السبع الصناعية وعملة من بلاد الواق واق وجمهوريات الموز.
قائمة الخاسرين تضم الجنيهين المصري والسوداني والليرتين اللبنانية والسورية والدينار التونسي والريال اليمني
لم يكن أحد يتخيل أنّ قيمة الجنيه الإسترليني، الأقوى عالمياً، قد تساوي دولاراً واحداً لأول مرة كما يحدث هذه الايام، وسط قلق اقتصادي متصاعد في المملكة المتحدة عقب إعلان الحكومة الجديدة عن خطة مالية لمساعدة الأسر والشركات على مواجهة التضخم المتصاعد وغلاء المعيشة، خاصة فواتير الكهرباء وغاز التدفئة، مع تصاعد الأزمة الروسية الغربية.
ولم يكن أحد يتصور أن اليورو الذي راهن الجميع عليه عند طرحه في العام 2002 في أن يكون هو البديل للعملة الأميركية أو على الأقل المنافس القوي له تتدحرج قيمته لتقل عن الدولار، وتضغط عليه دول ذات مديونية عالية مثل إيطاليا.
ببساطة، سوق العملات يشهد انقلاباً شديداً على خلفية الأزمات الاقتصادية العنيفة التي تشهدها دول العالم وفي مقدمتها التضخم والطاقة وتعطل سلاسل الإمدادات، والدور ليس فقط على عملات الأسواق الناشئة بل على العملات الآسيوية التي بدأت تهتز مع مواصلة الفيدرالي الأميركي زيادة سعر الفائدة لتصل لأعلى مستوى لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.
سوق العملات يشهد انقلاباً شديداً بسبب الأزمات العنيفة وفي مقدمتها التضخم والطاقة وتعطل سلاسل الإمدادات
المؤشرات تقول إنّ الأسوأ لم يأتِ بعد، وأن الكوارث ستمتد للجميع، دليل ذلك ما يحدث حالياً لعملات الدول ذات الاقتصادات القوية باستثناء الدولار، الفارق هنا هو أن عملات الدول المتقدمة تستطيع بأدواتها النقدية والاحتياطيات النقدية الضخمة التي تمتلكها وقف أي مضاربات على العملة وإحداث توازن حقيقي بين الطلب والعرض، وبالتالي فإنّ عملاتها ليست معرضة لمخاطر الانزلاق نحو الهاوية والتسبب في إعلان إفلاس الدولة، بل إنّ التراجع هو ترجمة للمؤشرات الاقتصادية للدولة.
أما عملات الأسواق النامية فهي كالورق المتطاير في الهواء، لا تجد احتياطياً أجنبياً لدى بنوكها المركزية يقويها ويدعمها، وأحياناً لا تجد أدوات وقرارات نقدية مثل رفع سعر الفائدة وغيره تدافع عنها.