يكشف رئيس هيئة السياحة العراقية، ظافر مهدي عبدالله، في مقابلة مع "العربي الجديد"، عن خطط طموحة للنهوض بالسياحة، معلناً في الوقت نفسه عن توجه لتسهيل منح الفيزا للعرب والأجانب، يشمل حالياً 37 دولة، بالإضافة إلى دراسة ربط سككي مع دول الخليج. وفيم يلي نص الحوار:
- ماذا عن تحول هيئة السياحة إلى شركة ربحية؟
تحولت هيئة السياحة لشركة رابحة في العامين الماضيين، إذ توقفت المرافق السياحية في العراق لسنوات بسبب ظروف البلد الأمنية كظهور الإرهاب والحرب عليه ومن بعدها ظهور فيروس كورونا، وتوجهنا لإخضاع المرافق السياحية إلى الترخيص القانوني وجباية الرسوم وتجديد الإجازات وهذا انعكس على الإيرادات التي حققتها هيئة السياحة.
وفي عام 2022 بلغت الإيرادات 27 مليار دينار عراقي (20.4 مليون دولار)، ما مكن الهيئة لأول مرة من دفع حصة مالية من الأرباح للموظفين.
- هل نفذتم هذا العام مشاريع للنهوض بواقع السياحة؟
في بغداد، استثمرنا اسمها وواقعها التاريخي كونها عاصمة الدولة الإسلامية في العصر العباسي وأول عاصمة في العالم، وكذلك عرفت بغداد بأساطيرها ومنها شخصيات سندباد وعلي بابا وشهرزاد وشهريار، وعلى هذا الأساس تم تبني مشروع لجعل المدينة منطقة سياحية تستقطب السياح يتضمن تأهيل ضفتي نهر دجلة من موقع وزارة الدفاع القديمة إلى جسر الجمهورية وسط العاصمة بما فيها من شخصيات تاريخية كالقصر العباسي، والمدرسة المستنصرية، وخان مرجان والقشلة.
وستضاف مرافق جديدة بينها نُصبان الأول باسم السندباد والثاني علاء الدين والمصباح السحري، ليكون لبغداد كورنيش يطل على هذه النصب والمناظر الجميلة والخلابة، وكذلك تتضمن الخطة التي تم تبنيها بقرار من مجلس الوزراء العراقي هذا العام تأهيل شارع الرشيد بالكامل ترميما وصيانة مع الحفاظ على معالمه، ونحن بطور تنفيذ الخطة بالتعاون مع أمانة بغداد.
- وماذا عن مشاريع هيئة السياحة خارج العاصمة بغداد؟
لدينا في محافظة ذي قار مشروع مدينة أور الأثرية والسياحية الذي تمت المباشرة به والمدينة هي مسقط رأس النبي إبراهيم الخليل، الذي ورد ذكره في الإصحاح رقم 11 من سفر التكوين في الإنجيل، وتم بناء كنيسة للحجاج المسيحيين لتأدية طقوسهم الدينية وهنالك أيضاً مسرح صيفي ومسرح شتوي في المدينة وفندق وشاليهات ومطاعم وستكون مدينة متكاملة وهنالك لقاءات تتم بشكل مستمر مع مسؤولي الفاتيكان لمناقشة آلية تسيير الرحلات للحجاج المسيحيين إلى مدينة أور.
كذلك، لدينا مشروع قدمناه لمحافظة النجف لاقى استحسان الإدارة المحلية سميناه استراحة الزائر، ويتمثل باستثمار المنطقة التي كانت معروفة باسم بحر النجف عبر تأهيلها بالفنادق لتكون محطة للزائرين أيام المناسبات الدينية.
