خرجت السيارات من قائمة اهتمام جلّ السوريين، بعد أن تعدى سعر السيارة المستعملة، التي يزيد عمرها عن 40 سنة، 30 مليون ليرة سورية، وينصب سعي السوريين لتأمين قوت يومهم، بواقع غلاء أسعار هو الأعلى منذ قيام الثورة عام 2011.
ويؤكد السوري قاسم خضر، من دمشق، طي صفحة حديث شراء السيارات بين عموم السوريين، بعد غلاء أسعار المركبات وشح المشتقات النفطية وتراجع المستوى المعيشي، ما أوصل أكثر من 90% من سكان سورية إلى خط الفقر.
ويقول خضر، خلال اتصال مع "العربي الجديد"، أنه باع، قبل عام، سيارته "مازدا " موديل عام 1982 بنحو 10 ملايين ليرة، وكان سعر الدولار وقتذاك نحو 4 آلاف ليرة، لكن السيارة ذاتها ورغم قدم طرازها، يفوق سعرها اليوم 25 مليوناً، عازياً السبب إلى منع استيراد السيارات الحديثة وتراجع سعر صرف العملة السورية، الذي اقترب من 9500 ليرة مقابل الدولار اليوم.
ويشير المتقاعد خضر إلى إغلاق أسواق السيارات المستعملة في العاصمة السورية (سوق حرستا والحجر الأسود) نتيجة تراجع البيع الذي أخذ الشكل الإلكتروني (إعلانات على وسائل التواصل الاجتماعي) وتحوّل مهمة معظم تجار السيارات إلى "ميسّرين وسماسرة".
أكد خضر، المهتم بمتابعة أسعار السيارات، أن منع الاستيراد يزيد من سعر السيارات القديمة، فسعر السيارة "كيا ريو" موديل 2010 – 2011 يصل إلى 130 مليون ليرة سورية، وسعر "هيونداي أفانتي" و"كيا سيراتو" الكوريتين، موديل 2007-2008-2009، يتراوح بين 125 – 150 مليون ليرة، وسعر "ميتسوبيشي لانسر" اليابانية موديل 83 هو 30 مليون ليرة.
وتبقى السيارات الحديثة التي تشترى من خلال مزادات المصادرات، أو المهربة من الدول المجاورة، موديل 2021 أو 2022، بين 1.5 مليار وملياري ليرة، حسب النوع وفق المواطن السوري.
وبينت صحيفة "تشرين" الحكومية، أول من أمس، أن متوسط سعر أرخص سيارة (موديل 1983) نحو 30 مليون ليرة سورية، ليرتفع هذا السعر تدريجياً مع الموديلات الأحدث، وصولاً إلى ملياري ليرة للسيارات المنتجة خلال العامين الأخيرين.
وتضيف الصحيفة الرسمية، نقلاً عن مدير جمعية صيانة السيارات في دمشق بوسف الجزائري، أن السيارات القديمة (موديل 1983 وما قبل) "كان من المفترض أن يجرى صهرها ومخالفة أصحابها". وبالمقابل، فإن السيارات الحديثة (موديل السنة الماضية) تجوب شوارع العاصمة دمشق ومدنٍ أخرى، و"الجميع لا يعلم كيف تدخل إلى البلد رغم إيقاف الاستيراد!".
وأشارت "تشرين" إلى أن سوق بيع السيارات المستعلة "انتهى"، وشبه متوقف منذ عامين تقريباً، إذ لا يوجد بيع ولا شراء، ونسبة البيع، إن وجدت، لا تتجاوز خمسة بالمئة بسبب عدم وجود قوة شرائية.
وقال الجزائري إن المواطن الذي يفكر في شراء سيارة "هو من يحصل على ورثة، أو لديه مبلغ من المال ويريد أن يجمده"، مشيراً إلى أن أغلب السيارات التي يجرى شراؤها اليوم "قديمة للغاية"، لكن من يشتريها يقول إنها ترفع أقدامه وأسرته عن الأرض"، بحسب تعبيره.
وحول ضوابط الأسعار وتحديدها، يضيف مدير جمعية صيانة السيارات أن سعر السيارة يحدده ارتفاع سعر الصرف، ولكن أسعارها متفاوتة حتى عن سعر الصرف، "فهي تعد تجارة أولاً وأخيراً".
ولفت إلى وجود سيارات حديثة تجوب الشوارع رغم منع الاستيراد، متسائلاً عن آلية دخولها إلى البلاد: "بالتأكيد هي لا تدخل عبر طرق التهريب كما يروج بعض المواطنين، فالسيارة ليست سلعة خفيفة حتى يجرى تهريبها"، على حد زعمه.
وكانت حكومة بشار الأسد قد قيدت منذ عام 2011 استيراد السيارات الحديثة، لتصل السيارات إلى قوائم المنع التي تصدرتها وزارة التجارة بهدف عدم استنزاف القطع الأجنبي من السوق السورية، ما زاد من الطلب على السيارات القديمة وأنعش سوق تهريب السيارات الجديدة من الدول المجاورة.
ويستمر توقف معامل تجميع السيارات في سورية التي رخصها نظام الأسد عام 1991، رغم موافقة حكومة بشار الأسد العام الماضي على استيراد قطع السيارات من الخارج، بعد ان منعتها منذ عام 2019.