تتجه الولايات المتحدة لفرض عقوبات وشيكة على الشركات المنفذة لمشروع نورد ستريم 2 في محاولة لوقف خط أنابيب الغاز الطبيعي "نورد ستريم 2"، الذي سيربط روسيا بألمانيا، ووفق مسؤول أميركي كبير فإن الولايات المتحدة الأميركية تزيد من ضغط العقوبات على الشركات الأوروبية المشاركة في مشروع نورد ستريم 2.
وقال ممثل رفيع المستوى للحكومة الأميركية في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية ، إن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 لن ينفذ، مشيرا إلى أن الدعوات توجه لهم لتحذيرهم ومنحهم الوقت للخروج"، موضحا أنه بدلا من ضخ المزيد من المال في خط الأنابيب والأنشطة ذات الصلة، من الأفضل للشركات استخدام شروط القوة القاهرة الموجودة في العقد.
ولم يقدم المسؤول الأميركي، الذي لم تكشف الوكالة عن هويته، أي معلومات بشأن الشركات التي سيتم الاتصال بها على وجه التحديد، واكتفى بوصف نورد ستريم 2 بأنه "مشروع جيوسياسي ستستخدمه روسيا لابتزاز الدول الأوروبية".
وأشارت الوكالة إلى أن الحكومة الأميركية حددت عددا من الشركات والأشخاص الذين سيواجهون الإجراءات العقابية الأولى بموجب قانون العقوبات ضد نورد ستريم 2، وبأنه يتم حاليا الاتصال بالمتضررين وإبلاغهم بشأن العقوبات الوشيكة.
إلى ذلك، أبرز المسؤول أن أول تقرير حكومي بهذا الشأن سيقدم إلى الكونغرس في الأسابيع المقبلة، وسيتم تسمية الأشخاص والشركات الذين يحتمل أن ينتهكوا القانون، مشددا على أنه ينبغي على مؤيدي نورد ستريم 2 ألا يأملوا في تغيير موقف الحكومة في واشنطن، لأن قانوني "بييسا" و"بييسكا" ينصان على عقوبات إلزامية ومدعومان من الحزبين، وهذا يعني أن العقوبات تكون نافذة بغض النظر عمن يجلس في المكتب البيضاوي".
ويعد الرئيس المنتخب جو بايدن من منتقدي مشروع نورد ستريم 2 عندما كان نائبا للرئيس السابق باراك أوباما، ووصف حينها خط الأنابيب بأنه صفقة سيئة بشكل أساسي لأوروبا".
وكان ترامب قد أمر في نهاية 2019 بأول التدابير العقابية ضد شركات معينة تشارك في بناء خط نورد ستريم 2، وسرت هذه العقوبات بالدرجة الأولى على سفن سويسرية لدفن أنابيب الغاز في قاع البحر.
ووفق الإدارة الأميركية فإن هذا الخط سيؤدي إلى زيادة اعتماد ألمانيا على مصادر الطاقة الروسية، ويهاجم ترامب المشروع باستمرار عبر موقع تويتر. وفي المقابل، تقول ألمانيا إن ترامب يعارض المشروع لمجرد توفير أسواق لتصريف إنتاج الولايات المتحدة من الغاز الصخري.
وتقول موسكو إن الولايات المتحدة تسعى لإفساد المشروع لضمان أن يتمكن مزودو الغاز الطبيعي الأميركيون من بيع الصادرات إلى سوق الاتحاد الأوروبي بسعر أعلى من سعر روسيا.
ويلعب ميناء العبّارات زاسنيتس دورا محوريا في بناء خط الأنابيب بتقديم خطي أنابيب بطول إجمالي يقدر بـ2460 كيلومترا، ولا تزال 150 كيلومترا فقط لإكمال هاتين القطعتين.
وتم تخزين الأنابيب الفولاذية المطلوبة في ميناء زاسنيتس، وتغليفها بالخرسانة في مصنع في ضاحية موكران، كما يوجد في الميناء أيضا السفينة الروسية "أكاديميك تشيرسكي" لدفن الأنابيب في قاع البحر، وتتعاون هذه السفينة مع سفينة "فورتونا" الروسية في إتمام بناء الخط.
وكان ثلاثة أعضاء من مجلس الشيوخ الأميركي بعثوا برسالة للميناء تحتوي على تهديدات بفرض عقوبات قانونية واقتصادية عليه بسبب توريد سلع وخدمات ودعم لمشروع خط أنابيب الغاز الطبيعي بين روسيا وألمانيا.
وخلال أكتوبر الماضي نشرت الخارجية الأميركية المبادئ التوجيهية الجديدة التي بموجبها يمكن معاقبة مقدمي الخدمات للمشروع، وتبين التقارير أن من ضمن الشركات المهددة بالمعاقبة ميناء ساسنيتز موكران الألماني على بحر البلطيق، عدا عن الشركات الأخرى التي توفر الأنشطة المتعلقة بأعمال التمديد، بينها حفر الخنادق لخط الأنابيب، كما أن الأشخاص المعنيين سيمنعون من دخول الولايات المتحدة الأميركية وتجميد بيانات أو ممتلكات تخصهم.
في المقابل، أشار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مؤخرا إلى أن العمل سيستكمل بشكل مستقل عن الشركاء الأجانب، وتشير التقارير إلى أن سفينة الرصف الروسية "أكاديميك تشيرسكي" ستمضي في تنفيذ خط أنابيب الغاز في بحر البلطيق.
وكانت شركة "يونيبر المشاركة في تنفيذ المشروع، أفادت في بيان أن الولايات المتحدة لا تزال تحاول تقويض مشروع بنية تحتية مهمة وضرورية لأمن الطاقة في أوروبا، وهذا تدخل واضح في السيادة الأوروبية. وأكد البيان الصادر عن الشركة أن ألمانيا أكدت دعمها السياسي للمشروع ودورها في تأمين الإمدادات.
كذلك، بينت شركة "فينترشال ديا" الألمانية، إحدى المجموعات المشاركة أيضا في المشروع، أنها لم تتلق أي تحذير من الحكومة الأميركية، وأن الشركاء الأوروبيين الأربعة في المشروع تعهدوا بتمويل نصف إجمالي التكاليف بما قيمته 9.5 مليارات يورو، ودفعت مجموعة فينترشال ديا 730 مليون يورو بحلول إبريل/ نيسان 2020.
ومن المعلوم أن الحكومة الأميركية وسعت خلال شهر يوليو/تموز الماضي قانون عقوبات كاتسا "مواجهة أعداء أميركا من خلال العقوبات"، ليشمل نورد ستريم 2، بما يمكن الرئيس الأميركي وبالتنسيق مع حلفاء الولايات المتحدة فرض عقوبات ضد الأشخاص أو الشركات التي تستثمر في خطوط الأنابيب الروسية أو تساهم في بنائها أو تحديثها أو إصلاحها، ولم يتردد وزير الخارجية الأميركي بومبيو في القول، بأن مشروع نورد ستريم 2 ساعد في توسعة "النفوذ الخبيث" لروسيا.