هل يمكن أن نتحدث عن تنمية وتنشيط اقتصاد متعثر في ظل حالة "اللخبطة" التي تشهدها الساحة المصرية حالياً؟
لنأخذ جانباً أو نماذج من هذه الحالة، ولنبدأ بالأحدث وهو قيام قوات الأمن المصرية أول أمس بقتل سياح أجانب في الصحراء الغربية، ظناً منها أنهم مجموعة إرهابية، وقبلها تم اختيار وزير متهم بالفساد، أو على الأقل تحوم حوله شبهات فساد، لمنصب رئاسة الوزراء، مع فرض حالة من الغموض الشديد حول معايير اختيار أعضاء الحكومة الجديدة، ولماذا أقيلت الحكومة القديمة.
خذ مثالاً آخر، اعتبره لا يقل خطورة عما سبق، وهو قيام عضو فى الحكومة المستقيلة، وهو وزير الاستثمار أشرف سلمان، بإثارة الاضطرابات في سوق الصرف الأجنبي، حينما تحدث قبل أيام عن ضرورة حدوث ارتفاعات جديدة في قيمة الدولار أمام الجنيه المصري بهدف تنشيط الاستثمارات وزيادة الصادرات، بل وتدخل الوزير في إدارة السياسة النقدية للبلاد التي هي من صميم مهام البنك المركزي، ونسي الرجل أنه تجاوز حدوده ومهام وظيفته وأن هذا لم يحدث حتى في أيام مبارك.
خذ مثالاً آخر يتعلق بالقلق الذي يكاد يعصف بسوق الصرف الأجنبي في الوقت الحالي، وتكهنات بارتفاع سعر الدولار خلال الفترة المقبلة وزيادة حدة المضاربات على العملة المحلية، ويزداد هذا القلق مع مواجهة مستثمرين عرب وأجانب مشاكل في تحويل أرباحهم للخارج.
أبَعْدَ كل ذلك نتحدث عن اقتصاد صحي وفرص قوية لمصر في جذب مليارات الدولارات من مستثمرين دوليين، وإقناع استثمارات خارجية ضخمة بالقدوم للبلاد؟
نظام لا يفرق بين تنظيم داعش الإرهابي وشاب يطالب بالحرية ويهتف في الشارع ضد الظلم والفساد والبطالة، ويضع الجميع في سلة الإرهاب، هل في ظله نتحدث عن اقتصاد قوي قادر على مكافحة الفقر وخلق فرص عمل لملايين الشباب العاطلين؟
طيب، حكومة تعتقل نحو 42 ألفاً من معارضيها السياسيين، وتقتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي أو الخرطوش وتعتقل شباب مصر، وتوسع دائرة تعريفها للإرهاب، هل بعدها ننتظر منها توفير مناخ استثمار صحي ومناسب واقتصاد معافى ومنافس؟
لنعترف يا سادة أنه لولا المساعدات الخليجية، التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة، لتهاوى الاقتصاد وتعثر، ولولا المنح النفطية المجانية القادمة من الخليج لشهدت البلاد أزمات طاقة مستمرة ونقصا حادا في البنزين والسولار والغاز وبقية المشتقات البترولية.
عن أي اقتصاد نتحدث، ومصر تواجه نزيفاً مستمراً في مواردها من النقد الأجنبي؟ فقطاع السياحة خسر نحو 30 مليار دولار منذ عام 2011 وحتى الآن، وإيرادات السياحة فقدت نحو 5 مليارات دولار من قيمتها في العام الماضي 2014 إذا ما تمت مقارنتها بأرقام عام 2010، والصادرات من المتوقع أن تخسر أكثر من 5 مليارات دولار خلال العام الجاري، بسبب إغلاق أسواق خارجية أمامها، والبلاد تقترض لسداد ديون خارجية، ولولا ما تبقى من إيرادات تحويلات المغتربين وقناة السويس والسياحة، لواجهت البلاد مشاكل في تدبير قيمة وارداتها الخارجية.
أفيقوا يرحمكم الله.
اقرأ أيضاً: مصر توقف تحركات الدفع الرباعي في سيناء والصحراء الغربية