حفّزت المصالحة الليبية مجالس الأعمال التونسية الليبية المشتركة على وضع خارطة الطريق للمساهمة التونسية في إعادة إعمار ليبيا وضمان حصة تونس من الصفقات المرتقبة عبر تجهيز الأذرع المالية التي ستتولى تمويل المشاريع بعيدا عن الجهاز المصرفي المنشغل بتمويل عجز الموازنة العامة.
ويسعى المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين إلى تذليل العقبات أمام المستثمرين الملتحقين بركب الإعمار الليبي بتهيئة الأذرع المالية لتمويل المشاريع التي يرجح أن تفوق قيمتها خلال القليلة القادمة 10 مليارات دولار.
وفي تصريح خص به "العربي الجديد"، قال رئيس المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين، عبد الحفيظ السكرافي، إن المجلس قدّم لوزير المالية التونسي علي الكعلي مسودة لصندوق استثماري لإعادة إعمار ليبيا سيكون الذراع الرسمية للتمويل مشيرا إلى أن 14 صندوقا استثماريا أجنبيا أبدوا استعدادا للمساهمة في رأس مال صندوق الاستثمار لإعادة الإعمار.
وقال السكرافي إن توفير التمويلات مطلب أساسي للشركات كأمر مهم في ضمان حظوظها في الفوز بالصفقات المهمة في ظل منافسة كبيرة بين الدول التي تسعى إلى اقتناص صفقات في ليبيا.
وأكد السكرافي أن لتونس حظوظا كبيرة في مهمة إعمار الجارة الجنوبية، مشيرا إلى أن المنطقة الغربية ستكون مجالا واسعا للاستثمارات التونسية وأيضا سوق تشغيل كبيرة لليد العاملة.
وأكد التحاق ما لا يقل عن 5 آلاف تونسي للعمل في لبيبا في المدة الأخيرة. غير أنه وصف الرقم بالضعيف، موضحا أن سوق العمل مفتوحة لـ300 ألف تونسي في ليبيا، متوقعا أن تلتحق العمالة التونسية بليبيا مع الإعلان عن ولادة الحكومة الموحدة ومصادقة البرلمان على الموازنة وبدء تنفيذ المشاريع.
وأضاف في سياق متصل أن 3 مستثمرين تونسيين وقّعوا عقودا مهمة في القطاع الصحي ومشاريع لمصحات خاصة واصفا البوادر بالمشجعة.
وانتقد السكرافي غياب أجهزة التمويل التونسية في مرافقة المستثمرين التونسيين بسبب توجهها نحو تمويل الموازنة التونسية، معتبرا أن صندوق الاستثمار لإعادة إعمار ليبيا هو الأداة الأكثر نجاعة لتوفير التمويلات اللازمة للمرحلة الجديدة.
وتخطط تكتلات رجال الأعمال التونسية الليبية لاقتناص حصة في مشاريع إعادة إعمار المدن الليبية بما يسمح للبلدين بإعادة تنشيط العلاقات الاقتصادية التي دخلت طور الركود منذ نحو عشر سنوات.
ومنذ نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي باشر المجلس الأعلى لرجال الأعمال التونسيين والليبيين الإجراءات الرسمية لعقد سلسلة من المؤتمرات في قطاعات متعددة من أجل وضع خريطة طريق للشراكات القادمة في قطاعات الصحة والبناء والخدمات، إلى جانب تسهيل إجراءات فتح باب التوظيف أمام 300 ألف تونسي في ليبيا.
وبعيدا عن الجانب الرسمي يحاول رجال الأعمال من الجانبين الاستفادة من مرحلة ما بعد المصالحة الليبية عبر شراكات يلعب فيها التقارب الجغرافي والثقافي عاملا مهما.
وليبيا البلد الغني بالنفط يسعى إلى التعافي من الآثار المدمرة للحرب والأزمات السياسية التي يعيشها منذ عشر سنوات فيما تفتح صفقات إعادة الإعمار شهية الدول الأجنبية على اقتناص عقود هناك.
ومقابل تحمّس تكتلات رجال الأعمال للاستفادة من المرحلة الجديدة في ليبيا، لا تزال الحركات الرسمية التونسية بطيئة في هذا الاتجاه رغم احتضان تونس لملتقى الحوار السياسي الليبي الشامل في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي الذي أسس لمرحلة المصالحة الليبية وانتخاب رئيس للمجلس الرئاسي ورئيس للحكومة.
وينتقد خبراء اقتصاد غياب المبادرات الرسمية للتواصل مع القيادة الليبية الجديدة بشأن مستقبل العلاقات بين البلدين رغم تحمّل تونس لعقد من الزمن وزر الاضطراب الليبي واحتضانها عام 2011 لنحو مليوني ليبي فروا من الحرب هناك.
وقال الخبير الاقتصادي معز الجودي، إن تونس مهددة بخسارة موقعها في السوق الليبية بسبب غياب الحرص الرسمي على ضمان حصة البلاد من خطة إعادة الإعمار.
وأضاف الجودي أن الخلافات السياسية في تونس وتعطل الحوار بين رأسي السلطة التنفيذية يجر الاقتصاد نحو عواقب وخيمة فيما تعاني البلاد من تراجع الاستثمار وعجز قياسي في الموازنة وارتفاع في معدلات البطالة.
وأكد الجودي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحكومة مطالبة بانخراط كبير وتذليل كل العقبات أمام المستثمرين من أجل الذهاب إلى ليبيا التي تمثل طوق النجاة لتونس في الوقت الحالي وفق قوله.
ويمثل فتح باب التشغيل للتونسيين في ليبيا منفذا مهما لخفض نسب البطالة المتفاقمة في البلاد، حيث كانت ليبيا لسنوات طويلة مشغلا مهما للعمالة التونسية قبل أن تعطّل الحرب في الجارة الجنوبية لتونس أغلب أشكال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتتسبب في عودة أكثر من نصف مليون تونسي كانوا يعملون هناك.
وأعلن معهد الإحصاء الحكومي الأسبوع الماضي، عن تسجيل الاقتصاد انكماشاً قياسياً في الناتج المحلي المجمل لعام 2020 بلغت نسبته 8.8%، مع تفاقم واضح في نسب البطالة عززته الإغلاقات المرتبطة بتدابير مكافحة وباء كورونا.