شهدت أسواق الذهب في قطاع غزة انتعاشاً في العام 2022 مع توفر السيولة المالية إثر سماح سلطات الاحتلال الإسرائيلي بدخول مئات العمال الفلسطينيين من القطاع للعمل في الأراضي المحتلة عام 1948.
وحسب بيانات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين المنشورة في 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن سلطات الاحتلال أصدرت 15 ألفاً و900 تصريح عمل للفلسطينيين من القطاع خلال العام الماضي.
ويتقاضى العمال الفلسطينيون في الداخل المحتل أجوراً تزيد عدة أضعاف عن تلك التي يحصلون عليها في قطاع غزة بسبب ارتفاع مستوى المعيشة في إسرائيل، الأمر الذي أدى لتوفر سيولة مالية جيدة في أسواق القطاع.
وقال تاجر الذهب أيمن أبو خاطر لـ"العربي الجديد"، إن سوق الذهب شهد انتعاشاً ملحوظاً خلال العام 2022 مقارنة مع الأعوام السابقة، بسبب توجه أعداد من العمال الفلسطينيين للعمل داخل الأراضي المحتلة واهتمامهم بألا يقوموا بصرف كل ما يحصلون عليه مقابل عملهم.
وأضاف أبو خاطر أن "الكثير من العمال قرروا ادخار جزء كبير من أجورهم من خلال شراء الذهب، حيث إنهم يتوقعون الانقطاع عن العمل في أي وقت".
وأشار إلى أن ثقافة الادخار انتشرت بين الفلسطينيين في غزة بشكل كبير خلال السنوات الماضية رغم ضعف الإيرادات، ما انعكس على الإقبال على الملاذات الآمنة وأهمها الذهب والعقارات، موضحاً أنه في العامين 2020 و2021 التي شهدت تفشي جائحة كورونا، تراجعت مبيعات الذهب بشكل كبير وتكبدنا خسائر بالغة مثل غالبية القطاعات الاقتصادية.
وحسب أبو خاطر، فإن بعض تجار الذهب خاضوا حملات ترويج على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأشهر الماضية، وهذه ساهمت بشكل مهم في إقبال الناس على شراء المعدن النفيس.
وهذه الحملات تضمنت تخفيضاً لأسعار بعض القطع المستخدمة، إضافة لتوعية الناس بأهمية ادخار الذهب باعتباره الملاذ الآمن خاصة مع التذبذب الكبير في أسعار العملات هبوطاً وصعوداً خلال العام الماضي.
وقال أبو خاطر: "عدد كبير من التجار في غزة باتوا يخشون انهيار الدولار أو الشيكل بسبب المتغيرات الاقتصادية الحالية ما دفعهم للجوء إلى الذهب باعتبار أن أسعاره يتوقع أن تتجه إلى الصعود في الفترة المقبلة".
ووفق بيانات أصدرتها وزارة الاقتصاد الوطني في يناير/ كانون الثاني الماضي، فإن تداول المصوغات الذهبية في أسواق غزة ارتفع بنسبة 40% في العام 2022 مقارنة مع 2020 و2021.
وعلى الصعيد نفسه، أفاد نقيب الصاغة في قطاع غزة محمد حبوب، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بأن "أسواق الذهب شهدت انتعاشا خلال العام الماضي 2022".
وأرجع حبوب هذا الانتعاش إلى سماح سلطات الاحتلال بدخول آلاف الفلسطينيين للعمل بالأرض المحتلة بعد سنوات طويلة قضوها عاطلين من العمل، ما حقق مردودا ماليا جيدا أنعش أسواق غزة بشكل عام.
وأضاف حبوب أن "جزءا كبيرا من العمال في غزة فضلوا عدم إنفاق أموالهم على الاحتياجات الاستهلاكية وقرروا ادخارها من خلال شراء الذهب الذي يعد الملاذ الآمن، بسبب خشيتهم من توقف العمل في إسرائيل في أي وقت نتيجة للتطورات السياسية الأمنية المتسارعة في الأراضي الفلسطينية".
لكن نقيب الصاغة أشار إلى تراجع في تداول الذهب مع بداية العام 2023، بسبب تراجع إصدار تصاريح العمل في الداخل المحتل.
وفي 26 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين في قطاع غزة سحب الاحتلال الإسرائيلي 230 تصريحاً من عمال غزة بسبب مزاعم الاحتلال بمشاركة العمال "بأنشطة مقاومة ضده".
وحول أهمية انتعاش سوق الذهب للاقتصاد في غزة، قال حبوب إن "انتعاش مبيعات المعدن الأصفر يعني عمل المئات من العمال في مصانع وورش التصنيع وتقليص البطالة"، وأشار إلى أن هناك 20 ورشة و10 مصانع في قطاع غزة لتصنيع الذهب.
وأوضح حبوب أن كميات الذهب الموجودة في الأسواق تقدر بأكثر من 500 كيلوغرام، لافتاً إلى أن سعر غرام الذهب وصل إلى نحو 38 دينارا أردنيا (نحو 54 دولارا).
ويعيش قطاع غزة ظروفاً اقتصادية غاية في الصعوبة بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليه منذ العام 2007، ما انعكس على مستويات البطالة التي تجاوزت 44% ومعدل الفقر الذي بلغ نحو 59%، وفق بيانات سابقة للبنك الدولي.