استمع إلى الملخص
- تشكيكات في صحة الأرقام المعلنة بموازنة الإدارة الذاتية، حيث يرى خبراء اقتصاديون أن الإيرادات قد تتجاوز ملياري دولار، مما يشير إلى إمكانية تقليص المشروعات الخدمية لسد العجز.
- احتجاجات شعبية متكررة في المنطقة بسبب الأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة، وغضب واسع من الفلاحين بسبب تسعيرة القمح المخيبة للآمال، مما يعكس التحديات الكبيرة التي تواجه الإدارة الذاتية في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.
أظهرت موازنة الإدارة الذاتية في شمال شرق سورية للعام الجاري وجود عجز بملايين الدولارات "استنادا إلى النفقات المخططة والإيرادات المتوقعة"، وهو ما سينعكس سلبا على مستوى الخدمات في المناطق التي تشرف عليها هذه الإدارة.
وقدرت هذه الإدارة، التي تعد الذراع المدنية والإدارية لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، الإيرادات العامة للعام الحالي بـ670 مليون دولار. وقدرت النفقات بمليار و59 مليون دولار. وقالت السبت إن العجز المتوقع "استنادا إلى النفقات المخططة والإيرادات المتوقعة" يقدر بـ389 مليون دولار. وتسيطر قوات قسد على الجانب الأهم والمفيد اقتصاديا في الجغرافيّة السورية، فالشمال الشرقي من سورية يضم كبريات حقول وآبار النفط والغاز، فضلا عن كونه السلة الغذائية الأهم في البلاد.
تشكيك في أرقام موازنة الإدارة الذاتية
وشكك الباحث الاقتصادي في مركز "جسور" للدراسات خالد تركاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، في صحة الأرقام المعلنة في موازنة الإدارة الذاتية، وخاصة لجهة الإيرادات، مشيرا إلى أن التقديرات تشير إلى أنها أكثر من ملياري دولار وليس 670 مليون دولار كما أعلنت هذه الإدارة. وتابع: "الأصل في أي موازنة هو الإنفاق على الخدمات، وأي عجز يُغطى من خلال القروض، أما في حالة الإدارة الذاتية فهي لا تستطيع الحصول عليها، لذا من المرجح أن تحاول سد العجز من خلال تخفيض عدد المشروعات الخدمية".
ولطالما شهدت هذه المنطقة احتجاجات شعبية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية رغم غناها بالثروات، وخاصة في ريف دير الزور الشرقي الذي لا تكاد تهدأ الاحتجاجات الشعبية فيه.
وأثارت هذه الإدارة مؤخرا غضبا واسع النطاق بسبب السعر الذي حددته لشراء القمح من الفلاحين، والذي جاء مخيبا للآمال ولا يكاد يغطي التكاليف. وحددت هيئة الزراعة والري لشمال وشرق سورية التابعة للإدارة الذاتية، أواخر الشهر الفائت، تسعيرة شراء الكيلوغرام الواحد من القمح من المزارعين بـ31 سنتا للكيلو الواحد للموسم الزراعي 2024، وهي أدنى من السعر الذي حدده النظام السوري، وأدنى من تسعيرة الإدارة الذاتية نفسها للموسم الماضي، التي بلغت 43 سنتا للكيلوغرام الواحد.
ويعتمد أغلب سكان المنطقة على الزراعة في معيشتهم، وخاصة محصول القمح الذي يأتي في مقدمة المحاصيل التي تُوصف بـ"الاستراتيجية" في سورية. ويُنتج جل القمح السوري في المناطق التي تقع تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" في محافظات: الرقة ودير الزور والحسكة التي تنتج وحدها نحو نصف إنتاج سورية من هذه المادة.
وتضع "قسد" يدها على نحو ثلث مساحة سورية، فهي تسيطر على قسم كبير من محافظة الرقة، بما فيه مدينة الطبقة الاستراتيجية، إضافة إلى شريط القرى على الضفة الجنوبية من نهر الفرات الممتد من قرية شعيب الذكر غرباً إلى قرية كسرة شيخ الجمعة شرقاً. كما تسيطر على كامل ريف دير الزور الشرقي، شمال نهر الفرات، الغني بالنفط، إضافة إلى معظم محافظة الحسكة في شمال شرق سورية، التي تضم أكبر حقول النفط، والتي تعد المصدر الرئيسي لتمويل هذه القوات، عدا سيطرتها على منطقة منبج غرب نهر الفرات ومنطقة تل رفعت ومحيطها في ريف حلب الشمالي.