ماهي سيناريوهات أسواق المال الأميركية في 2025؟

30 ديسمبر 2024
متداولون في سوق وول ستريت، 26 نوفمبر 2024 (تيموثي كلاري/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يتوقع خبراء المال ثلاثة سيناريوهات لأسواق المال الأميركية في 2025: صعود السوق بنسبة 10% أو أكثر، تصحيح كبير بنسبة 10%، أو بقاء السوق عند مستوياتها الحالية، مع استبعاد الانهيار رغم المخاطر الجيوسياسية.
- تتأثر هذه السيناريوهات بعوامل مثل التضخم المرتفع، ارتفاع الدين السيادي، ومخاطر الركود الاقتصادي، حيث يمكن أن تؤدي إلى تصحيح كبير في حال تفاقمها، مع دور حاسم لمعنويات المستثمرين.
- السيناريو الأكثر تفاؤلاً يتوقع مكاسب للأسهم العالمية تتجاوز 20% بشرط استقرار البيئة السياسية وتحسن معنويات السوق، مع التركيز على الاستثمار في التكنولوجيا والطاقة لتحقيق انتعاش مستدام.

يرسم خبراء المال ثلاثة سيناريوهات لتوجهات أسواق المال الأميركية "وول ستريت" وأسعار الأسهم في العام المقبل 2025. أول هذه السيناريوهات هو صعود السوق بنحو 10% أو أكثر. ويتوقع بنك غولدمان ساكس الاستثماري الأميركي تحقيق مكاسب بنحو 10% لمؤشر "ستاندرد أند بورز 500" في العام الجديد، في حين يتوقع بنك "جيه بي مورغان" هدفاً أعلى يبلغ حوالي 6500 نقطة للمؤشر بحلول نهاية العام المقبل.

أما السيناريو الثاني فهو حدوث تصحيح كبير بنحو 10% في أسوأ الأحوال. والثالث هو استمرار السوق في مستوياتها الحالية، ولكنهم يستبعدون احتمال انهيار أسواق المال في 2025، رغم المخاطر الجيوسياسية وتهديدات جمارك ترامب.
وتتأثر هذه السيناريوهات بعوامل اقتصادية وسياسية وسوقية متفاوتة.

ويلاحظ أن سوق وول ستريت تمتعت بارتفاع قوي منذ فوز الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، بإعادة انتخابه في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث ارتفع مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" بنسبة 6% تقريباً في غضون أسابيع من إعلان فوز ترامب بالرئاسة الأميركية، كما كسب المؤشر 26.9% منذ بداية العام وحتى 17 ديسمبر/كانون الأول الجاري، وفق بيانات "وول ستريت".

ولكن كل هذا الارتفاع كان مدفوعاً بمعنويات المستثمرين بفوز ترامب، ولكن اقتصاد ترامب الفعلي سيبدأ في 20 يناير/كانون الثاني 2025. ورغم المخاوف التي تثيرها تصريحاته المتهورة على منصته "سوشال تروث"، فإن ترامب في النهاية "تاجر صفقات" أكثر منه "سياسياً استراتيجياً"، عميق النظر لمستقبل الولايات المتحدة على المدى الطويل، كما أنه يحيط نفسه بمجموعة من الأثرياء الذين يهتمون بارتفاع السوق أكثر من مستقبل أميركا على المدى البعيد.

يضاف إلى هذا العامل التوقعات بأن الأسهم الأميركية ستستمر في التفوق على الأسواق الدولية، بسبب الأرباح القوية للشركات والتقدم في التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي. ولكن رغم ذلك، هناك عدة عوامل يمكن أن تؤدي إلى تصحيح الارتفاعات الكبيرة في السوق إذا حدثت، من بينها مخاوف التضخم والارتفاع الصاروخي في الدين السيادي الأميركي ومخاطر الركود الاقتصادي.

على صعيد التضخم، أعرب المستشار المالي والمصرفي البريطاني المتخصص في إدارة الثروات، مايكل أشلي شولمان، في تحليل في ديسمبر الجاري، عن مخاوفه بشأن استمرار معدلات التضخم أعلى من هدف الاحتياط الفيدرالي البالغ 2%. ودعم السيناريو "بقاء التضخم"، حيث يستمر الغلاء لفترة طويلة.

وشدد شولمان على أن التوترات الجيوسياسية وارتفاع العجز يمكن أن يشكّلا تحدياً للاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أنه على الرغم من أنه لا يتوقع حدوث انهيار في سوق المال الأميركي، إلا أنه يجب على المستثمرين أن يظلوا حذرين من حدوث تصحيح كبير في السوق.

أما بالنسبة للمخاطر الأخرى، فهناك خطر آخر هو الدين السيادي الأميركي المرتفع، واحتمال ارتفاعه بنحو 3.5 تريليونات دولار في السنة المالية الجارية التي بدأت في أكتوبر الماضي، وفق تقرير نشر يوم الخميس في موقع "زيرو هيدج" الأميركي. في ذات الصدد، أثار مؤسس شركة "لينكس إنفسمتنت أدفايزري" الأميركية، بيتر طنوس، إنذارات بشأن التكاليف المتصاعدة المرتبطة بخدمة الدين الوطني، والتي من المتوقع أن تتجاوز 800 مليار دولار في السنة المالية الحالية.