- هل هناك مشاريع أخرى؟ وماذا عن التعاون مع هيئة الاستثمار حول فرص لإنشاء مشاريع سياحية جديدة؟
لدينا مشروع لإنشاء قرية سياحية في أهوار الجبايش بمحافظة ذي قار. الأهوار تستقطب السياح شتاء من جميع أنحاء العالم لما تتمتع من جو معتدل نسبيا وطبيعة جميلة تقصدها الطيور المهاجرة، وهذا المشروع تواجهه عقبة تتمثل بوجود نزاع على ملكية الأرض وننتظر أن يتم حسمه وتحويل ملكيتها لوزارة الثقافة والسياحة للشروع بالتنفيذ خاصة وأن الحكومة خصصت 3 مليارات دينار عراقي (2.27 مليون دولار) لهذا الغرض.
- إشكالية النزاع على ملكية الأراضي، هل تمثل المعرقِل الوحيد؟
لا أخفي عليك أن هنالك روتيناً قاتلاً في دوائر الدولة العراقية حتى بين المؤسسات الحكومية مع دائرتي التسجيل العقاري وعقارات الدولة على سبيل المثال، إذ إننا في بعض الأحيان نصطدم برأي إحدى الدوائر في تفسير هذا القرار أو ذاك وتحدث تأخيرات في إطلاق المشاريع أو إكمال الموجودة على الأرض.
كذلك تواجهنا مشكلة التجاوزات (العشوائيات) في بعض المواقع التي نملكها ونأمل أن تحل بشكل ودي لإخلاء المناطق المتجاوز عليها بغية إحالتها للاستثمار.
- خارج بغداد تتزايد شكاوى بعض السياح من قلة الفنادق.. فما رأيك؟
لا أتفق معهم، لدينا فنادق 5 نجوم في كربلاء كالبارون والقمر وريحانة، وكذلك فنادق راقية في النجف وفندق كبير في مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار، كذلك الأنبار تشهد حركة متسارعة لإقامة المشاريع السياحية كمشروع تأهيل كورنيش الرمادي وتأهيل المناطق القديمة في هيت وراوة وتوفير الخدمات الفندقية فيها لتكون مناطق جذب سياحي.
- هل ثمة تعاون حقيقي ومثمر مع القطاع الخاص؟
التعاون مع القطاع الخاص ممتاز وهناك شراكة لتنفيذ عدة مشاريع على أراضٍ تابعة للهيئة بصيغة الاستثمار، منها فندق كربلاء ذو الخمسة نجوم وكذلك تم إحالة مشروع فندق خمس نجوم ومركز تسوق كبير في النجف، وأيضا تمت إحالة مشروع فندق كبير في الموصل بـ 5 نجوم أيضا وسيحتوي على 400 غرفة وكذلك فندق (بوابة العالم) في منطقة الجادرية وسط بغداد، والمشروع الأكبر (ريكسوس بغداد) الذي أطلقه رئيس الوزراء في 24 آب/أغسطس الماضي وتنفذه الشركة القطرية (استثمار القابضة) والذي سيكون تحفة معمارية ومشروعا سياحيا ضخما.
كذلك لدينا خطط لإحالة مشاريع أخرى في البصرة للاستثمار كفندقي البصرة والمربد، وفندق جديد على شط العرب على أرض مساحتها 7 دونمات، ومشروع استراحة صفوان قرب الحدود مع الكويت وبمساحة 5 دونمات.
- ماذا عن المواقع السياحية الموجودة منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي؟
هنالك خطط تطوير في فنادق القطاع المختلط (الدولة والقطاع الخاص) كفندقي فلسطين وعشتار، وهنالك توجيه من رئيس الحكومة لاستثمارها وجلب شركات عالمية لإدارتها وتأهيلها وتشغيلها وأعلن عنها بالفعل كفرص استثمارية.
ونعتقد أن الاستقرار النسبي الذي يعيشه العراق ونأمل أن يستمر يشجع على مزيد من الاستثمارات، وهي تنمو بوجود الاستقرار الأمني والسياسي في البلد.
- هل تعتقدون أن المنافذ الحدودية البرية والجوية بحاجة إلى ضخ استثمارات أيضا؟
طلبنا تأهيل المنافذ الحدودية البرية لتكون لائقة ومُلبية للمتطلبات العالمية، وكذلك المطارات لأننا نرى أنها غير مؤهلة بالمستوى المطلوب، هذه المنافذ تمثل واجهة للعراق ويجب أن تلتفت لها الحكومة لتطويرها وتأهيلها.
