يسود قلق كبير في ألمانيا من حصار شامل لإمدادات الغاز الروسية للبلاد، في حال عدم إعادة فتح صنبور الغاز مجدداً بعد إنهاء أعمال الصيانة لخط نورد ستريم 1 المقررة اعتباراً من 11 يوليو/ تموز الحالي، والتي تتم سنوياً وتستغرق في العادة 10 أيام.
وفي هذا الإطار، أبدى رئيس وكالة الطاقة الفيدرالية كلاوس مولر، في حديث مع مجموعة فونكه الإعلامية، اليوم السبت، خشيته من وقف كامل لإمدادات الغاز الروسي، وناشد السكان لتوفير الطاقة.
وأشار مولر إلى أن السؤال هو ما إذا كانت الصيانة الدورية القادمة لخط أنابيب الغاز نورد ستريم 1 "ستصبح صيانة سياسية طويلة الأمد"، مشدداً على أهمية "التفكير بجدية أكبر والاستعداد لاستغلال الاثني عشر أسبوعاً القادمة قبل بدء موسم التدفئة"، داعياً المهنيين إلى "التركيز على التدفئة وإمدادات المياه الساخنة".
وفي الوقت نفسه، حذر مولر من استخدام المصطلحات الخاطئة عند توفير الطاقة، لافتاً إلى أن الوضع المتأزم يتعلق بالغاز وليس الكهرباء، كما أن البنزين والنفط متوافران.
وشدد على أنه "في حال وقف توصيل الغاز سيتم منح المنازل الخاصة والمستشفيات ودور الرعاية حماية خاصة، كما سيتم توخي الحذر الشديد في المجالات الحيوية، بينها الصناعات الغذائية والدوائية"، مشيرا إلى أن العروض التي تقع في خانة الترفيه والرفاهية، مثل حمامات السباحة ومعامل إنتاج البسكويت والشوكولا وغيرها، "ستكون ذات أهمية ثانوية".
وفي ظل قناعة لدى الفنيين بأن نورد ستريم 1 يمكن أن يوفر الغاز لألمانيا 100%، وأن ما تقدم عليه موسكو ليس سوى أسلوب ضغط، حذر وزير الاقتصاد الاتحادي روبرت هابيك أخيراً من "اختبار تحمل الأصعب"، لا سيما أن هناك صعوبة في ربط المحطات العائمة المخطط لها للغاز الطبيعي المسال على وجه السرعة، وسيكون هناك نقص حاد في الطاقة بألمانيا خلال فصل الشتاء.
وفي هذا الإطار، أبرزت صحيفة بيلد أنه نتيجة دراسة قدمتها رابطة الاقتصاد البافارية هذا الأسبوع، فقد يؤدي التوقف المفاجئ لإمدادات الغاز من روسيا إلى تراجع الاقتصاد الألماني بنسبة 12,5%، وستتأثر 5,6 ملايين وظيفة في جميع أنحاء ألمانيا.
قد يؤدي التوقف المفاجئ لإمدادات الغاز من روسيا إلى تراجع الاقتصاد الألماني بنسبة 12,5%، وستتأثر 5,6 ملايين وظيفة في جميع أنحاء ألمانيا
وقالت الرابطة، على لسان مديرها العام بيرترام بروسدارت، إن التحليلات جاءت في حال تم وقف التسليم في الأول من يوليو، وفي ضوء الاختناقات الوشيكة، حيث سيتعين ترشيد استخدام الغاز واستبداله.
وفي خضم ذلك، أشارت بيلد إلى أن العواقب ستكون كبيرة، والعديد من القطاعات ستتأثر بشكل مباشر، بما في ذلك صناعة الزجاج ومعالجة الصلب وصناعة الأغذية، وسيتعين عليها قبول خسائر قدرها 49 مليار يورو، كما وسينسحب ذلك على سلاسل الإنتاج والإمداد في الصناعات الأخرى، حيث من المتوقع أن تبلغ الخسائر 144 مليار يورو في النصف الثاني من هذا عام 2022، أي بتراجع اقتصادي نسبته 9,4 %، وسينتج عنها إجمالاً خسائر بقيمة 193 مليار يورو في ستة أشهر.
وفي خضم المخاوف التي يعيشها السكان من نقص الطاقة، والتي قد تغيّر نمط حياتهم بشكل جذري، أبرزت التقارير أن الشركات الألمانية تفكر في الاعتماد على عمل الموظفين مجدداً من المنزل.
وقال رئيس شركة "هينكل" العالمية كارستن كنوبل، في تصريحات لصحيفة "راينشه بوست"، إن "العمل من المنزل سيساهم في خفض استهلاك التدفئة بشكل كبير في المكاتب، ويمكن عندها أيضاً لموظفينا تدفئة منازلهم إلى الحد الطبيعي".
وفي سياق متصل، لم يستبعد عضو مجلس الشيوخ في ولاية هامبورغ المنتمي لحزب الخضر، ينس كيرستان، وضع قيود على الماء الساخن للمنازل في حالة الطوارئ الخاصة في المدينة.
وأضاف كيرستان، في تصريحات لصحيفة "دي فيلت"، أنه "في حال النقص الحاد للغاز، لا يمكن توفير الماء الدافىء إلا في أوقات معينة خلال اليوم".
وأوضح كيرستان أن محطة الغاز الطبيعي المسال المؤقتة في هامبورغ لن تكون جاهزة للعمل قبل شهر مايو/ أيار من عام 2023 ، مشيراً إلى أنه خلال شهر يوليو الحالي "سنعرف ما إذا كانت محطة الغاز المسال المؤقتة في المدينة ممكنة وفي أي موقع سيتم التشييد".
تجدر الإشارة إلى أن محطات تخزين الغاز في ألمانيا ممتلئة حالياً بنسبة 61%، وبحلول فصل الشتاء يجب أن تكون عند 90%، وهذا ما يتطلب تدفقا ثابتا للغاز، لكن في الآونة الأخيرة قامت شركة غازبروم بخنق ضخ الغاز عبر خط أنابيب نورد ستريم 1 في بحر البلطيق، بذريعة صيانة أحد التوربينات يتم العمل على إصلاحه في كندا، علما أنه، وبحسب وزير الاقتصاد الألماني هابيك، فإن ذلك "مجرد عذر، والتوربينات البديلة متوفرة في روسيا".