صناعة تزييف الأرقام في مصر

07 مايو 2015
إبراهيم محلب وفريقه الاقتصادي (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -

في مصر هناك علم حديث يطلق عليه صناعة تزييف الأرقام، وهذا العلم لا يتم تدريسه في كليات ومعاهد الاعلام وبحوث الرأي العام لكنه موجود على أرض الواقع، ويتم من خلاله التلاعب في الأرقام والاحصاءات الرسمية، وتحويل الخسارة لمكسب والانخفاض لارتفاع، وهو علم لا أنكر أنه يعتمد على أرقام حقيقة وليست مختلقة أو مصطنعة، لكن يتم التلاعب بها بهدف تضليل الرأي العام، وسأضرب مثالاً بعدة أرقام أعلنتها الحكومة المصرية مؤخراً وسوقها الاعلام وكأنها انتصار لسياسة الحكومية الاقتصادية التي لا نعرف ملامحها حتي الأن.

الرقم الأول يتعلق باحتياطي مصر من النقد الأجنبي لدي البنك المركزي المصري وهو أخطر الأرقام في أي دولة، ذلك لأنه يقيس مدى قدرة الدولة على تحقيق 3 أهداف هي: سداد ديونها المستحقة علي الدولة للخارج سواء لدول أو مؤسسات مالية عالمية، وتمويل وارداتها الخارجية، ودعم قدرة الدولة على حماية عملتها الوطنية أمام العملات الرئيسية خاصة الدولار من من أية مخاطر أو مضاربات أو تقلبات سعرية تؤثر سلباً على الأسعار داخل السوق.

منذ أيام تم الإعلان عن حدوث قفزة في الاحتياطي الأجنبي لدي البنك المركزي المصري نهاية شهر أبريل الماضي لترتفع، حسب بيانات البنك المركزي، إلى 20 مليار و529 مليون دولار مقابل 15 مليار و290 مليار دولار في نهاية شهر مارس الماضي، أي أنها زادت خلال شهر 5 مليارات و235 مليون دولار.

النظرة السريعة لرقم الاحتياطي الأجنبي تقول إن هناك قفزة حقيقية له قد تكون ناجمة عن حدوث ارتفاعات قياسية في إيرادات البلاد من النقد الأجنبي خاصة من القطاعات التي تعرضت لتراجع حاد خلال السنوات الخمس الأخيرة ومنها السياحة والاستثمارات الأجنبية، أو علي الأقل تحسن نسبي فى الإيرادات الأخري مثل تحويلات المصريين العاملين بالخارج أو الصادرات الخارجية أو قناة السويس.

لكن نظرة متأنية للاحتياطي الأجنبي المصري نجد أنه خسر 765 مليون دولار خلال شهر أبريل الماضي وحدة ولم يربح 5.235 مليار دولار كما قالت الحكومة، فقد حصلت مصر على ودائع خليجية " قروض مساندة" بقيمة 6 مليارات دولار وبسعر فائدة 2.5% سنوياً، وهذه الودائع تمت اضافتها للاحتياطي في شهر أبريل وهو ما يبرر القفزة التي شهدها.

هذه أول ملاحظة بخصوص قفزة الاحتياطي الأجنبي، أما الملاحظة الثانية فتتعلق بقيمة الزيادة في الاحتياطي خلال شهر أبريل الماضي، فبالعمليات الحسابية يرتفع رقم الاحتياطي إلى 21 مليار و290 مليون دولار في حال إضافة الودائع الخليجية له البالغ قيمتها 6 مليارات دولار، لكنه ارتفع الى 20.525 مليار دولار فقط أي أنه فقد 765 مليون دولار، والنتيجة النهائية التي نتوصل لها هنا هي أن الاحتياطي تراجع ولم يشهد قفزة.

ليس هذا هو الرقم الوحيد لعمليات تجميل أو تزييف الأرقام، فهناك رقم آخر يتعلق بإيرادات السياحة التي أعلنت الحكومة المصرية ارتفاعها إلى 7.3 مليار دولار في العام الماضي 2014، لكن لدى مقارنة الرقم بإيرادات العام 2010، وهو العام الذي سبق الثورة المصرية والبالغ 12.5 مليار دولار، نجد أنه شهد انهياراً.

وهناك أرقام أخرى لعمليات تجميل الأرقام، تتعلق بجذب الاستثمارات الخارجية سواء في قطاع النفط أو تأسيس الشركات، فرقم الـ 12 مليار دولار الذي أعلنت شركة انتاج نفط بريطانية عن ضخه في مصر خلال مؤتمر شرم الشيخ الأخير تم إعلانه أكثر من 5 مرات قبل ذلك ومنذ منذ عام 2010، وعندما كان يلتقي رئيس الشركة العالمية بأحد المسئولين المصريين كان يعلن عن هذا الرقم في كل مرة، حدث ذلك أيام مبارك ومرسي والسيسي، وحتي أيام المجلس العسكري.

الأرقام يا سادة لها احترامها، وبالتالي يجب الا يتم التلاعب بها سواء لأغراض الخداع أو لأغراض أخري.

اقرأ أيضا: إيرادات السياحة المصرية تتراجع إلى 7.3 مليارات دولار