- تحدثنا عن المنافذ البرية، ماذا عن مشروع الربط السككي الذي ينطلق منها وهل سيقتصر على الربط مع إيران؟
الربط السككي وفق رؤيتنا يمكن أن يتوسع نحو دول الخليج العربي، شاهدنا صورة بديعة في خليجي 25، حيث لاقى الأشقاء حفاوة كبيرة خلال حضورهم للبصرة، وهناك محبة عالية ونعتقد أنه يعول عليها لتوسيع التعاون وأن يشمل الربط السككي خطاً طويلا يبدأ من البصرة ثم الكويت وصولا إلى العاصمة العُمانية مسقط، وهذه الفكرة تم طرحها أمام مؤسسات الدولة وتبنيها وننتظر التنسيق مع دول الخليج، وهو يندرج كذلك ضمن مشروع طريق التنمية.
- ماذا عن القصور الرئاسية التي بُنيت في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حُسين؟
القصور ليست تابعة لنا كهيئة سياحة، بل تابعة لوزارة المالية وقسم منها تابعة لدائرتي عقارات الدولة وعقارات المنطقة الخضراء وهي تحتاج لعمليات ترميم وإعادة تأهيل، هنالك لجنة شُكلت لبحث كيفية استثمار أو تخصيص مبالغ لتأهيل هذه القصور وهنالك أفكار أن تتحول إلى متاحف أو مرافق سياحية.
- هل ثمة اتفاقيات أو مذكرات تفاهم للتعاون السياحي مع دول عربية وأجنبية؟
لدينا مشاريع ومذكرات تفاهم مع السعودية وصلت للمراحل النهائية وسيوقع عليها خِلال أشهر، وكذلك مشاريع مماثلة مع دول خليجية ومن بينها سلطنة عُمان، ولدينا مذكرات تفاهم منجزة مع مصر ولبنان وتونس وإيران وباكستان أذربيجان وكذلك مع عدد من الدول الأوروبية.
- يشتكي عرب وأجانب من صعوبة بالغة في الحصول على الفيزا لزيارة العراق، ماهي رؤيتكم؟
حاليا هنالك تسهيلات، تمنح بموجبها فيزا دخول العراق لمواطني 37 دولة ومن بينها دول أوروبية في المطارات العراقية، وكذلك لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي، أو يراجع البعثة العراقية داخل بلاده للحصول على الفيزا، وهذه التسهيلات تأتي ضمن توجه لتشجيع السياحة في العراق، وبالمقابل نحن لا نفرض شروطا على دول أوروبية للقيام بالمثل لأن لديها متطلبات خاصة بسبب ضوابط ومن بينها مكافحة الهجرة غير الشرعية، وقرارنا بتسهيل منح الفيزا يأتي ضمن التوجه الذي تحدثت عنه.
- جرى سابقا الحديث عن نزاعات قانونية بين الهيئة والمستثمرين، ما أسبابها وهل حُلت أم ما زالت قائمة؟
كان هنالك الكثير من المشاكل مع المستثمرين أو المؤجرين للمرافق السياحية التي تملكها هيئة السياحة، وفيها امتنعوا عن دفع الرسوم بدعوى توقف الأعمال ووجود عوائق قانونية قللت أرباحهم، وبعد استقرار الأوضاع الأمنية فاتحنا مجلس الوزراء وتم اتخاذ قرارات صعبة لحل المشاكل العالقة لتستأنف هذه المرافق دفع الإيجارات المترتبة عليها لسنوات طويلة نتيجة النزاعات القانونية في المحاكم مع الدولة، وتم تعديل عقود الاستثمار والإيجار بشكل يضمن حل الإشكاليات السابقة ودفع المستحقات المالية لصالح الهيئة بشكل منتظم، ما وفر إيرادات إضافية.