وحذر من أنه إذا طلب المشترون الأجانب للديون الأميركية أسعار فائدة أعلى بسبب المخاوف من الإدارة المالية، فقد يؤدي ذلك إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة، مما قد يخيف الأسواق، ويؤدي إلى تراجع كبير في مؤشرات سوق وول ستريت. 

أما بالنسبة لمخاطر الركود، فقد أشار آدم كونز، من شركة "وينثروب كابيتال مانجمنت" الأميركية، في ديسمبر الجاري، إلى اثنين من المخاطر الرئيسية لسوق الأوراق المالية في عام 2025، وهما إنفاق استهلاكي أقوى من المتوقع يؤدي إلى زيادة التضخم، أو تدهور بيانات التوظيف، مما يؤدي إلى مخاوف الركود. وأشار إلى أن أياً من السيناريوهين يمكن أن يخلق تقلبات في الأسواق المالية.

ولكن على الرغم من هذه المخاطر التي تحيق بأسواق المال الأميركية، يرى خبراء أن التنبؤ بانهيارات سوق وول ستريت أمر بالغ الصعوبة. وتظهر البيانات التاريخية أن الأسواق يمكن أن تظل مرنة حتى في ظل التشاؤم الواسع بشأن فترات الركود أو الانكماش الكبير. على سبيل المثال، رغم التنبؤات بحدوث ركود في منتصف عام 2023، ارتفع مؤشر الأسهم الأميركية الرئيسي. وغالباً ما تلعب معنويات المستثمرين دوراً حاسماً في أداء سوق المال الأميركي.

على صعيد السيناريو الأكثر تفاؤلاً، وهو أن تشهد الأسهم العالمية مكاسب كبيرة، تتجاوز عوائدها 20%، يتوقف هذا السيناريو على تحقق 3 عوامل: الأول هو أن تتجاوز المؤشرات الاقتصادية مستوياتها الحالية، خاصة في الاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والهند واليابان، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة ربحية الشركات ودعم ثقة المستثمرين.

أما العامل الثاني، فهو الاستقرار السياسي، إذ يمكن أن تؤدي البيئة السياسية المواتية، خاصة بعد استلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب زمام الحكم في واشنطن وتمكن من إيجاد حل للحرب الأوكرانية. أما العامل الثالث فهو معنويات السوق. ويرى محللون أن الانخفاضات الحادة الأخيرة في أسعار الأسهم تخلق فرص شراء للمستثمرين الذين يتوقعون التعافي.

وتشير البيانات التاريخية إلى أنه بعد الانخفاضات الكبيرة التي أعقبت أعلى مستويات السوق الصاعدة، تميل الأسهم إلى الارتداد بقوة. ويعتبر هذا السيناريو محتملاً لأنه يتناقض مع التشاؤم السائد بين المستثمرين الذين لا يتوقعون مثل هذا النمو القوي. في هذا الصدد، توقع كبير استراتيجيي الأسهم الأميركية في بنك غولدمان ساكس، ديفيد كوستين، في تحليل في ديسمبر الجاري، إمكانية ظهور سوق صاعدة في عام 2025 مدفوعة بالتقدم التكنولوجي وزيادة النفقات الرأسمالية من قبل الشركات.

وأضاف: "بينما تستثمر الشركات في الابتكار والكفاءة، نتوقع تسارع نمو الأرباح، وهو ما كان تاريخياً مقدمة لأسواق صاعدة مستدامة".

من جانبه، أعرب الرئيس التنفيذي للاستثمار في مصرف مورغان ستانلي، مايكل ويلسون، في تحليل في نوفمبر الماضي، عن تفاؤله بشأن احتمالية حدوث سوق صاعدة في عام 2025، مشيراً إلى أرباح الشركات القوية وقاعدة المستهلكين المرنة كمحركات رئيسية. ويعتقد أنه إذا استمر التضخم في الاعتدال وحافظ بنك الاحتياط الفيدرالي على سياسة نقدية داعمة، فقد تشهد الأسهم ارتفاعاً كبيراً.

 وقال ويلسون: "إن الجمع بين تحسّن الظروف الاقتصادية وأسعار الفائدة المواتية يمكن أن يمهد الطريق لسوق صاعدة قوية". في ذات الصدد، أبرزت استراتيجية الاستثمار في شركة تشارلز شواب، ليز آن سندرز، أن الأنماط التاريخية تشير إلى أنه بعد فترات التقلب، غالباً ما تنتعش الأسواق بقوة. وأشارت إلى أنه "نظراً لتصحيحات السوق الحالية وميل معنويات المستثمرين نحو الحذر، فقد نكون على أعتاب مرحلة سوق صاعدة جديدة، حيث تصبح التقييمات أكثر جاذبية". وشددت سندرز على أهمية تحويل القطاع إلى مجالات النمو مثل التكنولوجيا والطاقة.

المساهمون