ظلال قاتمة على صفقة "أدنوك" الإماراتية مع "نيوميد الإسرائيلية"

19 أكتوبر 2023
جانب من أنشطة شركة أدنوك في الإمارات (فرانس برس)
+ الخط -

تواجه صفقة شراء شركة "أدنوك" الإماراتية و"بريتش بتروليوم" البريطانية لنسبة 50% من أسهم شركة الطاقة الإسرائيلية "نيوميد" حالة متزايدة من عدم اليقين بشأن مستقبلها، في ظل تصاعد حرب الاحتلال على قطاع غزة، وتزايد حالة الغضب داخل المنطقة من مشروعات التطبيع مع دولة الاحتلال، ما أثار المخاوف المتعلقة بأمن وسلامة الشركات المشاركة في الصفقة والعاملين بها.

وتعمل الشركة الإسرائيلية على إنتاج الغاز الطبيعي في حقلي ليفياثان وأفروديت في شرق البحر المتوسط، وتقدر قيمة صفقة شراء نصف ملكيتها بنحو ملياري دولار، وتعد أول صفقة استثمارية كبرى بين الإمارات وإسرائيل منذ تطبيع علاقاتهما في عام 2020.

وانخفضت أسهم "نيوميد" بنسبة 12% منذ بدء حرب طوفان الأقصى، متجاوزة هبوط المؤشر القياسي الإسرائيلي، وتمتلك الشركة حصة 45% في "ليفياثان"، أكبر حقل غاز في البلاد، و30% من "أفروديت"، الواقع قبالة سواحل قبرص.

كما ظهر تأثير تداعيات الحرب على صفقة شراء أدنوك لنيوميد في التغيرات الجارية والمتوقعة في سعر الشيكل الإسرائيلي والنفط، حسب وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، وبالتالي تزداد صعوبة التوصل إلى اتفاق نهائي على قيمة الصفقة.

ومع زيادة المنافسة على شراء نيوميد من قبل شركات أخرى، مثل صناديق التحوط التي زادت حصصها في الشركة الإسرائيلية، وتضاؤل فرص استغلال إمكانات حقول الغاز في شرق المتوسط، التي كانت جزءاً من دافع الصفقة، خاصة حقل تمار الذي أمرت إسرائيل بإغلاقه، فإن استمرار الحرب يلقي بظلال قاتمة على إنتاج ونقل الغاز الإسرائيلي إجمالا.
وإزاء ذلك، جرى تأجيل موعد إغلاق الصفقة، الذي كان مقرراً في نهاية 2023، إلى أجل غير مسمى كما تم تعليق المحادثات بين الشركات المشاركة في الصفقة، في انتظار استتباب الأوضاع، حسبما أوردت الوكالة الأميركية.

احتمال تعثر الاتفاق
وقال الخبير في الاقتصاد السياسي، نهاد إسماعيل، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إن صفقة الطاقة، التي تشمل "أدنوك" و"نيوميد" و"بريتيش بتروليوم" شبه جاهزة، وبانتظار التوقيع عليها فقط.
ويوضح إسماعيل أن الصفقة، في حال إبرامها، ستعطي "أدنوك" غالبية الأسهم في الشركة المسؤولة عن تشغيل حقل ليفياثان العملاق بالشراكة مع شيفرون الأميركية، مشيرا إلى أن ليفياثان، الذي اكتشف عام 2010 في البحر المتوسط من أكبر حقول إنتاج الغاز الطبيعي، إذ يحوي احتياطات غاز قابلة للاستخراج بقيمة تعادل حوالي 23 تريليون قدم مكعبة.

وإذا انتهت الحرب في فترة وجيزة فسيتم التوقيع على الصفقة، ولكن إذا استمر الصراع فقد يتعثر مشروع الاتفاق ويتم تأجيله، حسبما يرى إسماعيل، مرجحا في نهاية المطاف، أن تسعى "أدنوك" لاقتناص جزء جيد من هذا الحقل رغم الحرب بين حماس وإسرائيل.

انشغال حكومي
في المقابل، يشير الخبير الاقتصادي، عامر الشوبكي، في تصريحات لـ "العربي الجديد"، إلى أن تأجيل إبرام صفقة "نيوميد" الإسرائيلية يعود إلى 3 أسباب أولها تأثير الحرب على المشاعر النفسية العامة، وعدم تناسبها مع إجراء مثل هذه الصفقة التطبيعية، والتي من شأنها زيادة العلاقات التجارية بين الإمارات وإسرائيل.

ظهر تأثير تداعيات الحرب على صفقة شراء أدنوك لنيوميد في التغيرات الجارية والمتوقعة في سعر الشيكل الإسرائيلي والنفط

ويعود السبب الثاني إلى جانب إجرائي، حسب الشوبكي، موضحا أن إبرام الصفقة وإعلانها يتطلب موافقة الحكومة في كل من الإمارات وإسرائيل، وهو ما لا يمكن إقراره حاليا في ضوء استمرار التوتر بالشرق الأوسط، ومع مؤشرات توسع الحرب، مشيرا إلى جدول أعمال صعب للحكومة الإسرائيلية، ولذا لا يعتقد الشوبكي أن تل أبيب لديها الوقت للنظر في هذه الصفقة حاليا.

ثمن الحصة
أما السبب الثالث وفق الخبير الاقتصادي فيعود إلى طبيعة الاتفاق حول الصفقة ذاتها، والتي لا تزال تسير ببطء؛ لأن نزاعا لا يزال قائما على ثمن الحصة التي تشتريها "أدنوك" و"بريتش بتروليوم"، حسب الشوبكي، موضحا أن كلتا الشركتين عرضتا ملياري دولار للشراء، فيما طلبت نيوميد زيادة من 10 إلى 20% على هذا المبلغ.

موقف
التحديثات الحية

ومع بداية عمليات طوفان الأقصى، زاد إصرار الجانب الإسرائيلي على مطلب الزيادة، خاصة في ظل المؤشرات على انخفاض قيمة الشيكل، ما يؤثر على القيمة المحددة للصفقة بشكل كامل.
بينما تنفي شركة "بريتش بتروليوم" المزاعم الإسرائيلية بشأن قيمة الصفقة؛ لأن مبيعات نيوميد "مقومة بالدولار ولا علاقة لها بقيمة الشيكل"، وبالتالي لا يجب على الحكومة الإسرائيلية تحميل مشكلاتها الاقتصادية على الصفقة.

وإزاء ذلك، لا يتوقع الشوبكي حسما سريعا لصفقة "نيوميد"، خاصة مع استمرار وجود خلافات أساسية على مبلغ الشراء.