صندوق النقد يقر صرف دفعة جديدة لمصر بالتزامن مع ارتفاع فوائد الديون بنسبة 80%

30 يوليو 2024
أروقة صندوق النقد الدولي - واشنطن 17 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **المراجعة الثالثة للاتفاق الموسع وصرف الشريحة الثالثة**: أكمل مجلس صندوق النقد الدولي المراجعة الثالثة للاتفاق الموسع مع مصر، مما يسمح بسحب 820 مليون دولار. تأتي هذه الخطوة بعد جهود مصرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادي.

- **التحديات الاقتصادية والإصلاحات المطلوبة**: تواجه مصر تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع فوائد الديون، ويضغط صندوق النقد الدولي على الحكومة لتنفيذ إصلاحات اقتصادية تتماشى مع شروطه.

- **التضخم والإصلاحات المستقبلية**: بلغ معدل التضinflation في مصر ذروته عند 40% قبل أن ينخفض إلى 27.5% في يونيو. تطالب الحكومة بإصلاحات واسعة النطاق لتحسين الأداء الاقتصادي وخفض معدلات التضخم.

أكمل مجلس صندوق النقد الدولي التنفيذي، في ساعة متأخرة من يوم الاثنين، المراجعة الثالثة للاتفاق الموسع في إطار تسهيل الصندوق المدد لمصر، ما يسمح للسلطات المصرية بسحب ما يعادل نحو 820 مليون دولار. وقال الصندوق في بيان أصدره في الساعة السادسة والنصف بتوقيت واشنطن إن الجهود الأخيرة التي بذلتها السلطات المصرية لاستعادة الاستقرار على صعيد الاقتصاد الكلي بدأت تؤتي ثمارها.

ووافق صندوق النقد الدولي على صرف الشريحة الثالثة من التسهيل المقدم لمصر بعد تأجيل مناقشته عدة أسابيع، شهدت رفع الحكومة المصرية أسعار الوقود بنسب تدور حول 15%، ورفع أسعار الخبز المدعم بنحو 200%، والإعلان عن إبرام عقود لبيع أصول حكومية للشركات الخاصة بقيمة 1.9 مليار دولار، ضمن برنامج الطروحات الحكومية. وقال الصندوق في بيانه إن "التضخم في مصر لا يزال مرتفعا ولكنه في طريقه إلى الانخفاض"، مشيراً إلى أن "نظام سعر الصرف المرن يظل أساس البرنامج الذي تتبناه السلطات".

وأنهت بعثة صندوق النقد، بقيادة إيفانا فلادكوفا هولار، مباحثاتها مع الحكومة المصرية، والخاصة بالمراجعة الثالثة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة من 12 إلى 26 مايو/أيار، وكان يفترض أن تجرى مناقشة صرف الشريحة الثالثة في العاشر من يوليو/تموز الجاري، قبل أن تؤجل إلى اليوم الاثنين. وتعيد مصر ضبط اقتصادها بعد تأمين حزمة إنقاذ عالمية تجاوزت قيمتها 57 مليار دولار، بتسهيل جديد من صندوق النقد الدولي، وكذلك من البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، واستثمارات مباشرة من الإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى، وهي الحزمة التي منحت الحكومة المصرية مخرجًا من أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها منذ عقود، وتسببت في نفس الوقت في ارتفاع الفائدة المدفوعة على الديون المصرية بنسبة تجاوزت 80% خلال العام المالي الأخير.

وأكد اقتصاديون ممارسة صندوق النقد ضغوطاً على الحكومة المصرية لرغبته في الحد من خطر أن تؤدي التدفقات المالية الأخيرة بالعملة الأجنبية، والناتجة عن بيع أصول وأراضٍ لدولة الإمارات، كما بعض الاتفاقات المماثلة مع السعودية وقطر وغيرها، إلى تقليل حوافز الدولة لإصلاح الاقتصاد بما يتماشى مع شروط صفقة الصندوق المعدلة في مارس/ آذار الماضي.

وأعلنت مصر، الخميس الماضي، عن زيادة أسعار وقود السيارات بنسبة 15%، للمرة الثانية في آخر أربعة أشهر، جزءاً من حزمة الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي للمضي قدما في صرف شرائح جديدة من التسهيل الجديد، وفقاً لما ذكرته صحيفة بارونز التابعة لـ"وول ستريت جورنال"، ودخلت زيادة الأسعار حيز التنفيذ يوم الجمعة، أي قبل ثلاثة أيام فقط من عقد المجلس التنفيذي لصندوق النقد اجتماعه. وقال الصندوق قبل أسبوعين إنه "لا يزال من الضروري استبدال دعم الوقود غير المستهدف بالإنفاق الاجتماعي المستهدف كجزء من حزمة تعديل أسعار الوقود المستدامة".

