عالم أكثر قتامة.. ماذا تبقى للمواطن

14 نوفمبر 2022
حكومات تلوح بزيادة سعر الخبز (العربي الجديد)
+ الخط -

العالم بات أكثر قتامة من ذي قبل، والتوقعات الاقتصادية العالمية أصبحت أكثر كآبة، هكذا يصف صندوق النقد الدولي الأوضاع الاقتصادية حول العالم في تقرير صدر عنه اليوم الاثنين ووصفه البعض بالصادم رغم أن الواقع يؤكد ما ذهبت إليه المؤسسة المالية، بل وأسوأ من ذلك.

الأسباب التي دعت صندوق النقد للوصول إلى تلك النتيجة كثيرة: انعدام الأمن الغذائي العالمي، وقفزات أسعار الحبوب الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وعودة شبح الجوع وغلاء أسعار الأغذية مع تهديد روسيا قبل أيام بوقف تصدير القمح الأوكراني والانسحاب من اتفاقية إسطنبول التي تضمن انسياب صادرات القمح للأسواق، وتوجه دول كبرى منتجة للحبوب والقمح لمنع صادرات الأغذية حفاظا على استقرار الأسعار في الأسواق المحلية.

انعدام الأمن الغذائي ورفع سعر الفائدة بمستويات قياسية وأزمة الاقتصاد الصيني أبرز المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي

من بين الأسباب كذلك استمرار البنوك المركزية الكبرى في سياسة التشدد النقدي ورفع سعر الفائدة بمستويات قياسية، وهو ما يعني استمرار التضخم المرتفع وغلاء الأسعار واسع النطاق، والتسريع من إجراءات دخول الاقتصاد الأميركي وغيره من الاقتصادات الكبرى في حال ركود تضخمي حاد وتراجع كبير في معدلات النمو وزيادة حالات الإفلاس ومعدلات الفقر والبطالة.

ومن بين الأسباب التي تجعل العالم أكثر قتامة كذلك من وجهة نظر صندوق النقد المشاكل العنيفة التي تواجه الاقتصاد الصيني وضعف زخم النمو في البلاد مع إصرار السلطات على سياسة "صفر كورونا"، واستمرار الخلل في سلاسل الإمدادات والتي تعرقل إنتاج صناعات استراتيجية وترفع كلفة الإنتاج والشحن.

موقف
التحديثات الحية

تستطيع أن تلمس مظاهر هذه الكآبة والقتامة تلك في كل ركن من أركان المعمورة، في وضعك المعيشي، في دخلك الذي لا يكفي تغطية احتياجات المعيشة، في الرسوم والضرائب التي تلاحقك في كل مكان.

المواطن يصرخ من غلاء الأسعار في معظم دول العالم، خاصة لسلع رئيسية مثل الأغذية والبنزين والسولار وغاز الطهي، يحدث ذلك في الولايات المتحدة ودول شرق أوسطية وأفريقية.

تفاقم أزمة الطاقة يعصف بقارة أوروبا ويلحق ضرراً بالغاً بمعدل النمو والأنشطة الاقتصادية، ويزيد التضخم، خاصة مع زيادة سعر الفائدة، ومحاولة حكومات القارة خنق امدادات النفط والغاز الروسي وفشلها حتى الآن في إيجاد بديل لمصادر موثوق بها لمنتجات الطاقة.

المواطن العربي تجاوز مرحلة القتامة والكآبة ليدخل في مرحلة أصعب وهي اليأس من إصلاح الوضع المعيشي والمالي

أما في الدول العربية، فإن المواطن تجاوز مرحلة القتامة والكآبة التي يتحدث عنها صندوق النقد الدولي ليدخل مرحلة أصعب وهي اليأس من إصلاح الوضع المعيشي والمالي المعقد والمتردي بعد أن فقد الأمل في تحسين دخله، أو أن تمد الحكومات يدها له لانتشاله من موجة غلاء متوحش لم تبدأ من حرب أوكرانيا، ولكنها مستمرة منذ سنوات طويلة، مع دخول بعض الدول في اتفاقات مع الصندوق وفرض إجراءات قاسية بحق الأسعار والمواطن.

أمس واليوم يجتمع زعماء العالم بإندونيسيا ضمن قمة مجموعة العشرين للتباحث في الأزمات التي تواجه العالم ومنها السياسية والاقتصادية وكيفية احتوائها، وفي المقدمة حرب أوكرانيا التي أشعلت موجة تضخم واسعة النطاق لا أحد يستطيع إطفاءها بمفرده، وسببت قفزات في أسعار النفط والغاز ومنتجات الوقود والأغذية والمواد الخام والسلع الوسيطة، وقفزات في الديون السيادية للدول وعجز الموازنات العامة، وتدحرج دول نحو الوقوع في مصيدة الإفلاس المالي.

وفي ظل إصرار الولايات المتحدة على هزيمة روسيا في أوكرانيا واصرار صندوق النقد على تجويع الطبقات الفقيرة وافقار الدول المدينة لا يتوقع أن تتحول قتامة العالم الحالية إلى سعادة أو حتى التقاط النفس في القريب العاجل.

لا حل قريباً إذاً يبدو في الأفق، وقتامة العالم ستتواصل ما دامت هناك حرب قائمة ومستعرة بين الغرب وروسيا ساحتها الأراضي الأوكرانية، وهذه الحرب لن تطوى صفحتها قريبا، مع إصرار واشنطن على "تركيع" القوى المنافسة وفي المقدمة روسيا وفي وقت لاحق الصين.

المساهمون