يواجه عمال الأجور اليومية في مدينة بورتسودان ظروفاً معيشية صعبة، بعد إغلاق الميناء الجنوبي في المدينة منذ سبتمبر/أيلول الماضي، وهو المنفذ البحري الذي ظل لمدى سنوات طويلة مصدر رزق.
لكن مع استمرار الحظر المفروض على الميناء من قبل مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة شرق السودان، تزداد أوضاع كثير من الأسر السودانية سوءاً، فضلاً عن ارتدادات عكسية للاقتصاد المحلي في ولاية البحر الأحمر التي تعتمد على الموانئ البحرية.
وتسبب توقّف الشاحنات من وإلى بقية المدن السودانية، في أزمة معيشية صعبة أيضاً لسائقي الشاحنات الذين لا يستطيعون مغادرة المدينة مع توقف الشاحنات في الطرق التي أغلقت بالمتاريس من قبل أنصار "البجا"، بدءاً من منافذ المدينة وصولاً إلى آخر بلدة من ولاية البحر الأحمر، وهو ما يكبد اقتصاد الولاية خسائر مالية ضخمة ما لم يتم فتح الميناء الجنوبي في غضون نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
تزداد صعوبة حل مشكلة إغلاقات ميناء بورتسودان، في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أعقبت انقلاب البرهان، والمظاهرات الساخطة ضده
وحسب مراقبين، تزداد صعوبة حل مشكلة إغلاقات ميناء بورتسودان، في ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التي أعقبت انقلاب عبد الفتاح البرهان، والمظاهرات الساخطة ضده، وعدم وجود حكومة قادرة على وضع حلول جذرية لأزمة إغلاقات الشرق.
ضائقة مادية
يفترش العشرات من عمال الأجور اليومية خارج وداخل مقر الجمعية العمومية للشحن والتفريغ في مدينة بورتسودان، أملاً في تسوية أوضاعهم المعيشية، بينما يقصدها البعض من أجل الحصول على أجورهم اليومية، أو مراجعة أوضاع الميناء، هي لحظات يسودها الترقب في أوساط عمال الميناء، للعودة إلى مهنهم السابقة، مثل الشحن والتفريغ والتخليص الجمركي، وهي مهن كانت تدرّ عليهم أجوراً يومية لسد احتياجاتهم اليومية.
يقول مجدي محمد، الذي يملك متجراً داخل الميناء، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن توقف عمل الميناء، أثر سلباً على أوضاعه المادية وعلى أوضاع أسرته، وإن عدم توفر حركة داخل الميناء اضطره إلى التوقف عن الذهاب إليه كل صباح، من دون أن يكون هناك أحد يقصد متجره، فضلاً عن توقف حركة الملاحة في الميناء؛ حيث يعمل في توريد بعض المنتجات من الخارج.
ويشير مجدي إلى أن استمرار الحظر المفروض على الميناء يهدد مصدر رزقه الوحيد.
أما محمد سعيد، العامل بالأجر اليومي، فيقول هو الآخر، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحياة بالنسبة له في ظل الظروف التي تمر بها المدينة أصبحت صعبة للغاية، بسب عدم توفر عمل في الميناء الذي ظل يتردد إليه صباح كل يوم منذ سنوات، ويؤكد أنه لا يوجد أحد يوفر لهم شغلا يدر عليهم دخلا، فإغلاق الميناء أوقف صيرورة الحياة بالنسبة إليهم".
وأشار إلى أن حمل "الشوالات" كان الوسيلة الوحيدة لكسب العيش في الميناء، فإذا توقف هذا العمل، فلا أحد يعطينا أجرا يوميا، عوضاً عن فقداننا لأعمالنا في الميناء. ويطالب محمد بتوفير عمل لعمال الأجور اليومية.
خسائر مزدوجة
أما سكرتير الجمعية العمومية للشحن والتفريغ في مدينة بورتسودان، عثمان محمد، فيقول لـ"العربي الجديد"، إن "الميناء الشمالي في المدينة مفتوح للحركة، لكن هناك قلة قليلة من السفن تصل إليه بسبب الإغلاق الذي يعطل حركة الشحن والتفريغ في الميناء الجنوبي، وهو ما أوقف عمل عمال الشحن والتفريغ، بينما عمال المخازن يزاولون أعمالهم".
ويشير إلى أن توقف البواخر يرجع إلى سببين أساسيين، وهما أنها تتجنب خطورة التعليق في موانئ بورتسودان، بسبب الأزمة الراهنة، وخوف ملاكها من عدم توفر عمال لتفريغها بسبب توقف تلك الموانئ عن الميناء بعد الإغلاق الذي شمل الميناء الجنوبي من قبل أنصار مجلس نظارات البجا والعموديات المستقلة شرق السودان، الذين حولوا الساحة الجنوبية من الميناء إلى مقر مفتوح للاعتصام منذ أكثر من شهر.
ويضيف أن نحو 6 آلاف عامل يومي مسجلين لدى الجمعية لا تتوافر لديهم حالياً فرص عمل في الميناء بسبب عدم وجود حاويات للتفريغ، لكن يمكن أن تتوفر أشغال في الميناء الشمالي، وفي ظل عدم صرف رواتب لعمال الميناء الجنوبي المتوقف تزداد معاناتهم.
نحو 6 آلاف عامل يومي مسجلين لدى جمعية الشحن والتفريغ في بورتسودان لا تتوافر لديهم فرص عمل في الميناء بسبب عدم وجود حاويات للتفريغ
وحسب إدارة محطة حاويات ميناء بورتسودان، فإن نحو 10 آلاف عامل يومي يواجهون مشكلة كبيرة في تدبير شؤون حياتهم، بسبب توقف مرور نحو 1200 حاوية كانت تعبر موانئ بورتسودان يومياً، والتي تكبد أيضاً خزينة الدولة خسائر مالية ضخمة، فضلاً عن تداعياتها الاقتصادية والإنسانية.
ويأتي ذلك في ظل تكرار حديث مجلس "البجا" عن السماح بعبور الشاحنات التي تقل القمح والأدوية نحو المدن السودانية، لكن تراجع حركة الميناء تضع حياة كثيرين في خطر، خاصة عمال الأجور اليومية في مدينة بورتسودان.
وتقدر إدارة المحطة الخسائر التي تواجه السودان بنحو 500 ألف يورو يومياً، وهو رقم ينهش اقتصاد البلاد، فضلاً عن توقف حركة التصدير إلى الخارج، خاصة المواشي؛ حيث يفقد أصحاب المواشي مكانتهم في الأسواق العالمية، فضلاً عن مخاوف مكانة ميناء بورتسودان التجارية في حال استمرار الإغلاق المفروض عليه من قبل قيادات "البجا".