عندما يسأل طفل أمه: هل هذه من سلع المقاطعة؟

29 اغسطس 2024
حملات المقاطعة تستهدف مطاعم كنتاكي
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- **تنامي حركة المقاطعة العالمية**: شهدت حركة المقاطعة للسلع الإسرائيلية ومنتجات الدول الداعمة لها تنامياً ملحوظاً، مما دفع شركات مثل أكسا والصندوق السيادي الأيرلندي إلى سحب استثماراتها من المستوطنات المحتلة.

- **إطلاق بدائل محلية ودولية**: مع اتساع رقعة المقاطعة، ظهرت منتجات جديدة مثل "كولا غزة" و"مشروبات فلسطين"، التي لاقت رواجاً في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا.

- **تأثير المقاطعة على الشركات الكبرى**: شملت المقاطعة علامات تجارية كبرى مثل ستاربكس وبيبسي، مما دفع المقاهي والمطاعم في المنطقة العربية إلى تقديم بدائل محلية مثل "سينا كولا" و"دبل أب".

بات الكثير من الأفراد حول العالم يهربون من مجرد حتى سماع اسم إسرائيل، بعد أن تلوثت سمعتها وتلطخت بالدماء وفقدت لقب صاحبة الجيش الذي لا يقهر، وأصبحت المؤسسات والشركات تتعامل مع هذا الكيان وكأنه حيوان أجرب مصاب بكل أنواع الأمراض الجلدية، أو كأنه عار يتبرأ منه أصحاب الإنسانية وكل أحرار العالم والشعوب الحرة التي ترفض الحرب الإجرامية التي تقودها دولة الاحتلال المقاطعة ضد أهالي غزة منذ أكثر من عشرة شهور.

لا أتحدث هنا عن موقف بعض الحكومات الغربية والعربية الداعم لجيش وحكومة الاحتلال، ولكن عن الغالبية من هؤلاء الذين يتابعون جرائم الإبادة الجماعية التي يمارسها جيش الاحتلال على مدى 24 ساعة منذ بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وأدت إلى استشهاد عشرات الآلاف من الفلسطينيين وجعلت معظم قطاع غزة غير صالح للسكن.

المقاطعة سلاح

أبرز مثال على ذلك هو تنامي حركة المقاطعة للسلع الإسرائيلية في الأسواق المختلفة واتساع دائرة مقاطعة منتجات الدول الداعمة لها حول العالم، وضعف موقف العلامات التجارية والشركات متعددة الجنسيات التي تُعتبر داعمة لإسرائيل، والتي فشلت في غسل سمعتها وتبرير موقفها والدفاع عنه أو خداع المستهلك عبر حملات ترويج لسلعها بأسماء مختلفة أو اطلاق حملات تسويقية وتخفيضات واسعة، أو تقديم مساعدات لأطفال ومستشفيات غزة. يحدث هذا التنامي رغم مرور أكثر من عشرة شهور على انطلاق تلك الحملات.

فعقب تعرضها لحملة مقاطعة واسعة من قبل المستهلكين على مستوى العالم، سارعت تلك العلامات التجارية إلى نفي أي علاقة لها بإسرائيل وجيش الاحتلال، مشيرة إلى أنها لم تقدم أي دعم لدولة الاحتلال في حربه الإجرامية الحالية على قطاع غزة، بل سارع العديد منها إلى سحب استثماراته من إسرائيل والمستوطنات المحتلة ومن دول عربية وإسلامية.

موقف
التحديثات الحية

أحدث مثال على ذلك ما فعلته شركة التأمين الفرنسية أكسا التي اضطرت إلى بيع كل استثماراتها في جميع البنوك الإسرائيلية الكبرى، ولدى شركة إلبيت الإسرائيلية المتخصصة في التصنيع العسكري، تفادياً لمخاطر المقاطعة الواسعة لخدماتها حول العالم، ونفياً للتهم المتعلقة بدعمها مشروعات داخل المستوطنات المحتلة.

كما أعلن الصندوق السيادي الأيرلندي أنه سيسحب استثماراته من ست شركات إسرائيلية استجابة لضغوط سياسية داخلية. وسحبت الحكومة الأيرلندية استثمارات لها بملايين اليورو من عدة شركات إسرائيلية، بما في ذلك بعض من أكبر بنوكها مثل "هبوعليم" و"لئومي". وهناك ضغوط متزايدة على صندوق الثروة النرويجي، أكبر صندوق سيادي في العالم، لسحب استثماراته من إسرائيل.

ومع تنامي حملات المقاطعة حول العالم واتساع رقعتها وتحمس الملايين لها، تم إطلاق منتجات وعلامات جديدة باتت تهدد السيطرة السوقية للشركات والعلامات الدولية الداعمة لإسرائيل.

من بين تلك الشركات "كولا غزة"، التي دخلت السوق البريطانية قبل أيام، وتعد من البدائل الجديدة للمستهلك، وكذلك "مشروبات فلسطين" أو "فلسطين درينكس"، وهي علامة تجارية مقرها السويد تم إطلاقها في مارس/آذار الماضي، وتبيع منتجاتها في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وجنوب أفريقيا، وفقا لمجلة تايم الأميركية. ولقي المنتج البديل للكوكاكولا رواجاً بين المستهلكين حتى إن مذاقها يشبه الكولا، ولاقت قبولاً شعبياً بعد أن تم استبدال كلمة "كوكا" بـ"غزة" فصارت "كولا غزة" وتم تزيين العبوة بعلم فلسطين وكوفية حمراء.

ووفق نشطاء في حملات المقاطعة فإن "كولا غزة" تحاول أن تكون بديلاً لمقاطعي العلامة التجارية الشهيرة كوكاكولا، وليست مجرد محاولة تقليد العلامة بعد أن تسببت بخسائر كبيرة للشركة الأم.

موقف
التحديثات الحية

لا يتوقف الأمر عند حد تبرؤ علامات تجارية كبرى مثل ستاربكس وبيبسي وكنتاكي وماكدونالدز من إسرائيل وجيش الاحتلال، بل إن العديد من المقاهي والمطاعم في المنطقة العربية تتجنب إلى حد كبير عرض أو تقديم العلامات التجارية المعروفة، وتعرض في المقابل بدائل محلية مثل "سينا كولا" و"سبيروسباتس" المصرية، و"دبل أب" القطرية و"كنزا" السعودية و"ماتريكس كولا" الأردنية، خشية أن تصبح هي نفسها عرضة للمقاطعة.

واستغلت شركات ناشئة صغيرة حملات المقاطعة التي طاولت بعض الشركات الكبرى على خلفية الحرب في غزة لملء الفراغ الذي خلفه عزوف المستهلكين عن شراء منتجات شركات متعددة الجنسيات متهمة بدعم إسرائيل.

ومن الأمور اللافتة في حملات المقاطعة المتواصلة هو أن يقف طفل صغير وسط محل تجاري أو مطعم أو داخل علامة تجارية شهيرة يسأل أمه بحماس: "هل هذه السلعة مقاطعة، وهل هي داعم لإسرائيل؟". وما إن تنطق الأم بكلمة "مقاطعة" حتى يلقيها الطفل على الرف بسرعة وكأنها جرثومة.

المساهمون