ما أن قرر مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) زيادة جديدة كبيرة على أسعار الفائدة هي السادسة خلال العام الحالي، والرابعة بمقدار 3 أرباع نقطة، حتى انتشر تأثير القرار كالنار في الهشيم بين المصارف المركزية على المستويين العربي والأجنبي، حيث سارعت السلطات النقدية إلى اتخاذ خطوات مماثلة.
فما هي الدول التي سارت في هذا الركب حتى الآن؟
وكما كان متوقعاً، رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، أمس الأربعاء، معدّلات الفائدة 75 نقطة أساس (0.75%) إلى أعلى مستوى لها منذ 15 عاماً، لتصبح ضمن هامش يتراوح بين 3.75% و4%، وأشار إلى أنه سيستمر في هذا المنحى؛ سعياً لكبح تضخّم كبير يواجهه اقتصاد البلاد، في مهمة يعقّدها خطر الركود.
وقال رئيسه جيروم باول، في مؤتمر صحافي عقب الاجتماع، إنّ من "المبكر جداً" البحث في تجميد معدّلات الفائدة، وأشار إلى أنّ كبح التضخم سيؤدي إلى إبطاء النمو، مشدداً على أنّ خفض التضخم من خلال رفع الفوائد سيتطلب وقتاً، وقال إنّ الاحتياطي الفيدرالي سيبدأ مناقشة إبطاء وتيرة رفع الفوائد، في ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وما لبث صدى هذه الخطوة أن تردد بإجراءات مشابهة على المستويين العربي والعالمي.
في قطر، رفع المصرف المركزي سعر الفائدة 75 نقطة أساس ليصبح سعر الإقراض 5%، ورفع سعر إعادة الشراء "الريبو" إلى 4.75%، وسعر الإيداع إلى 4.5%.
وفي السعودية، رفع البنك المركزي معدل اتفاقيات إعادة الشراء "الريبو" 75 نقطة أساس من 3.75% إلى 4.5%، ومعدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس "الريبو العكسي" من 3.25% إلى 4%.
وفي الإمارات، رفع المصرف المركزي سعر الأساس على تسهيلات الإيداع لليلة واحدة 75 نقطة أساس من 3.15% إلى 3.9%، لكنه قرر الإبقاء على السعر الذي ينطبق على اقتراض سيولة قصيرة الأجل من خلال كافة التسهيلات الائتمانية القائمة عند 50 نقطة أساس فوق سعر الأساس.
كذلك في المنامة، رفع مصرف البحرين المركزي سعر الفائدة الأساسي على ودائع الأسبوع الواحد من 4% إلى 4.75%، وفائدة ودائع الليلة الواحدة إلى 4.5%، وفائدة الودائع لفترة 4 أسابيع إلى 5.5%.
وفي سلطنة عمان، زاد البنك المركزي، اليوم الخميس، سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية 75 نقطة أساس إلى 4.5%.
إلا أنّ الكويت قررت الإبقاء على أسعار الفائدة من دون تغيير، حيث أوضح البنك المركزي أنه يتابع باستمرار المؤشرات الاقتصادية والنقدية في الأسواق الدولية والتطورات الجيوسياسية وأثرها على الأوضاع الاقتصادية العالمية، مشيراً إلى أنّ البيانات والمعلومات الاقتصادية والمالية المحلية المتوافرة لديه لا تزال تعكس استمرار سلامة ومتانة أوضاع الاستقرار النقدي والاستقرار المالي في دولة الكويت.
وذكر أنّ معدل التضخم في الرقم القياسي لأسعار المستهلك تباطأ من أعلى معدل له في إبريل/ نيسان 2022 والبالغ نحو 4.71% حتى وصل إلى نحو 3.19% خلال سبتمبر/ أيلول 2022، علماً أنّ دول مجلس التعاون الخليجي عادة ما تربط عملاتها بالدولار، باستثناء الكويت التي تربط الدينار بسلة عملات من بينها الدولار، وتحافظ الدول الست على مواكبة قرارات الفيدرالي الأميركي بخصوص أسعار الفائدة.
وفي النرويج، رفع البنك المركزي سعر الفائدة القياسي 25 نقطة أساس إلى 2.5% اليوم الخميس، كما كان متوقعاً لما يقرب من نصف الاقتصاديين الذين استطلعت "رويترز" آراءهم، وقالوا إنه من المرجح أن يرتفع مرة أخرى في الشهر المقبل للمساعدة في كبح التضخم.
كذلك، رفع البنك المركزي في ماليزيا الفائدة، للمرة الرابعة على التوالي، قبل أسابيع من إجراء انتخابات عامة مقررة، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وتراجع الرينغيت إلى أدنى مستوياته في 24 عاماً، حسبما أوردت "بلومبيرغ".
وقرر البنك الخميس رفع معدل الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 2.75%، كما كان متوقعاً من غالبية المحللين، موضحاً، في بيان، أنّ "التشديد الأخير سيعمل بشكل استباقي على إدارة مخاطر الطلب المفرط على ضغوط الأسعار بما يتفق مع إعادة تقويم السياسة النقدية التي توازن بين مخاطر التضخم المحلي والنمو المستدام"، علماً أنّ العملة المحلية تراجعت بحوالي 14% مقابل الدولار هذا العام، إلى أدنى مستوياتها منذ يناير/ كانون الثاني 1998.
أكبر زيادة للفائدة البريطانية منذ 3 عقود
وفي المملكة المتحدة، أعلن بنك إنكلترا، اليوم الخميس، عن أكبر زيادة في أسعار الفائدة منذ 3 عقود حيث يسعى إلى التغلب على التضخم المرتفع بعناد بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، والسياسات الاقتصادية الكارثية لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس. وزيادة معدل الفائدة هي الثامنة على التوالي في بنك إنكلترا وأكبرها منذ عام 1992.
وكما توقع الاقتصاديون، رفع البنك سعر الفائدة الرئيسي 3 أرباع نقطة مئوية إلى 3%، بعد عودة تضخم أسعار المستهلكين إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً، في سبتمبر/ أيلول المنصرم، فيما من المرجح أن ترتفع أسعار الغاز الطبيعي بالجملة رغم انخفاضها عن ذروتها في أغسطس/ آب، مرة أخرى هذا الشتاء، مما يؤدي إلى ارتفاع فواتير الطاقة ويزيد من تأجيج أزمة تكلفة المعيشة.
وقرار سعر الفائدة هو الأول منذ أن أعلنت حكومة تراس عن تخفيضات ضريبية غير ممولة بقيمة 45 مليار جنيه إسترليني (52 مليار دولار) أثارت اضطرابات في الأسواق المالية، ودفعت تكاليف الرهن العقاري إلى الارتفاع وأجبرت تراس على التنحي بعد 6 أسابيع فقط، فيما حذر خليفتها ريشي سوناك من خفض الإنفاق وزيادة الضرائب، في الوقت الذي يسعى فيه إلى إصلاح الضرر، وإظهار أنّ بريطانيا ملتزمة بدفع فواتيرها.