أيضاً، رفعت الحكومة المصرية سعر الخبز المدعوم لأول مرة منذ عقود، إلا أن ذلك لم يمنع معدل التضخم الرئيسي من التباطؤ للشهر الرابع في يونيو/حزيران. وقالت المجموعة المالية هيرميس، في مذكرة صدرت الشهر الماضي، إن التأثير التضخمي للإلغاء التدريجي لدعم منتجات الوقود والارتفاع المحتمل في تعريفة الكهرباء هذا الصيف، "من المرجح أن يكون صغيرا نسبيا"، متوقعة أن يستمر تباطؤ أسعار المستهلكين لبقية العام.

وجاء قرار صندوق النقد الدولي في نفس اليوم الذي أظهر فيه تقرير صادر عن وزارة المالية ارتفاع فوائد الديون المصرية بنسبة 80.4% على أساس سنوي، مسجلة نحو 1.322 تريليون جنيه (27.28 مليار دولار) في الـ11 شهراً الأولى من العام المالي 2023-2024، المنتهي في 30 يونيو/ حزيران الماضي، مقارنة مع الفترة المماثلة من العام المالي السابق عليه (2022-2023).

وقالت الوزارة إن فوائد الديون استحوذت على ما يقرب من 60% من جملة الإيرادات العامة للدولة، فيما شكلت نحو 48.5% من إجمالي المصروفات الحكومية في الفترة نفسها. وأشار التقرير إلى ارتفاع الإيرادات بنحو 37.7% على أساس سنوي إلى 2.22 تريليون جنيه، والمصروفات بنسبة 43% إلى نحو 2.72 تريليون جنيه، بعجز نقدي يبلغ نحو 500 مليار جنيه. أيضاً، نمت الإيرادات الضريبية على أساس سنوي بنسبة 36% إلى نحو 1.44 تريليون جنيه، مقسمة بواقع 600 مليار جنيه حصيلة الضريبة على القيمة المضافة، و599 مليار جنيه للضريبة على الدخل، و169.3 مليار جنيه للضرائب على الممتلكات، و64.7 مليار جنيه للضرائب على التجارة الدولية (الجمارك).

وارتفعت فوائد الدين المتوقعة في موازنة العام المالي الجاري (2024-2025) إلى 1.83 تريليون جنيه بزيادة نسبتها 63.7%، على خلفية توسع الحكومة في الاقتراض، وتراجع سعر صرف الجنيه من متوسط 30.95 إلى 48.45 جنيهاً للدولار، بينما قفزت مخصصات سداد الدين المتمثل في القروض المحلية والأجنبية من 1.31 تريليون جنيه إلى 1.60 تريليون جنيه بنسبة ارتفاع 22.1%، مقارنة بالعام المالي الماضي. وحملت وزارة المالية، في تقريرها، انخفاض سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الجزء الأكبر من زيادة اعتمادات سداد القروض المحلية والأجنبية، إلى جانب أسباب أخرى مثل زيادة عجز الموازنة العامة، والأعباء المترتبة على فض التشابكات المالية بين جهات الدولة.

ويوم السبت، قال أحمد كجوك، وزير المالية المصري، إن بلاده تتعامل بتوازن شديد مع تداعيات جيوسياسية مركبة، في إطار برنامج شامل لتحسين الأداء الاقتصادي، مشيراً إلى أن بلاده "تستهدف استمرار المراجعات القادمة بنجاح، والعمل على مسار الحصول على تمويل من صندوق المرونة والاستدامة". وأوضح كجوك خلال لقائه المديرة العامة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغيفا، على هامش اجتماعات مجموعة العشرين في البرازيل، أن الحكومة المصرية ملتزمة بتحقيق الانضباط المالي من أجل وضع مسار نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي في مسار نزولي، مع استهداف خلق موارد كافية تتيح زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والحماية الاجتماعية.

وأكد أنهم يعملون أيضًا على خفض معدلات التضخم لضمان استقرار الأسعار، وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، ودعم تنافسية الشركات، مؤكداً أن أولوية الحكومة المصرية خلال الفترة المقبلة تتمثل في زيادة حجم استثمارات القطاع الخاص ودفع الأنشطة الإنتاجية والتصديرية، وكذلك تطوير بيئة الأعمال لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد المصري وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، مع العمل على تبسيط الإجراءات الخاصة بمنظومتي الضرائب والجمارك لإعادة بناء الثقة بين مجتمع الأعمال والإدارة الضريبية وتحسين الخدمات للممولين، بحسب البيان.

وبلغ معدل التضخم في مصر ذروته عند ما يقرب من 40% العام الماضي، قبل أن ينخفض ​​إلى 27.5% في يونيو/حزيران. وطالب صندوق النقد الدولي بإصلاحات واسعة النطاق، كان أبرزها تبني نظام سعر صرف حر، بالإضافة إلى الحد من الإنفاق الحكومي وتحفيز الاستثمار الخاص، لمساعدة مصر في تنفيذ برنامج إصلاح اقتصادي، قالت الحكومة إنها وضعته بكامل إرادتها، بينما يستمر صندوق النقد في اشتراط الالتزام به، من خلال المراجعات الدورية لفريقه مع المسؤولين المصريين، قبل صرف كل دفعة يحل موعدها.

المساهمون