استمع إلى الملخص
- تعاني الشركة من مشكلات مثل استدعاء محركات الطائرات وزيادة التكاليف بعد جائحة كوفيد-19، وفشل صفقة الاستحواذ من جيت بلو إيروايز، مما أدى إلى خسائر كبيرة وبيع طائرات وتقليص حجمها.
- تواجه صناعة الطيران تحديات بسبب جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الوقود، مما أثر بشكل خاص على شركات الطيران منخفضة التكلفة وزاد من صعوبة إدارة الديون.
قدمت شركة الطيران الأميركية سبيريت إيرلاينز Spirit Airlines، الرائدة في مجال السفر الجوي الاقتصادي، طلبًا لإشهار إفلاسها بعد سنوات من الصعوبات المالية، وفشل في عمليات الاندماج، بالتزامن مع تصاعد المنافسة، وتغير تفضيلات المستهلكين. وأعلنت الشركة يوم الاثنين أنها توصلت إلى اتفاق مسبق مع حاملي سنداتها، بما في ذلك تمويل بقيمة 300 مليون دولار لتأمين عملياتها خلال فترة الإفلاس.
وتوقعت الشركة أن تخرج من حالة الإفلاس بحلول الربع الأول من العام المقبل، مؤكدة أن الموردين ومؤجري الطائرات لن يتأثروا. ووفقًا للوثائق المقدمة إلى المحكمة، فإن أصول والتزامات الشركة تتراوح بين مليار وعشرة مليارات دولار. ورغم ذلك، أكدت الشركة استمرار عملياتها، إذ طمأن الرئيس التنفيذي، تيد كريستي، العملاء بأن بإمكانهم الاستمرار بحجز الرحلات والسفر واستخدام نقاط الولاء.
ويمثل إفلاس "سبيريت إيرلاينز" أول حالة إفلاس لـشركة طيران أميركية رئيسية منذ إفلاس شركة الخطوط الجوية الأميركية American Airlines قبل 13 عامًا. وعانت "سبيريت إيرلاينز"، التي تتخذ من مدينة دانيا بيتش بولاية فلوريدا مقرًا لها، مشكلات متعددة، من بينها استدعاء محركات أدى إلى إيقاف العديد من طائراتها، وزيادة التكاليف بعد جائحة كوفيد 19، بالإضافة إلى فشل صفقة الاستحواذ المقترحة من شركة جيت بلو إيروايز JetBlue Airways، والتي أوقفها قاضٍ فيدرالي بسبب مخاوف تتعلق بمكافحة الاحتكار.
ولم تحقق "سبيريت إيرلاينز" أرباحًا منذ عام 2019، وسجلت خسائر تزيد عن 335 مليون دولار في النصف الأول من العام الحالي. وللتعامل مع التحديات المالية، قامت الشركة ببيع 23 طائرة إيرباص لتوفير 519 مليون دولار نقدًا، ومن المتوقع أن تنهي العام بسيولة تبلغ مليار دولار. ومع ذلك، تستعد الشركة لتقليص حجمها بشكل أكبر، بما في ذلك تسريح 330 طيارًا إضافيًا في يناير/كانون الثاني المقبل، بعد تسريح 200 طيار في سبتمبر/أيلول الماضي.
واعتمد نموذج أعمال الشركة على تقديم أسعار منخفضة للغاية وفرض رسوم إضافية على كل الخدمات، مما ساعدها على النجاح بين العملاء الباحثين عن التوفير. ومع ذلك، عانت "سبيريت إيرلاينز" بعد الجائحة بسبب ارتفاع التكاليف وزيادة الطلب على الرحلات الدولية خارج شبكتها، ما أدى إلى انخفاض الأسعار في السوق الأميركية. كما أوقفت محكمة فيدرالية صفقة استحواذ بقيمة 3.8 مليارات دولار من جيت بلو، مشيرة إلى أن الصفقة ستؤدي إلى رفع الأسعار وتقليل المنافسة.
ورغم التحديات، يتوقع بعض المحللين أن تستأنف "سبيريت إيرلاينز" محادثات الاندماج مع شركة فرونتيير Frontier في الأشهر المقبلة، مما قد يعيد تشكيل مستقبل الشركة بعد إفلاسها.
وشهدت صناعة الطيران، التي تُعد ركيزة أساسية للاتصال العالمي والتجارة، اضطرابات كبيرة في السنوات الأخيرة، إذ واجه العديد من شركات السفر الجوي حالات إفلاس متزايدة. وتفاقمت هذه الظاهرة نتيجة مجموعة من العوامل، بما في ذلك تبعات جائحة كورونا، وارتفاع تكاليف الوقود، وتغير سلوك المستهلكين، وعدم الاستقرار الجيوسياسي.
وفي الولايات المتحدة، لجأت عدة شركات طيران إلى تقديم طلبات إفلاس بسبب الضغوط المالية. وخلال فترة الجائحة، شهدت شركات الطيران انخفاضًا غير مسبوق في حركة الركاب، حيث تراجعت الطلبات بنسبة تجاوزت 90% في ذروتها. وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي قُدّمت لتلك الشركات، من خلال حزم الدعم الحكومي، مثل قانون "CARES"، عانى العديد من الشركات في إدارة الديون المتراكمة وتكاليف التشغيل. وكانت شركات الطيران الإقليمية الأكثر عرضة للخطر، نظرًا لتقلص جداول الرحلات واعتمادها على السفر التجاري، وهو القطاع الذي شهد تعافيًا أبطأ.
وعلى الصعيد العالمي، لم يكن الوضع أقل سوءًا. فقد واجهت شركات الطيران الأوروبية مثل "فلاي بي" و"النرويجية للطيران" الإفلاس، بينما قدمت شركات أميركية لاتينية مثل "أفيانكا" و"لاتام" طلبات حماية من الإفلاس. وتُظهر هذه التطورات الطبيعة العالمية للتحديات التي تواجه الصناعة، على الرغم من وجود فروق إقليمية، فعلى سبيل المثال، تأثرت شركات الطيران الأوروبية كثيرًا بالقيود الصارمة على السفر وتفاوت سياسات الدعم الحكومي، بينما عانت الشركات في أميركا اللاتينية ضَعفَ العملات المحلية وارتفاع التكاليف التشغيلية مقارنة بالإيرادات.
وساهمت العوامل الاقتصادية مثل الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود خلال عامي 2022 و2023 بزيادة الضغوط، إذ ارتفعت تكاليف وقود الطائرات، الذي يمثل عادة واحدة من أكبر النفقات لشركات الطيران، بسبب التوترات الجيوسياسية واضطرابات سلاسل التوريد. وأثرت هذه الزيادات بشكل خاص على شركات الطيران منخفضة التكلفة التي تعمل بهوامش ربح ضئيلة للغاية، كما حدث مع شركة سبيريت إيرلاينز وبعض الشركات الأخرى. وعلاوة على ذلك، أدت الضغوط التضخمية وارتفاع أسعار الفائدة عالميًا إلى زيادة تكلفة التمويل، مما جعل خدمة الديون أكثر عبئًا على شركات الطيران ذات الميزانيات المتعثرة.